Author

مؤشر تاسي الإسلامي والنتائج المميزة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
لا شك أن هناك تطورا كبيرا بخصوص متابعة ودراسة الأنشطة والأعمال المتعلقة بالمالية الإسلامية، بما في ذلك المؤشرات التي بدأت تهتم بصورة كبيرة بتقييم الشركات لتحديد المتوافق منها مع الشريعة، وفقا لمعايير محددة بناء على آراء مجموعة من الفقهاء مثل المعايير الخاصة بأيوفي، أو غيرها من المعايير التي تتطلب مراجعة عدد من الفقهاء المتخصصين في مجال المالية الإسلامية، وقد تطور هذا العمل لتتبنى هذه المؤشرات شركات عالمية متخصصة في المؤشرات مثل "آيديل ريتنع" Idealratings وغيرها من الشركات، ولتعمل على وضع هذه المؤشرات في مختلف الأسواق حول العالم، ما يوجد فيها مجموعة من الشركات التي يمكن أن تلتحق بالمعايير المتوافقة مع الشريعة مثل "داو جونز" وغيره من الأسواق، ولقد تم إطلاق مؤشر تاسي الإسلامي في تموز (يوليو) الماضي لتكون مبادرة رائعة من السوق المالية لجذب الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة للسوق في المملكة، إضافة إلى أنها تضع حدا للجدل فيما يتعلق بالأسهم المتوافقة مع الشريعة في السوق السعودية بوجود آراء متباينة قد تؤثر في قرارات المستثمرين، وقد يتضرر البعض بسبب الاندفاع للبيع للتخلص من بعض الأسهم التي أصبحت في نظر جهة معينة غير متوافقة مع الشريعة، مع العلم بأن باب الاجتهاد واسع في الشريعة الإسلامية وللفرد من يثق به من الفقهاء، لكن فيما يتعلق بالاتجاه العام للمستثمرين توجد مرجعية يمكن أن يستفيد منها في اتخاذ القرار، علما بأن معظم الشركات في السوق السعودية متوافقة مع الشريعة وفق المعايير المختلفة، إلا أن قليلا منها غير متوافقة وذلك مرتبط في الأغلب بنشاط الشركة وهي قليلة جدا، ولهذا فوجود المؤشر مهم جدا في هذه المرحلة ليس لبيان القائمة المتوافقة مع الشريعة، بل لتعزيز فرص السوق السعودية في استقطاب الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة، علما بأنها السوق الأكثر توافقا، لكن دون وجود مؤشر رسمي مع وجود جهات مهتمة في السوق تضع لها مؤشراتها الخاصة.
في تقرير لصحيفة "الاقتصادية" تحدث عن أداء مؤشر تاسي الإسلامي، "حققت شركات الأسهم السعودية المتوافقة مع الضوابط الشرعية أفضل أداء لها، منذ مطلع العام حتى نهاية تموز (يوليو)، متفوقة بذلك على نظرائها في كبرى الاقتصادات المتقدمة والناشئة".
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات مالية خاصة بقياس أداء الأسهم، فإن مؤشر إم إس سي آي السعودي للأسهم الإسلامية، حقق مكاسب في الأشهر السبعة الأولى تصل إلى 4.65 في المائة، وذلك مقارنة بخسائر للأسهم الإسلامية في البورصتين الألمانية واليابانية التي وصلت إلى 29 و20 في المائة تباعا... من جانب آخر، أظهر رصد "الاقتصادية"، أن مكرر ربحية مؤشر إم إس سي آي السعودي للأسهم الإسلامية وصل إلى 17.5 مرة بنهاية تموز (يوليو)، وذلك أعلى من نظرائه في الأسواق الناشئة البالغ 10.3 مرة.
في حين وصل عائد التوزيع النقدي المقوم بالدولار للشركات النقية المدرجة محليا في السوق السعودية المختارة مع MSCI والمؤهلة للاستثمار الأجنبي إلى 2.18 في المائة، وهي تفوق توزيعات مؤشر الشركات الإسلامية الأمريكية البالغة 2.13 في المائة، وذلك وفقا للبيانات المالية الخاصة بمنصة فاكتست.
أداء السوق السعودية كان مميزا خلال العامين الماضيين خصوصا بعد دخول عملاق صناعة النفط أرامكو والتعافي السريع من أزمة كوفيد - 19، والنمو في الاقتصاد المحلي والتحسن في أداء الشركات، ما جعل هذا المؤشر أكثر جذبا لرؤوس الأموال وهو ما يفسر قبول المستثمرين بالاستثمار في السوق رغم التقلبات في الأسواق العالمية وسياسة الاحتياطي الفيدرالي لمواجهة التضخم، حيث ارتفع المؤشر خلال الأشهر الماضية نحو 5 في المائة، كما وصل مكرر ربحيته 17 مرة في مؤشر على التفاؤل بالاستثمار في شركات السوق، حيث يتوقع أن تنمو عوائد مجموعة منها في ظل وجود نمو متوقع للاقتصاد في المملكة.
الخلاصة، حقق مؤشر تاسي الإسلامي نتائج جيدة خلال الفترة الماضية، ووجود مؤشر متخصص في الاستثمار المتوافق مع الشريعة له تأثير في جذب اهتمام المستثمرين في الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة كما يساعد الأفراد ممن يلتزمون في استثماراتهم بأن تكون متوافقة مع الشريعة على استقرار قراراتهم الاستثمارية، إضافة إلى أنه ييسر على الشركات والصناديق الاستثمارية عملية مسألة الالتزام بالمعايير وفق هذه المؤشرات. حجم المؤشر سينمو خلال الفترة المقبلة في ظل أداء مميز للسوق ونمو للاقتصاد وتطور التشريعات وأدوات الحوكمة التي طورتها هيئة السوق المالية، إضافة إلى الطروحات المتوقعة التي ستجعل السوق السعودية أحد أضخم الأسواق في العالم.
إنشرها