Author

التصميمات البيئية

|

يعد المنزل أو المأوى ضرورة من ضروريات الحياة التي لا غنى لأي كائن حي عنها، ولذا فاتخاذ المساكن والتفكير في طريقة تصميمها وبنائها قديمة قدم الإنسان نفسه. وقد توقف ذلك على عدة عوامل من أهمها، الإمكانات المتوافرة وطبيعة المنطقة والبيئة التي يعيش فيها المتفاوتة تفاوتا كبيرا بين مناطق صحراوية جافة أو صخرية جبلية أو ساحلية رطبة إلى غير ذلك. وبالطبع يصحب هذه البيئات المختلفة تفاوت كبير في درجات الحرارة ومعدل هطول الأمطار، فكان لا بد عند تصميم المنازل من مراعاة كل هذه العوامل تبعا للخصوصية البيئية لكل منطقة.
ثم أخذت التصاميم البيئية والعمارة تتطور تبعا لظروف الإنسان وحاجاته الاجتماعية والتغيرات التي طرأت على بيئته، ما اضطره إلى اتخاذ أنماط جديدة وأفكار ابتكارية حين التخطيط لبناء منزله واضعا في اعتباره تحقيق عدة عناصر من أبرزها، حمايته من تقلبات المناخ وتأثير البيئات الخارجية وإيجاد بيئة داخلية مريحة. وبالنظر إلى ما تتخذه الكائنات الحية من أساليب لبناء مأوى لها فسيأخذنا العجب، حيث تلاحظ دقة مراعاتها لطبيعة تكوينها وأسلوب معيشتها، فمثلا تعتمد الطيور في بناء أعشاشها على شكل هندسي محدد مثل الكرة أو القبة أو الكأس أو أشكالا هندسية نصفية، تتناسب مع مساحة المكان، وعلى الرغم من استخدامها مواد خفيفة الوزن متوافرة حولها، فإنها تنتج بناء معقدا ونسيجا متشابكا يوفر لها الراحة والحماية. العنكبوت ينسج خيوطه بأسلوب هندسي رائع وبأشكال مختلفة تتلاءم مع طبيعة المكان المحيط ببيئته.
أما النحل فبيوتها رمز للإعجاز، إذ تبنيها بشكل غاية في الدقة والإتقان بأشكال سداسية متراصة اعتمد مثلها الإنسان حين تصميمه أجنحة الطائرات. وهكذا نجد الإبداع في بيوت النمل التي تحمي نفسها من حرارة الشمس في جعل جحورها تتجه من الشمال إلى الجنوب.
أما الأرانب فتتخذ جحورا بطريقة هندسية بديعة وتجعل أكواما أمام المداخل لتحميها من العواصف. اليربوع "الجربوع" هذا الكائن الصحراوي الصغير الجميل لم يكتف أن جعل بيته تحفة بديعة من الداخل ومغلقة بطريقة مذهلة، بل زاد على ذلك أن عمل مخرجا للطوارئ يبعد بمسافة عن المدخل، فسبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. من هنا كان لزاما على الإنسان أن يكون منزله متناغما مع البيئة غير متصادم معها وهو مع الأسف ما نفتقده في الأنماط الحديثة للبناء.

إنشرها