Author

مستوى الأجور في أمريكا .. إلى متى؟ «2 من 2»

|
الواقع أن نمو الأجور الاسمية السريع في الولايات المتحدة ليس مفاجئا، خاصة أن أسواق العمل لا تزال قريبة من قدر غير مسبوق من الإحكام، كما يتضح من إتاحة ما يقرب من فرصتي عمل لكل شخص عاطل عن العمل.
أتمنى لو تستخدم الشركات بعضا من أرباحها ببساطة لتغطية تكاليف الأجور الإضافية، لكن خبرتي لا تسمح لي بالخلط بين الأماني والتنبؤات. ولأن الإنتاجية تبدو ضعيفة نسبيا، فستستمر الشركات في الأرجح في تمرير تكاليف الأجور المرتفعة إلى المستهلكين في هيئة أسعار أعلى.
يؤدي ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع الأجور. ولا تتطلب هذه الديناميكية نقابات عمالية أو عقودا تشتمل على تعديل يتوافق مع ارتفاع تكاليف المعيشة. ذلك أن الشركات القادرة على بيع منتجاتها بأسعار أعلى ستكون راغبة في استئجار مزيد من العمال، لكنها يجب أن تدفع أجورا أعلى لاجتذاب موظفين جدد، وإلا فإن العمال الذين يواجهون أسعارا أعلى سيبحثون في أماكن أخرى.
بعيدا عن زيادات أسعار الغذاء والطاقة، كان القسم الأكبر من التضخم راجعا إلى الطلب في الأصل. لكن حتى لو كانت مشكلات العرض أكثر استحقاقا للوم ـ كما زعم آخرون ـ فسنظل ثابتين في المكان، مع تغذي زيادات الأجور وزيادات الأسعار على بعضهما بعضا.
من المؤسف أن الحل الوحيد لمداومة الأجور ـ الأسعار يتمثل في تقييد الطلب. قد يقطع انخفاض بسيط في الطلب شوطا طويلا نحو كبح التضخم والسماح بالإبقاء على البطالة منخفضة نسبيا. لكن من المحتمل أيضا أن تكون نسبة التضحية ـ عدد النقاط المئوية التي يجب أن يرتفع بها معدل البطالة السنوي لدفع التضخم إلى الانخفاض بمقدار نقطة مئوية واحدة ـ أقرب إلى خمسة، كما كانت الحال في فترات الركود الأخيرة. إذا كان الأمر كذلك، فإن خفض معدل التضخم من 4 إلى 3 في المائة "الذي أعده انتصارا" يتطلب على الأقل خمسة أعوام أخرى من ارتفاع البطالة بالمعدل ذاته. وإذا كان التضخم الأساسي أعلى من 4 في المائة ـ وهذه هي الحال في الأرجح ـ أو إذا كان الاحتياطي الفيدرالي عازما على تحقيق هدف التضخم 2 في المائة، فإن التعديل المطلوب قد يكون أكبر بمرتين على الأقل.
بقدر ما قد يكون التحرك الآن مؤلما، فإن التأخير من المرجح أن يجعل خفض التضخم أعظم تكلفة. وكلما استمر التضخم وأصبح راسخا لفترة أطول، ارتفعت نسبة التضحية.
آمل أن أكون مفرطا في التشاؤم. لكن الاحتياطي الفيدرالي جرب الأمل كاستراتيجية في إدارة الاقتصاد الكلي في العام الماضي، وأسهم ذلك في التضخم السريع، فضلا عن أدنى نمو حقيقي للأجور في 40 عاما. ما يدعو إلى التفاؤل أن صناع السياسات النقدية أصبحوا أكثر واقعية فيما يبدو، وتحولوا إلى تركيز يكاد يكون أحادي التوجه على خفض التضخم. وإذا انخفض التضخم بشكل أسرع مما أتوقع، فمن الممكن أن يتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن إحكام سياسته. لكن في الوقت الحالي، يجب أن يتبع المبدأ ذاته الذي جعله ناجحا للغاية في المساعدة على منع الانهيار الاقتصادي في 2020، إذا لم يكن من الخطأ مناص، فليكن الخطأ على جانب القيام بأكثر مما ينبغي، وليس أقل مما ينبغي.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.
إنشرها