Author

الاحتكار في سوق السيارات

|

كاد المستهلكون أن يتنفسوا الصعداء بعد إعلان هيئة المنافسة أنه تم اختبار هوامش أرباح الموزعين المحليين للسيارات في السعودية، مقارنة بالدول المرجعية المختارة، وأن النتائج أكدت أن هوامش أرباح الموزعين في السوق المحلية أعلى من نظيراتها في الدول الأخرى.
أقول "كاد" لأن قراءة آخر التقرير الإعلامي المنشور عن الدراسة المهمة والمميزة التي أعدتها الهيئة تضمن توصيات أحسبها إنشائية أكثر منها إجرائية فقد أوصت الهيئة بتعزيز إنفاذ نظام المنافسة بالتركيز على السلوكيات المناهضة للمنافسة والحد من انتشارها عبر سلسلة القيمة، وبدعم السياسات من خلال معالجة التداخلات أو التعارضات في سياسات وأنظمة الجهات المنظمة للقطاع والأسواق الثانوية، وبالتحضير للمستقبل بتقديم مجموعة من الإرشادات الداعمة لدور الهيئة العامة للمنافسة في تشجيع المنافسة العادلة في قطاع السيارات.
كنت أتمنى أن تكون التوصيات عملية ومباشرة مثل التوصية للجهات المختصة بفتح تحقيق في أوضاع القطاع، أو زيادة السماح للمواطنين باستيراد سياراتهم من وكلاء إقليميين هوامش أرباحهم مثلما أثبتت الدراسة أقل من الوكلاء المحليين، أو حتى اقتراح السماح للوكلاء والمستوردين الإقليميين بالاستيراد والتوزيع في المملكة لإيجاد منافسة أكثر عدلا.
ما كشفت عنه الهيئة مهم، ويعرفه أغلبنا، وتأتي أهميته من مستوى الشفافية والإفصاح الذي قدمته الهيئة مشكورة، ومستوى الصراحة والمباشرة في وصف الحال فهي قالت رسميا إن "خدمات ما بعد البيع لموزعي السيارات في السعودية تحقق هوامش أرباح أعلى من مبيعات السيارات، ما يجعل لدى مصنعي المعدات الأصلية أو الموزعين الحافز لربط خدمات الصيانة للعملاء بالمراكز المعتمدة لديهم فقط".
وهي أيضا قالت إن "نتائج تحليل الوضع الراهن لقطاع بيع السيارات وخدمات ما بعد البيع وقطع غيار السيارات أسفرت عن أبرز المؤشرات المحتملة لوجود ممارسات احتكارية تتلخص في اتفاقيات التوزيع الحصرية"، و"التلاعب بعطاءات أسطول السيارات الذي قد ينتج عنه تأثير سلبي على ظروف المنافسة: حيث إن معظم مبيعات الأسطول تفتقر إلى الشفافية عندما يتم الاتفاق على عدد كبير من المبيعات قبل الإطلاق الرسمي لعمليات المناقصات. وقد أشار خبراء السوق إلى عدم وضوح عملية التقييم والترسية للمناقصات، ما يؤدي إلى تقييد المنافسة".
ارتفاع شكوى الناس من احتكار موزعي السيارات ومبالغتهم في الأسعار، وممارساتهم غير العادلة حقيقي وأثبتته دراسة علمية ميدانية من جهة حكومية متخصصة، وإذا كانت الحال هكذا فما نحتاج إليه هو عدة قرارات حاسمة وفورية التنفيذ لحماية المستهلكين، وأيضا حماية سمعة السوق في بلادنا.

إنشرها