Author

خواطر اليوم الوطني

|
على أرض الواقع، يعكس الاحتفاء الشعبي باليوم الوطني السعودي تزايد نضج مفهوم المواطنة والوطن، ورغم حداثة التجربة نسبيا - تجربة الإجازة في هذا اليوم والاحتفال الرسمي والشعبي - إلا أنها قطعت مسافة معقولة للابتعاد عن مغالطات مست مفهوم المواطنة أو فكرة الوطن، وحاولت في فترة ما إجهاضها لأنها تقوض عروشا بناها أصحاب هذه المغالطات في الوجدان الجمعي، وهذا ما كان ولله الحمد، تقويض الوهم، وعيش الحقائق.
المواطنة عند استيعابها بأبعادها المختلفة زادت دافعية الإنسان السعودي ليكون أكثر فاعلية، وتناغما على المستوى الاجتماعي وتقبلا لتطورات كانت بعض المخيلات تصورها عمدا على أنها كوارث وانتكاسات، لتكشف الممارسة الفعلية المدعومة بقرار سياسي وتقبل اجتماعي، أن كل ذلك كان محض افتراء واجتراء على التفكير نيابة عن الناس. هذه الأيام تموج الذاكرة الجماعية في السعودية والعالم بأهم قصة وحدة وتوحيد في القرن الـ20، وتموج ذاكرة أهل مهنتي الكتابة والصحافة بالتطورات التي حدثت على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية وإلى حد ما الثقافية، فتصعب عليهم مواكبة كل ذلك بكتابة مختصرة تلخص هذا الحب العارم للوطن، وهذا الشغف بالمواطنة، والتغير النوعي في المنجز، وطريقة وأسلوب الإنجاز.
كأننا اليوم بين إرث قديم في الخطاب والاتصال الجماهيري بهذه المناسبة، وثورات أداء، وتفكير، وعقلانية في كثير من مناحي حياتنا، بين صراع داخلي شهدته ذوات، حاول خطاب مرحلة ما هز مفهوم الوطن والوطنية والمواطنة، وبين انتصار البصيرة الجماعية التي حفزتها رؤية جديدة لكيف يكون الوطن، وعليه كيف تكون المواطنة، وعليهما يستعاد ثبات الوطنية في النفس.
حسنا، إننا لسنا بين وبين، ملنا إلى الكفة الراجحة عقلا، بل حتى عاطفة، وسنميل من أي حديث يتناول اليوم الوطني بهشاشة أسلوب تكشف ضآلة تفكير، نريد خطابا يواكب اتقاد كل هذه المشاعل التي منحها الوطن للمواطنين، واشتعلت بوقود من حب الناس، وآمالهم، وطموحاتهم، وثقتهم بوطن أقوى، أجمل، تضيء قيادته الدرب نحو المستقبل.
في مسيرتنا الصاعدة نحو القمم الجديدة تبنينا مفاهيم جديدة، تخلصنا من مفاهيم لا تلائمنا، وبلورنا بعض المفاهيم على نحو يجعلها أكثر تأثيرا في حياتنا وأكثر قدرة على تمثيل هويتنا وتنوعها ومن ثم تناغمها أو امتزاجها في هويتنا الوطنية الكبرى الجامعة.
الإنسان السعودي يعيد تموضعه، والمملكة العربية السعودية تعيد تموضعها على خريطة العالم وتصنيفاته، وكل عام يأتي يوم الوطن وعزيمتنا أقوى للوصول إلى الأفضل والأجمل لنا أولا، ثم لهذا العالم والكوكب الذي يستضيف الجميع.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها