FINANCIAL TIMES

صناع الرقائق يتدافعون للفوز بحصة من الدعم الأمريكي

صناع الرقائق يتدافعون للفوز بحصة من الدعم الأمريكي

انتهى الانتظار الطويل لصدور تشريع لتعزيز مكانة الولايات المتحدة في تصنيع أشباه الموصلات العالمية. التدافع بين الشركات للحصول على مليارات الدولارات التي تقدمها الحكومة ما هو إلا بداية.
اتبع مجلس النواب الأسبوع الماضي مجلس الشيوخ في تمرير قانون واسع لمواجهة صعود الصين كقوة تكنولوجية، بما في ذلك تقديم منح بقيمة 52 مليار دولار لدعم تصنيع الرقائق المتقدمة والبحث والتطوير في الولايات المتحدة. القانون، الذي لم يتم التوقيع عليه بعد، يتيح ائتمانا ضريبيا للاستثمار بما يقدر بنحو 24 مليار دولار لصناع الرقائق من خلال السماح لهم بشطب 25 في المائة من تكلفة مصانع الرقائق الجديدة، مقابل أرباحهم في العام الأول.
قال بات جيلسنجر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، إن القانون قد يكون "أهم جزء من السياسة الصناعية" في الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. إنه مصمم لعكس اتجاه انخفاض حصة الولايات المتحدة في تصنيع الرقائق العالمية إلى 10 في المائة، من 38 في المائة في 1990.
لكن من غير المرجح أن يمتد الدعم المالي من واشنطن ليشمل جميع المشاريع العملاقة قيد الإنشاء بالفعل أو قيد التخطيط في الولايات المتحدة.
قال بات مورهيد، محلل الرقائق الأمريكية: "إن الدعم ليس كبيرا كما يعتقد الجميع". مع تكلفة مصانع تصنيع الرقائق المتقدمة التي تزيد على عشرة مليارات دولار، فإن وزارة التجارة، التي ستكون مسؤولة عن تحديد من سيحصل على الدعم المالي، ستواجه بعض الخيارات الصعبة، كما قال.
يتضمن التشريع 39 مليار دولار على مدى خمسة أعوام لدعم بناء مصانع جديدة لتصنيع الرقائق، مع منح تصل إلى ثلاثة مليارات دولار لكل مشروع. تم تخصيص 11 مليار دولار أخرى للبحث والتطوير، إضافة إلى ملياري دولار للمشاريع التي يرى البنتاجون أنها مهمة.
شركة إنتل وحدها تأمل في الحصول على 12 مليار دولار من منح البناء، أو ما يقارب ثلث المبلغ الإجمالي، لاثنين من مصانع تصنيع الرقائق قيد الإنشاء في أريزونا واثنين آخرين على وشك أن تبدأ ببنائهما في أوهايو. من بين الشركات الأخرى التي تتطلع للحصول على المال، شركتا تصنيع الرقائق اللتان تجاوزتا "إنتل" في الأعوام الأخيرة في إتقان طرق صناعة الرقائق الأكثر تقدما أو "الرائدة" - شركة تي إس إم سي، التي تبني مصنعا لتصنيع الرقائق بقيمة 12 مليار دولار في ولاية أريزونا، وشركة سامسونج، التي تعمل على مصنع بقيمة 17 مليار دولار في ولاية تكساس. من المقرر أن يبدأ المصنعان بإنتاج الرقائق في 2024.
على الرغم من أن الكونجرس وافق على إتاحة المنح للشركات الأجنبية، فإن صناع الرقائق المحليين يمارسون الضغط بشدة للتأكد من أن يذهب نصيب الأسد من الأموال إلى الشركات الأمريكية. قال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات صناعة الرقائق الأمريكية، إن على وزارة التجارة أن تفضل الشركات التي تجري أبحاثها وتطويرها في الولايات المتحدة وتوظف أكبر عدد من العمال هناك - وهي أمور من شأنها أن تكون في مصلحة الشركات الأمريكية بوضوح.
لم تكشف وزارة التجارة بعد عن عملية تقديم الطلبات أو تذكر كيف ستختار أولويات دعم دافعي الضرائب.
يجب أن يقرر المسؤولون الأمريكيون أيضا مقدار الأموال التي سيتم تخصيصها لمصانع تصنيع الرقائق المكلفة والأكثر تقدما، التي توفر رقائق للاستخدامات العالية من حيث الطلب والحجم، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. هذا يعني تقديم دعم كامل لـ"إنتل"، التي فقدت ريادتها التكنولوجية في صناعة الرقائق العالمية أمام "تي إس إم سي" و"سامسونج" واستثمرت بكثافة لشق طريقها مرة أخرى.
في اليوم نفسه الذي أقر فيه مجلس النواب قانون الرقائق، صدمت "إنتل" وول ستريت بتراجع في أحدث نتائجها الفصلية وقالت إنها ستخفض خطط الإنفاق الرأسمالي لهذا العام بمقدار أربعة مليارات دولار. لكنها لم تغير الخطط طويلة الأجل لمصانعها الجديدة المتقدمة لتصنيع الرقائق. المصانع أساسية لهدف الشركة في محاولة التنافس مباشرة مع "تي إس إم سي" من خلال تحولها إلى "مسبك" يصنع الرقائق نيابة عن الشركات الأخرى بدلا من تصنيع تصاميمه الخاصة فقط.
أنعشت الانتكاسة المالية الأسبوع الماضي الاقتراحات من بعض المحللين بأن على "إنتل" التخلي عن طموحاتها في أن تصبح مسبكا والتركيز بدلا من ذلك على دعم أعمالها الحالية. لكن الشركة جادلت بأنها بحاجة إلى أن تصبح مسبكا لتبرير التكاليف المتزايدة التي تأتي مع كل جيل جديد من تكنولوجيا التصنيع، لأن أعمالها الحالية ليست كبيرة بما يكفي لتحتاج إلى مثل مصانع الرقائق الكبيرة هذه.
من بين الشركات الأخرى التي لديها خطط كبيرة لزيادة الإنتاج في الولايات المتحدة هي مايكرون لصناعة رقائق الذاكرة، التي خصصت 150 مليار دولار للإنفاق الرأسمالي بحلول 2031. كانت الشركة تنتظر أن يصبح القانون نافذا قبل إعطاء الضوء الأخضر لمصنع جديد كبير تتوقع أن يبدأ الإنتاج في منتصف هذا العقد، وفقا لسانجاي ميهروترا، الرئيس التنفيذي. "لا يتعلق الأمر بما إذا كان سيتم بناء مصانع الرقائق هذه - بل بالمكان الذي سيتم بناؤها فيه".
زاد تصنيع رقائق الذاكرة والتخزين لتشكل نحو ثلث سوق أشباه الموصلات، وتمتلك "مايكرون" تكنولوجيا رائدة عالميا في هذا المجال، ما يعني أنه من المحتمل أن ينظر إليها في الولايات المتحدة على أنها موردة استراتيجية تحتاج إلى دعم حكومي واسع النطاق، حسبما قال مورهيد.
تسعى "تي إس إم سي" أيضا للحصول على دعم مكثف لتبرير أهم محاولاتها حتى الآن لترسيخ جذورها في الولايات المتحدة، حيث التكاليف أعلى من مقرها الرئيس. قال الرئيس مارك ليو في حزيران (يونيو) إن المصنع الأمريكي "أكثر تكلفة" مما توقعته "تي إس إم سي" وإن النقص في مواهب تصنيع الرقائق كان يسبب مشكلات للشركة.
قال موريس تشانج، مؤسس "تي إس إم سي"، في وقت سابق من هذا العام، إن تضاؤل الخبرة في تصنيع الرقائق الأمريكية على مدى عدد من العقود صعب على البلاد استعادة قدرتها التنافسية العالمية. في حديثه في مقابلة مع معهد بروكينجز، قال إن ذلك جعل قانون الرقائق "عملية مكلفة بلا جدوى".
في الوقت الذي تتعرض فيه الولايات المتحدة لضغوط لاستعادة تفوقها في صناعة الرقائق الرائدة، ينبغي أن تحدد وزارة التجارة مقدار النقد الذي يجب تخصيصه لتكنولوجيات المعالجة القديمة التي لا تزال تلعب دورا مركزيا في كثير من أسواق الرقائق. كثير من العملاء الصناعيين وصناع السيارات، إضافة إلى البنتاجون، يستخدمون رقائق يتم إنتاجها بكميات أقل وفقا لمواصفاتهم الخاصة، والتي لا تحتاج إلى تلبية أكثر معايير الطاقة المنخفضة تطلبا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES