FINANCIAL TIMES

العملة القوية خير لأسهم أوروبا من العملة الضعيفة

العملة القوية خير لأسهم أوروبا من العملة الضعيفة

يمكن رؤية آثار أزمة الطاقة الأوروبية عبر جميع الأصول، ولا سيما العملات. كان اليورو يمضي متخبطا حول مستوى التكافؤ مع الدولار، وهو أدنى مستوى له منذ عقدين. في الوقت نفسه كان الجنيه الاسترليني يحوم حول أدنى المستويات التي شوهدت عند أسوأ نقطة خلال الجائحة.
كانت قوة الدولار في الأشهر الأخيرة نتيجة جزئية لتشديد السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي، لكنها أيضا نتيجة لمرونة الاقتصاد الأمريكي الكبيرة، أو بعبارة أخرى، هشاشة أوروبا. قد تستهلك الأسرة الأمريكية المتوسطة طاقة أكثر بكثير من الأسرة الأوروبية المتوسطة، لكن على عكس أوروبا، الولايات المتحدة تتمتع بميزة الاستقلال في مجال الطاقة.
مع ذلك، يمكن أن يكون لتعديلات الصرف الأجنبي هذه بعض المنافع. يجب أن يكون لانهيار العملات الأوروبية جانب إيجابي، خاصة للشركات العالمية التي لها رأسمال كبير. مؤشر ستوكس 600 يستمد 40 في المائة فقط من عوائد مبيعاته من أوروبا نفسها، بينما يأتي ربعها تقريبا من أمريكا الشمالية، وأكثر بقليل من 20 في المائة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ والباقي من أسواق ناشئة أخرى. في الواقع، كدولة واحدة، تمثل الولايات المتحدة أكبر انكشاف للشركات الأوروبية المدرجة ذات رؤوس الأموال الكبيرة، أكبر من انكشاف المبيعات الألمانية والفرنسية مجتمعتين.
بالنسبة إلى الشركات العالمية انخفاض العملات يعني شيئين. أولا، قد تبدو المبيعات والأرباح التي تجنيها من أعمالك خارج البلاد جيدة جدا عندما تحولها إلى عملة موطنك بالفعل. ثانيا، إذا كنت تنتج في أوروبا وتصدر إلى الولايات المتحدة "وأسواق الدولار الأخرى"، فستجد أن التكلفة التنافسية تتحسن. عبر التاريخ كان كل هبوط بنسبة 10 في المائة في العملات الأوروبية يضيف ما يقارب 2 إلى 3 في المائة إلى أرباح السهم في مؤشر ستوكس 60.
لقد رأينا تأثير تحركات الصرف الأجنبي في عوائد الشركات الأوروبية هذا العام، ارتفعت تقديرات الأرباح للشركات الأوروبية التي لها انكشاف لمبيعات الولايات المتحدة بنسبة تزيد 10 في المائة ـ أعلى كثيرا من أكثر الشركات المنكشفة محليا. في الحقيقة، تعد الأرباح الخارجية للشركات التي لها رأسمال كبير أحد أسباب صمود عائد السهم الأوروبي بشكل جيد هذا العام، على الرغم من التدهور الحاد للأعمال ومعنويات المستهلك.
إذا كان هناك أي شيء، فإن التأثير أكبر في المملكة المتحدة. تجني شركات مؤشر فاينانشيال تايمز 100 ثلاثة أرباع مبيعاتها وأرباحها خارج المملكة المتحدة ـ حصة كبيرة من هذا بالدولار. يكسب المستثمرون مباشرة أيضا، لأن 40 في المائة من توزيعات أرباح "فاينانشيال تايمز 100" تدفع بالدولار. ما يضاعف ميزة هذه العملة، أن لسوق الأسهم البريطانية انكشاف مرتفع نسبيا للشركات المرتبطة بالسلع، التي استفادت من ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة. لذا، ليس من المفاجئ أن شركات فاينانشيال تايمز 100 تفوقت على أغلب مؤشرات الشركات الممتازة هذا العام، على الرغم من أن اقتصاد المملكة المتحدة لم يفعل ذلك بالتأكيد.
لكن يجب تخفيف الحماس بشأن الأخبار الجيدة. الانخفاضات في العملات الأوروبية هي نتيجة لنقص التنافسية الذي تمر به المنطقة بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة. ضعف اليورو، وهذا لم يساعد الموقف التجاري لألمانيا الذي كان في حالة تدهور.
أيضا، تعاني الشركات الصغيرة والمحلية تكاليف مدخلات أعلى وهوامش أقل. ارتفع سعر السلع المستوردة للشركات الألمانية 40 في المائة مقارنة بما كان عليه في بداية 2020. أما بالنسبة إلى الشركات الأمريكية فإن سعر السلع المستوردة ارتفع 16 في المائة فقط خلال الفترة نفسها. علاوة على ذلك، العملات الهابطة تعني أن عملاءك يعانون أيضا الأسعار المرتفعة بسبب جميع السلع المستوردة والطاقة في عربات تسوقهم. انخفض مؤشر رأس المال المتوسط "إم دي إيه إكس" الألماني 26 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، محسوبا باليورو.
لنأخذ خطوة إلى الوراء، عندما تكون العملات الأوروبية قوية، يسأل المستثمرون عادة عما إذا كان ذلك يعوق الأرباح والتنافسية في المنطقة. الحقيقة هي أن العملات الأوروبية عادة ما تكون قوية عندما يكون النمو الاقتصادي قويا والمخاطر منخفضة، فالأموال تتدفق إلى أوروبا والمستثمرون يكونون متحمسين بشأن الفرص. إضافة إلى أن العملات القوية تميل إلى السيطرة على التضخم. عادة ما تكون هذه لحظات مناسبة للاستثمار في سوق الأسهم الأوروبية.
والعكس صحيح، عندما تضعف العملات الأوروبية، مثلما حدث هذا العام، لا تكفي إيجابيات التنافسية وأثر تحويل المال على العوائد الخارجية لتعوض أسباب انخفاض العملة في المقام الأول. تكون هذه الأسباب في العادة نموا ضعيفا ومخاطر متزايدة، مثل ما يتعلق بالسيادة أو الطاقة. بالنسبة إلى أغلب المستثمرين، والشركات، والمستهلكين في أوروبا، فإن استعادة العملات بعض ما فقدته يعد أخبارا مرحبا بها.

*استراتيجية أوروبية في بنك جولدمان ساكس

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES