Author

«رؤى المدينة» وتنوع خريطة الاستثمار

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
ضخامة في المشاريع وتنوع في طبيعتها وتوزيع للفرص في مختلف المناطق والتركيز على عنصر الجذب في كل منطقة وكفاءة المشاريع من اختيار المكان إلى إتمام التنفيذ، أبرز ملامح خريطة الاستثمار في المملكة، حيث إن الفترة الماضية كانت الفرص الاستثمارية محدودة جدا ما ولد نوعا من التضخم الكبير في فترات الرخاء في الأصول الاستثمارية بما في ذلك الاستثمار في الأسهم أو القطاع العقاري، وهذا مشاهد في كل طفرة تشهدها المملكة ما يولد تبعات سلبية بعد الاستقرار وينعكس أثرها في بعض المستثمرين، وبالتالي عدم الاستدامة في البرامج الاستثمارية، إضافة إلى ارتفاع المخاطر على الاستثمار. واليوم ونحن نشهد طفرة للاقتصاد الوطني وتضخما في بعض الأصول يتم إعلان مشاريع استثمارية نوعية للاقتصاد الوطني، التي كان أبرزها مشروع رؤى المدينة الذي أعلنه ولي العهد ـ حفظه الله ـ وهي شركة قابضة وإحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، وتعنى بالتخطيط الحضري الحديث، والمشاريع التنموية الشاملة التي تثري تجربة سكان المدينة المنورة وزوارها، وهو مشروع يقام على مساحة مقدارها مليون ونصف متر مربع وحجم المباني فيه يصل إلى نحو أربعة ملايين و900 ألف متر مربع وفيها 47 ألف متر مربع من وحدات الضيافة تستوعب 149 ألف زائر، ويمكن لها أن تولد من الوظائف بمقدار 93 ألفا، وقد يكون هناك عدد أكبر من الوظائف غير المباشرة التي يستفيد منها ساكنو مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وغيرهم من سكان المملكة، في خدمات تتعلق بالنقل والتقنية وغيرها.
يتميز مثل هذا المشروع ومشاريع أخرى في مدن المملكة مثل مكة والرياض وجدة وشمال غرب المملكة وجنوب المملكة، بأنها مشاريع تعيد تشكيل شكل المدن الرئيسة في المملكة بما يعزز من جاذبيتها لمختلف أنواع الزيارة والإقامة، سواء كانت للحج والعمرة أو الإقامة الدائمة أو السياحة أو الأعمال والتجارة والخدمات اللوجستية، باعتبار أن المملكة لديها عناصر جذب مميزة في كل هذه المجالات، ووجود مثل هذه المشاريع سيزيد من الفرص الاستثمارية في تلك المناطق ويزيد من توزيع خريطة الاستثمار بما يولد مزيدا من الفرص لأبناء المملكة وللمستثمرين من مختلف دول العالم.
هذه المشاريع النوعية التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة تعزز من تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وذلك ببلوغ حجم الصندوق تريليوني دولار ليكون الأضخم أو من أضخم الصناديق الاستثمارية في العالم، وليولد مشاريع جاذبة للسوق في المملكة وليكون أحد روافد السوق المالية التي يتوقع أن يصل بها حجمها إلى المرتبة الثالثة عالميا بضخ مزيد من الفرص الاستثمارية من خلال المشاريع التي يقدمها صندوق الاستثمارات العامة ويطرحها للاكتتاب العام ويتم تداولها في السوق المالية في المملكة.
لا شك أن هذه البرامج الطموحة التي بدأنا نلمس طلائعها من خلال المشاريع القائمة في شمال غرب المملكة ومشاريع يتم العمل عليها بحراك لا يتوقف في مختلف المدن، والتركيز على أن يكون القطاع الخاص أحد أهم الروافد لإنجاز هذه المشاريع وهي داعم كبير لتوليد الوظائف لأبناء هذا الوطن وفرص للمواهب للعمل داخل المملكة، وأحد أهم نتائج هذا الحراك هو توليد الفرص الاستثمارية للمواطنين، سواء من خلال الاستفادة من هذه المشاريع والمشاركة في جزء منها من خلال الاستثمار في القطاعات المختلفة، كالقطاع العقاري أو الخدمات أو المقاولات أو الخدمات اللوجستية أو من خلال المشاركة في الاكتتابات المقبلة لهذه الاستثمارات، ولذلك أصبح من المهم اليوم أن يكون لدى الفرد الوعي الاستثماري الكافي للاستفادة من هذا الحراك الكبير والعمل على الاختيار الأمثل للاستثمار ويكون ذلك من خلال دراسة واعية، وهذا ما يجعل من الأهمية بمكان أن يكون لدى المجتمع برامج ترفع مستوى الوعي الاستثماري ودراسة الفرص في ظل تضخم في قيمة الأصول حاليا لبعض الأصول العقارية أو الأسهم، ما يحتاج المستثمر معه إلى أن تكون لديه دراسة كافية عن التوجه العام والفرص الحالية والمستقبلية، إذ إن هذه المشاريع قد تستغرق بعض الوقت وثمارها تحتاج إلى أعوام لكن الفرص الحالية تكمن فيما هو متاح ويتسق مع الاتجاه العام للسوق.
الخلاصة، إن شركة رؤى المدينة ومشروعها النوعي في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو امتداد للحراك الاستثماري في مختلف مناطق المملكة التي ستعيد شكل المدن في المملكة بما يعزز من الفرص الاستثمارية فيها، ويسهم في زيادة الناتج المحلي وزيادة الفرص الوظيفية للمواطنين، إضافة إلى إعادة تشكيل المدن بما يعزز من جاذبيتها لزيارة الحرمين الشريفين والإقامة والسياحة.
إنشرها