Author

الصحافة الذكية 3

|

تناولت في الجزأين الأول والثاني أثر التطورات التقنية في صناعة الإعلام وانعكاسه على المؤسسات الإعلامية التي أخذت تظهر على ثلاثة أشكال: الأول استسلم وأصبح من التاريخ ولا حديث لنا معه اليوم إلا ما يتاح من ذكريات وقصص الكفاح وعكسه الثاني الذي تنبأ مبكرا وتعامل بثقة وواصل العمل وتماهى مع المتغيرات لكنه موضوع الجزء المقبل، أما الشكل الثالث فهي المؤسسة الإعلامية التي ما زالت تصارع فكرة التغيير وهي موضوعنا اليوم.
إن من المقلق الحديث عن تجديد العقل الصحافي أو محاولات الإقناع بضرورة التحول ونحن على بعد خطوات من "6G" حيث عالم لا متناه من المعلومات والبيانات ما يجعل هاتفا واحدا قادرا على ابتلاع معلومات صحيفة يمتد عمرها إلى ١٠٠ عام، وفي الجوار نجد الروبوتات بدأت في التعلم الذاتي، بل أصبحت تلعب الشطرنج فيما تشهد منصة فيسبوك حاليا 30 مليار عملية تقنية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي بحسب البروفيسور يورجن شميدهوبر رئيس مبادرة الذكاء الاصطناعي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
المسكنات التي تمارسها المؤسسات الإعلامية حاليا تطيل عمر المريض لكنه لن يغادر فراش الموت، ومهما قاومت ذلك سواء من خلال تأجير الأصول أو بيعها أو تقليص عدد الموظفين فهي علاجات مؤقتة وليست جذرية والمطلوب هو التعامل مع الواقع وسرعة التعلم من دروس الماضي والتفكير في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوطين خوارزمياتها وقد بدأ بالفعل عديد من الشركات والمؤسسات الصحافية خصوصا في أمريكا والصين بتطبيق أدوات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي أبرزها وكالات أسوشيتد بريس وشينخوا ورويترز والأخيرة لديها القدرة على صناعة وإنتاج الخوارزميات ذاتيا.
لكن حتى يطمئن زميل المهنة فإن المجتمعات عندما اجتاحتها كورونا لم تكن مستعدة بما يكفي لأن تعتمد على مصادر أخرى أو أدوات أخرى غير المصادر والأدوات الإعلامية التقليدية وشاهدنا كيف واجهت الحكومات والمنظمات خطر العبث بمصادر الأخبار أو المعلومات المزيفة ونستطيع ضرب قائمة لا تنتهي من الأمثلة وآخرها عودة الجماهير إلى الصحف ووسائل الإعلام عند جائحة كورونا بل صدور قرارات رسمية بعدم الأخذ بأي معلومة صادرة من غير وسائل الإعلام الرسمية لأنه في حال غياب تلك الوسائل المهنية تجد الجهات المختصة صعوبات في نقل المعلومات للناس ما يزيد خطر انتشار المعلومات المغلوطة والضارة عبر مواقع التواصل.

إنشرها