FINANCIAL TIMES

اختراق الرقائق الصينية يطرح معضلة استراتيجية

اختراق الرقائق الصينية يطرح معضلة استراتيجية

الاختراق الذي حققته أكبر شركة لتصنيع الرقائق في الصين، وجرى الكشف عنه الشهر الماضي، أطلق شهقة عبرت عن مفاجأة في أوساط المراقبين خارج الصناعة. لكن مجيء الخطوة التي اتخذتها الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات SMIC، المتمثلة في بدء شحن أشباه الموصلات المتقدمة "7 نانومتر"، كان مجرد مسألة وقت.
السؤال الأكثر إثارة للاهتمام الآن هو مقدار الوقت والمال الذي ترغب الشركة في استثماره في إنتاجها على نطاق واسع باستخدام طريقة تخلى عنها منافسوها الدوليون من أجل طريقة أكثر كفاءة.
سيظهر هذا التطور، المتوقع أن يتم الكشف عنه خلال العام المقبل، إذا ما كان صانعو الرقائق الصينيون مستعدين حقا لإعطاء الأولوية للقضية السياسية المتمثلة في جعل بلدهم مكتفيا ذاتيا على حساب مسألة جني الشركات للأموال.
أولا، "7 إن إم" 7nm – الاسم التسويقي لتكنولوجيا عملية صنع الرقائق - متأخرة جيلا واحدا وراء العملية الأكثر تقدما الخاصة بالإنتاج الضخم. وهي تأتي بعد جيل "5 نانومتر" من الرقائق التي تقدمها شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC الرائدة في الصناعة وشركة سامسونج الكورية الجنوبية. وعملية "7 إن إم" هي الحد الأدنى المطلوب لرقائق الحوسبة عالية الأداء التي تعالج كميات كبيرة من البيانات بسرعة في كل شيء، من الخوادم إلى الهواتف الذكية.
منذ تعيين المخضرم السابق في شركة TSMC، ليانج مونج-سونج، رئيسا تنفيذيا مشاركا لشركة SMIC في 2017، حققت الشركة تقدما في إتقان أجيال تكنولوجيا التصنيع، مثل 16 نانومتر و10 نانومتر.
لكن مشكلة الشركة تكمن في أن الولايات المتحدة تمنع تصدير آلات الأشعة فوق البنفسجية طويلة المدى إلى الصين. معدات الطباعة بالحفر هذه، التي يمكنها وضع أنماط الدوائر المتكاملة على سطح الرقاقة عن طريق تعريضها للضوء مرة واحدة فقط، أصبحت منذ 2019 الركيزة الأساسية لصنع الرقائق باستخدام عملية "7 إن إم".
يقول دوجلاس فولر، الخبير في صناعة أشباه الموصلات الصينية "الضجة حول تقدم شركة SMIC مبالغ فيها تماما، فهي تستخدم التعرض الشديد للتعويض عن نقص الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة. لكن من المعروف أن العائد رهيب".
كانت شركة SMIC منفتحة بشأن سعيها للحصول على تكنولوجيا "7 إن إم". ففي أوائل 2020 قالت الشركة إنها تعمل على تطوير عملية "إن + 1" القابلة "للمقارنة بعملية ’7 إن إم". وفي تشرين الأول (أكتوبر) من ذلك العام، أعلنت شركة الرقائق الصينية، إينوسيليكون، أنها أكملت التصميم والاختبار النهائيين للمنتج الذي سيستخدم هذه العملية. وقالت شركة SMIC "إنها تهدف إلى نقل التكنولوجيا إلى مرحلة الإنتاج الضخم العام المقبل.
لكن لأن شركة SMIC لا يمكنها تأمين معدات الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة، فهي تعتمد على استخدام آلات الأشعة فوق البنفسجية العميقة. هذا الجهاز متأخر جيلا كاملا عن معدات الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة التي يمكنها إنهاء رقائق "7 إن إم" فقط من خلال ثلاث أو حتى أربع جولات من التنميط.
بدافع المخاوف من أن صانعي الرقائق الصينيين يمكنهم التحايل على الحظر الأمريكي للأشعة فوق البنفسجية المتطرفة بهذه الطريقة، ناقشت واشنطن في الأشهر الأخيرة مع صانعي المعدات، مثل شركة أيه إس إم إل الهولندية ونيكون اليابانية، خيار إيقاف تسليم آلات الأشعة فوق البنفسجية العميقة إلى الصين أيضا. لكن المحللين يعتقدون أن الصين اشترت ما يكفي من المعدات لحمايتها من مثل هذه المخاطر.
مع ذلك، التحديات التكنولوجية للانتقال إلى عملية "7 إن إم" واجهت كثيرا من الشركات المصنعة للرقائق الأخرى. فقد كافحت شركة إنتل لأعوام للانتقال إلى ما دون تكنولوجيا 10 نانومتر. وحتى إذا نجحت شركة SMIC، فإن التنافس مع المنافسين العالميين سيكون معركة شاقة نظرا إلى التكاليف الإضافية والوقت اللازمين لاستخدام آلات الأشعة فوق البنفسجية العميقة.
وإذا ما كانت هذه معركة ترغب شركة SMIC في خوضها، فهو سؤال مفتوح للنقاش. كان ليانج وتشاو هايجون الرئيس التنفيذي المشارك له، على خلاف حول السعر الذي ينبغي للشركة دفعه لمواصلة تقدمها للحاق بنظرائها الدوليين. فبينما يرغب ليانج في المضي قدما في تطوير التكنولوجيا المتقدمة، دعا تشاو إلى التركيز على توسيع القدرة الأقل تقدما للحصول على حصة في السوق. الجمعة الماضي فقط، أخبر المستثمرين بأن SMIC ستخصص ـ بمرونة ـ القدرة لأجيال التكنولوجيا الأقل تقدما للاستجابة للطلب القوي في مجالات مثل رقائق الاستخدام الصناعي.
محاولات بكين السابقة لدفع الابتكار الخارق في تصنيع أشباه الموصلات عاقها إحجام صانعي الرقائق عن المخاطرة باستخدام حلول محلية الصنع لم يتم اختبارها كثيرا. الآن، تقف شركة SMIC عند مفترق طرق بشأن هذه الأولوية. في ظل القيود الأمريكية المفروضة على صادرات تكنولوجيا الرقائق إلى الصين، ارتفع اعتماد الشركة على سوقها المحلية أكثر من عشر نقاط مئوية على مدى الأعوام الأربعة الماضية، إلى نحو 70 في المائة من الإيرادات.
لكن خبراء الصناعة يقولون إن ذلك لا يعني الإذعان لمنح الأولوية لأهداف الصناعة الوطنية. يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في قطاع أشباه الموصلات "طموحها الحقيقي هو أن تكون شركة قوية من الناحية التكنولوجية ومربحة. في اللحظة التي تجبر فيها على التخلي عن ذلك، ستكون تلك هي اللحظة التي تنفصل فيها الصين حقا عن العالم".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES