FINANCIAL TIMES

كيف تعيق اتفاقيات التأجير المكلفة التحول إلى السيارات الكهربائية؟

كيف تعيق اتفاقيات التأجير المكلفة التحول إلى السيارات الكهربائية؟

لكي تصبح السيارات الكهربائية سائدة، يجب أولا أن تصبح ميسورة التكلفة. تخطط عشرات الدول، بداية من المملكة المتحدة إلى فرنسا والنرويج، لإيقاف بيع سيارات محركات الوقود تدريجيا بحلول 2040، أو قبل ذلك.
لكن بدائلها، السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات إلى حد كبير، لا تزال باهظة الثمن. قالت مريم براسينجتون من مجموعة لويدز المصرفية، أكبر مقرض للسيارات في المملكة المتحدة، إن هناك "فجوة كبيرة بين من يمكنهم شراء سيارة كهربائية ومن لا يمكنهم".
لا يرجع هذا إلى تكنولوجيا البطاريات الباهظة فحسب، بل يرجع أيضا إلى تحفظ المصارف على جعل اتفاقيات التأجير أرخص. هذه الصفقات تهيمن على السوق. في المملكة المتحدة، يتم شراء تسعة من أصل عشرة سيارات جديدة باستخدام عقد إيجار أو ما يشابه ذلك.
قبل أن يحدد الممولون ما يجب أن يتقاضوه من السائقين في صفقة التأجير، حيث يتعين عليهم حساب القيمة المتبقية للسيارة - القيمة المتوقعة للمركبة في غضون ثلاثة أو أربعة أعوام عندما تنتهي الاتفاقية. مشكلات حساب القيم المتبقية، أو أسعار السيارات المستعملة في المستقبل، مسؤولة جزئيا عن استمرار ارتفاع أسعار تأجير السيارات الكهربائية.
هذا بسبب قلة البيانات التي يمكن الاستناد إليها في تحديد هذه الأسعار، على عكس السيارات التي تعمل بمحرك احتراق الوقود، حيث يستخدم التجار الأميال المقطوعة وتاريخ الخدمة في سوق راسخة لمنح السيارة قيمة سيارة مستعملة في المستقبل.
يعني هذا النظام أنه بدلا من الدفع المباشر، كان معظم مشتري السيارات التي تعمل بالمحركات في أوروبا يشترونها باستخدام الائتمان عبر صفقة تستند إلى الانخفاض المتوقع في قيمة السيارة.
مثلا، إذا خسرت سيارة ثمنها 35 ألف جنيه استرليني 12 ألف جنيه من قيمتها على مدى ثلاثة أعوام، فلا يتعين على المشتري سوى تمويل 12 ألف جنيه استرليني وليس التكلفة الإجمالية الكاملة للمركبة. هذا يعني أن السيارة التي تنخفض قيمتها بسبب الاستهلاك لها قيمة متبقية أعلى ودفعة إيجار شهرية أقل.
كان هذا الاتجاه عاملا رئيسا في نمو العلامات التجارية المتميزة مثل "بي إم دبليو" و"مرسيدس"، اللتين أصبحت سيارتهما ميسورة التكلفة لأنها تحتفظ بقيمتها بشكل أفضل من الطرازات في السوق الشاملة.
لذلك، التقليل من انخفاض قيمة السيارات الكهربائية هو المفتاح لجعل السيارات التي تعمل بالبطاريات باهظة الثمن في الغالب في متناول المستهلكين بشكل أكبر. تأتي البطارية في قلب المعادلة. قال أشواني جوبتا، رئيس العمليات في شركة نيسان، "تذكر أن البطارية هي أهم الأصول لتحسين القيمة المتبقية للسيارة".
قال في قمة صحيفة "فاينانشال تايمز" لمستقبل السيارات في أيار (مايو) الماضي، "عندما ننظر إلى العملاء الذين يقودون سيارة ليف Leaf الكهربائية منذ 2010، وعندما نتحقق من حالة البطارية، حتى بعد أعوام، نجد نطاقا يراوح بين 85 إلى 90 في المائة".
واحدة من المزايا المهمة للسيارات الكهربائية التي تساعدها على الاحتفاظ بقيمتها هي العدد الأقل من الأجزاء المتحركة، وبالتالي انخفاض تكاليف الصيانة.
قال سيمون إنجلك، مؤسس شركة باتري أسوشيتس، مجموعة استشارية تقدم دورات تعليمية بشأن السيارات التي تعمل بالبطاريات للمديرين التنفيذيين في الصناعة، "عادة، لا يوجد كثير لاستبداله، هناك صيانة أقل مقارنة بالسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي".
الشهر الماضي، قالت مجموعة هيرتز لتأجير السيارات، التي بدأت أخيرا في إدخال سيارات كهربائية من شركتي تسلا وبولستار في أسطولها، إن تكاليف صيانة السيارات تراوح بين 50 و60 في المائة تقريبا مقارنة بما ينفقونه على السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي، مع إنفاق "أعلى قليلا" على الإطارات الإضافية لأن السيارات تميل إلى أن تكون أثقل.
قال كبير المسؤولين الماليين، كيني تشيونج، للمستثمرين، "نحن نرى أن معدل الاستهلاك على السيارات الكهربائية أقل من السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي". السؤال المهم هو لماذا لا يترجم الوعي المتزايد بطول عمر البطارية على الفور إلى أسعار إيجار منخفضة للسيارات الكهربائية، التي لا تزال مكلفة للغاية.
السبب الرئيس في ذلك هو إحجام المصارف، التي تقف وراء الاستهلاك هذا، عن خفض التكاليف. مع وجود كم ضئيل من البيانات لتحديد القيم المستقبلية للسيارة الكهربائية، أو القيم المتبقية، قاوموا خفض أسعار التأجير.
قال مايك تود، رئيس قسم الخدمات المالية في شركة فولكس فاجن في المملكة المتحدة، إن هناك القليل نسبيا من البيانات المتاحة عن السيارات المستعملة التي تعمل بالبطاريات. قال، "يمكنني مشاركة بيانات عن مئات الآلاف من السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل، لكن لدينا حجم عينة صغير جدا من السيارات الكهربائية".
مع ذلك، فإن أحجام العينات تتزايد باعتبارها الأولى في الجيل الأخير من السيارات الكهربائية، مثل سيارة شركة فولكس فاجن أي دي 3 التي تم طرحها للبيع في 2019، وبدأ يتم بيعها في سوق السيارات المستعملة، ما يسمح للممولين بقياس جودة بطاريتها. قال، "الأسعار التي تجلبها سيارات أي دي 3 مشجعة وستدخل في إعادة تحديد القيم المتبقية اليوم".
مع ذلك، أحد العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الإهلاك للمركبات الكهربائية، كما يضيف تود، هو التقدم المستمر في تكنولوجيا البطاريات، ما يعني أنه قد يكون من الصعب بيع الطرازات القديمة.
قال، "إذا اشتريت سيارة جديدة تعمل بالبنزين اليوم، لن تكون التكنولوجيا في غضون ثلاثة أعوام مختلفة عن السيارات التي تعمل بالبنزين اليوم". مضيفا أنه في غضون ثلاثة أعوام، فإن النطاق أو الكفاءة المحسنة في السيارة الكهربائية الجديدة قد يجعل الطرازات القديمة تبدو أقل جاذبية بالمقارنة.
في النهاية، سيستغرق الأمر وقتا - يقدره تود بأنه ثلاثة إلى أربعة أعوام - لتكوين بيانات كافية لإقناع الممولين بالقفز وزيادة القيم المتبقية للمركبات الكهربائية، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى خفض أسعار التأجير. قال، "عندها، سيكون لدينا ما يكفي من البصيرة لنكون واثقين من تحديد القيمة المتبقية".
كثير من الشركات "تمويل قروض العملاء" التابعة للشركات المصنعة للسيارات، مثل "فولكس فاجن فاينانشال سيرفيس" أو "فورد كريدت"، هي أيضا محركات أرباح كبيرة لشركاتها الأم. حققت ذراع شركة فولكس فاجن ربحا قدره ثلاثة مليارات يورو في النصف الأول من هذا العام، في حين حققت شركة فورد 1.7 مليار دولار.
دفع هذا البعض في الصناعة إلى المجادلة بأن المقرضين لديهم على الأقل بعض الحافز لعدم دفع التحول إلى السيارات الكهربائية، ما سيؤدي إلى أرباح أصغر قصيرة الأجل، بشكل أسرع من اللازم.
أدى ذلك إلى ظهور موجة جديدة من شركات التأجير الصغيرة التي تؤجر السيارات الكهربائية فقط، التي تهدف إلى استغلال ما يشعرون أنه فجوة في السوق.
جادلت فيونا هوارث، الرئيسة التنفيذية لشركة أكتوبس للمركبات الكهربائية، ذراع تأجير السيارات الكهربائية لشركة أكتوبس إنرجي التي تعمل في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، "لا تزال السوق متحفظة نسبيا بشأن قيم السيارات المستعملة".
"لكنهم لا يشعرون بالراحة لاتخاذ هذه الخطوة. إذا كنت على استعداد لأن تكون أكثر شجاعة وأن تحدد القيم المتبقية بطريقة قوية، سيؤدي ذلك إلى انخفاض السعر الشهري".
إضافة إلى فواتير الصيانة المنخفضة، فإن قواعد العرض والطلب الصارمة ستعزز أيضا القيم المتبقية للسيارات المستعملة، حسب توقعات هوارث.
قالت، "كان هناك 200 ألف مركبة كهربائية جديدة في المملكة المتحدة العام الماضي، ولن تدخل سوق السيارات المستعملة إلا بعد مرور ثلاثة أعوام". أضافت أنه بحلول ذلك الوقت، سيكون عدد الأشخاص الذين يسعون للحصول على مركبات كهربائية مستعملة مرتفعا جدا لدرجة أن السيارات المتاحة "لن تلامس جانب" مستوى الطلب.
الشهر الماضي وحده، كان هناك أكثر من خمسة ملايين مشاهدة على موقع أوتو تريدر لإعلانات السيارات الكهربائية المستعملة، وفقا للسوق الإلكترونية.
في حين أن السيارات الكهربائية ذات القيمة الأفضل قد تكون أخبارا جيدة للمشترين الجدد الذين يجنون فوائد المدفوعات الشهرية المنخفضة، فهذا يعني أن السيارات ستكون أغلى سعرا عند دخول سوق السيارات المستعملة.
من المرجح أن يدفع هذا مشتري السيارات المستخدمة، الذين يستخدمون في الغالب النقد أو القروض المصرفية بدلا من الصفقات المالية القائمة على الاستهلاك، إلى التأجير.
قال تود من شركة فولكس فاجن فاينانشال سيرفيز، "نحن نشهد نموا كبيرا في تمويل السيارات المستعملة". يقدر أن نحو نصف السيارات المستعملة التي باعتها شركة فولكس فاجن ممولة، بارتفاع من 35 في المائة "قبل بضعة أعوام".
إضافة إلى ذلك، فإن قيمة السيارات المستعملة التي استخدمها شخصان أو أكثر، العامل الذي سيحدد المبلغ الذي يدفعه مشترو السيارات المستعملة على الإيجار الشهري، أقل وضوحا بكثير. بل إن قاعدة البيانات الخاصة بالسيارات التي يزيد عمرها على ستة أعوام أقل عمقا.
قال تود، "لسنا متأكدين من قيمة السيارة عندما يكون عمرها خمسة أو ستة أعوام، لذا فإن فكرة تغطية مخاطر القيمة المتبقية، يمكن أن تكون عاملا أيضا".
كثير من الشركات المصنعة، وإدراكا منها لهذا الأمر، تقدم الآن ضمانا على البطارية مدته ثمانية أعوام. لكن المستهلكين ما زالوا بحاجة إلى اليقين - وهم على استعداد للدفع مقابله.
قال باتريك كريسويل، المدير الإداري لشركة فيوتشر موشون الاستشارية، إنه في أحد الأمثلة، دفع المستهلكون في الولايات المتحدة ألفي دولار إضافي مقابل سيارة كهربائية تحتوي على شهادة جودة للبطارية أكثر من تلك التي لا تحتوي على شهادة.
أضاف، "إحدى الركائز الأساسية هو جعل السيارات الكهربائية المستعملة شيئا جذابا يمكن للناس شراؤه بثقة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES