جرائم النوم

نعمة من نعم الحياة أن تتمتع بنوم هادئ، أن تنسى هموم الحياة وتجدد طاقتك لتنهض صباحا بنشاط وحيوية وأمل في يوم أفضل، ولكن أن تتحول تلك الساعات إلى كابوس يقلق حياتك ويهدد حياة الآخرين، فهذا مالا تتمناه.
وأول ماورد ذكر السير أثناء النوم وارتكاب جرائم عنف وقتل في الروايات الأدبية لتبرز بعدها على أرض الواقع، وأقدم هذه الحالات ذكرت في الأدب الإيطالي عن واقعة حقيقية حدثت عام 1791، حين قتل حطاب في «سيسيليا» زوجته بالفأس وحصل على البراءة بعدما نجح في إقناع الكنيسة أنه كان نائما حينها، وسير الليدي ماكبث أثناء النوم في مسرحية شكسبير.
أما أشهر جرائم النوم فقد حدثت 1987، عندما قاد الكندي كينيث باركس سيارته 14 ميلا ليضرب حماه، ويقتل حماته، ثم يحصل على البراءة بعدما نجح محاميه في الحصول على شهادة طبية موثقة من خمسة أطباء أعصاب تثبت معاناته مرض المشي خلال النوم.
وفي نهاية 2005 ورد اتصال إلى مركز الطوارئ من رجل يدعى أوديو يقول فيه: "ثمة شخص ميت" وعندما سأله الموظف أين؟ قال "في منزلهم"، هنا تأكد الطبيب بورنمان، الذي كان يتابع حالته، أن الزوج كان نائما، فهو لا يعرف من هو، ولا أن القتيلة زوجته، ولا يعرف ماذا حدث.
لذا فالعلماء مطالبون بتفسير حالات العنف خلال النوم، وكيف يمكن إثبات حالة النوم أو اليقظة، وهل يفلت من العقاب كل شخص يرتكب جريمة خلال نومه؟ وكيف يمكن أن تستيقظ أجزاء من الدماغ تدفع صاحبها إلى السير، والقيادة، والعنف والقتل، بينما تستغرق الأجزاء الأخرى منه في نوم عميق؟
والأمر المتفق عليه بين العلماء، أن المرء إما أن يكون نائما أو مستيقظا، لكن ما بين النوم واليقظة قد ينقلب الهذيان الذهني إلى حقيقة مأساوية تعرف بـ"الموت العصبي" أو "خطل النوم" لأسباب مجهولة، تصبح أجزاء الدماغ التي تساعد على كشف الأخطاء وتطور الذاكرة الطويلة الأمد أكثر نشاطا أثناء النوم، أما الأجزاء التي تشعرك بالألم أقل نشاطا، كما اكتشفوا أن المناطق المختلفة من الدماغ لا تخلد إلى النوم معا في لحظة واحدة، وهذا يشبه ما يحدث لبعض الثديات مثل الدلافين التي تغفو بنصف دماغها، بينما الجزء الآخر يقظ تسبح به وترى طريقها.
ومنذ 2011، يجري الباحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي دراسة ضخمة عن العنف خلال النوم تحاول رسم خريطة لتحديد مناطق الدماغ المسؤولة عن اضطرابات النوم لدى البشر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي