default Author

رفقا بالحشرات

|
هل تخيلت يوما أن تسمع صرخات نملة وأنت تدوسها بقدمك أو شهقات ذبابة تحاول استرداد أنفاسها بعد إغراقها بأبخرة مبيد حشري، أم هل وصل إلى سمعك صوت استغاثة عنكبوت هدمت بيتها وشردت صغارها؟.
كنا نعتقد أن الحشرات مجرد كائنات هامشية تؤدي مهماتها بشكل غريزي، لكن مع التعمق في عالم الحشرات ودراسته تبين أن هذه الكائنات الصغيرة تقوم بالمعجزات وتتواصل مع بعضها بشكل مذهل ولها أنظمة حياة يتعلم منها البشر، لكن هل لدى هذه الكائنات مشاعر فتحس بالسعادة وتشعر بالألم.
منذ 2003 والعلماء بدأوا يدركون أن الحشرات قد تشعر بالألم، لتأتي دراسة حديثة نشرها باحثون في جامعة سيدني، دلت على أن الحشرات تشعر أيضا بالألم المزمن الذي يستمر طويلا بعد شفاء الإصابة الأساسية.
يقول جريج نيلي من جامعة سيدني، "يظن معظم الناس أن الحشرات لا تشعر بأي نوع من الألم، لكن اتضح أن كثيرا من الحيوانات اللافقارية قادرة على الشعور بالمحفزات الخطيرة التي ندرك أنها مؤلمة وعلينا اجتنابها. نسمي هذه الظاهرة لدى الكائنات غير البشرية عادة حس الألم، أي حاسة رصد المحفزات التي قد تكون مؤذية، مثل الحرارة أو البرودة أو الإصابة الجسدية، ووثقت فعلا حالات تجنب الحشرات للعوامل المؤذية.
ووجدوا أن لدى ذبابة الفاكهة جينات تشبه الجينات المسؤولة عن الألم المزمن لدى البشر، وبما أن البشر هم الكائنات الرئيسة في هذا الكون وهم محوره، استغل العلماء هذه المعلومة للمساعدة على الوصول إلى أدوية جينية تقضي على سبب الألم المزمن بدل معالجة أعراضه.
وفعلا وجد لدى الحشرات نظام فسيولوجي معقد متصل بالدماغ يجعلها تدرك الألم وتشعر به وتحاول تخفيفه بإنتاج مادة بروتينية تشبه الأفيونات المسكنة للألم التي يفرزها جسم الإنسان عند شعوره بالألم، ألم تشاهد جنودا في المعارك يركضون ويستمرون في القتال رغم إصاباتهم البليغة والسر يكمن في إنتاج الجسم مادة الأفيون الطبيعي التي تسكن عنهم الألم.
ولا تشعر الحشرات بالألم فقط، بل إنها إذا تعرضت لإصابة في أي جزء من جسدها ثم شفيت منه، يصاب باقي جسدها بفرط الحساسية لكي تحمي نفسها باقي عمرها من مسببات الألم، وهذا اكتشاف جديد في عالم الحشرات ولعل هذه الاكتشافات تغير نظرتنا تجاه الحشرات وتجعلنا أكثر رأفة بها، خصوصا أن لدى العالم توجه لاستخدام الحشرات غذاء للبشر بدل الحيوانات بحلول 2050.
إنشرها