default Author

المزارع يئن والمستهلك يترقب

|

كان تداخل الصلاحيات بين الجهات الحكومية "المسؤولة والمشرفة" وصعوبات التنسيق بينها من العقبات التي منعت إحداث تحسين إيجابي يلمسه المواطن في بعض القطاعات، والآن مع تغييرات كبيرة على مستوى تحديث الأنظمة ونقل الصلاحيات ما بين وزارة وأخرى يفترض أن الوضع اختلف كثيرا، نأخذ نموذجا، وزارة البيئة والمياه والزراعة مسؤولة عن الزراعة والمزارعين، في السابق لم تكن أسواق النفع العام تحت مسؤوليتها، إذ كانت تتبع وزارة البلديات. الآن أصبحت مسؤولية جهة واحدة "وزارة الزراعة" ولها صلاحيات على كامل المنظومة من المزارع إلى الأسواق "العرض والبيع".
المزارع "الصغير طبعا " يشتكي أنه لا يجني سوى القليل من ثمن إنتاجه رغم تعبه "وكثرة ديونه"، والمستهلك يشتكي أن المنتج يصله مرتفع الثمن خاصة، ويشاهد متذمرا مقاطع المزادات والبيع بريالات قد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.
تجار التجزئة والشريطية هم من يحصل على حصة الأسد ويبالغون في "معطها". المزارع الصغير لا "يستطيع" تحمل خدمات ما بعد الحصاد وتكلفة التسويق وإيصال المنتج لذا يبيعه بثمن بخس حتى لا يفسد. والواقع أنه يوجد "تسويق" زراعي لكن متحكم به، الأسلوب القديم له مستفيدون وما زالوا يحرسون مصالحهم.
ولهذا كان من "المتوقع" والمفترض أن تتولى وزارة الزراعة وهي الذراع الحكومية المحايدة ـ المسؤولة الآن عن كامل السلسلة ـ فتح الفرص للجميع صغارا وكبارا، والرقابة "والسيطرة" حماية للقطاع وللمزارع والمستهلك.
لكن ويا للعجب فوجئت بإعلان الوزارة في منتصف حزيران (يونيو) الماضي عن اجتماع "واتفاق" مع اتحاد الغرف التجارية "مجلس الغرف" لتأسيس شركة تسويق المنتجات الزراعية! لجأت الوزارة إلى القطاع الخاص. لماذا؟، ولديها شركة خدمات زراعية "حكومية" وافق عليها مجلس الوزراء وأعلنها في آب (أغسطس) 2018 ومن مهامها الأساسية التسويق. هذه الشركة "المليارية" من المفترض أنها جاهزة للعمل بعد أعوام من الرخصة والموافقة من مجلس الوزراء وهي "الذراع التشغيلية" للوزارة كما جاء في أهداف تأسيسها، وأن دورها أوسع من التسويق بما يمكنها من الإشراف الكامل على القطاع الزراعي المترابط.
إن واقع التسويق الزراعي يحتاج إلى هذه الشركة الحكومية لأن لديها القدرة والممكنات المستندة إلى الوزارة لكي تكون في وضع مستقل ومحايد بين جميع المزارعين والتجار، وتتلافى تعدد الوسطاء وسيطرتهم على الأسواق، على أن تنتخب لها إدارة كفؤة لا يوجد لدى أعضائها تضارب مصالح! ولسنا بحاجة إلى ذكر تجارب لشركات تسويق من هذا النوع للقطاع الخاص لم تنجح.
لعل الوزارة بقيادة وزيرها النشط عبدالرحمن الفضلي تتوكل على العلي القدير وتبدأ التركيز على تشغيل هذه الشركة الحكومية لخدمة القطاع الزراعي والأمن الغذائي من المزارع إلى المستهلك.

إنشرها