FINANCIAL TIMES

تحول لافت .. التباطؤ يغشى خدمات تكنولوجيا المعلومات الهندية

تحول لافت .. التباطؤ يغشى خدمات تكنولوجيا المعلومات الهندية

بدأ المستثمرون يشعرون بالقلق من أن القوة الهائلة للشركات الهندية التي تقدم خدماتها لجهات خارجية في مجال تكنولوجيا المعلومات دخلت في مرحلة من التراجع.
تراجعت أسهم شركة تاتا للخدمات الاستشارية 14 في المائة منذ بداية العام مقارنة بتراجع مؤشر نيفتي 50 القياسي 6 في المائة، وتعد هذه المجموعة الإدارية ثاني أكبر شركة في البلاد من حيث القيمة السوقية. وهوت أسهم شركة إنفوسيس، المنافسة، 20 في المائة على أساس سنوي.
لكن غاناباثي سوبرامانيام، مدير العمليات في شركة تي سي إس، قلل من شأن المخاوف في مقابلة أجرتها معه "فاينانشيال تايمز". قال: "العالم بحاجة إلى المواهب في التكنولوجيا (...) والهند تضم مجموعة من المهارات في التكنولوجيا أكبر مما في أي مكان آخر في العالم".
وتعد تكنولوجيا المعلومات رمزا لاقتصاد الهند، فهي تقدم خدماتها لشركات عالمية كبيرة - تتنوع أسماء عملاء شركة تي سي إس من أسترا زينيكا إلى سيتي بانك ومايكروسوفت وماركس آند سبنسر.
ويعد القطاع مصدرا كبيرا للوظائف التي تتطلب مهارات عالية، وهو يوظف أكثر من خمسة ملايين شخص. شركة تي سي إس وحدها وظفت أكثر من 118 ألفا من طلاب السنة الأولى في المرحلة الجامعية، أو من الخريجين الجدد في سنتها المالية التي انتهت في آذار (مارس) 2022.
ومع أكثر من 600 ألف موظف لديها، تعد "تي سي إس" من بين أكبر الشركات من حيث عدد الموظفين في القطاع الخاص في العالم ـ تحتل المرتبة الثانية بعد شركة فولكسفاجن التي تضم 673 ألف موظف، لكنها تسبق مجموعة يو بي إس للخدمات اللوجستية التي تضم 534 ألف موظف.
لكن بعض المحللين يشكون في أن نمو خدمات تكنولوجيا المعلومات ستستمر بالقوة نفسها، ولا سيما إذا حدث ركود عالمي، وهم قلقون بشأن المستويات المرتفعة من تغيير الموظفين في الصناعة، الأمر الذي يجعل الرواتب أكثر تكلفة.
كتبت شركة نومورا هذا العام أن التباطؤ في نمو خدمات تكنولوجيا المعلومات في الهند كان "على الأرجح أسرع من التوقعات"، وتنبأت بأن "الأيام الصعبة ستأتي لتؤثر في الإنفاق على التكنولوجيا". وعد بنك جيه بي مورجان أن "ذروة نمو الصناعة باتت خلفها".
في أوائل تموز (يوليو)، خذلت شركة تي سي إس توقعات المحللين، عندما أبلغت عن زيادة 10 في المائة في الإيرادات ربع السنوية لتصل إلى 6.7 مليار دولار، مع انخفاض الهامش التشغيلي 2.4 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من العام الماضي.
قال المدير المالي للشركة، سمير سكساريا: "لقد كان ربعا مليئا بالتحديات من منظور إدارة التكاليف". أضاف أن الهامش التشغيلي المنخفض يعكس "تأثير الزيادة في رواتبنا السنوية، والتكلفة المرتفعة لإدارة زخم المواهب، والتطبيع التدريجي لتكاليف السفر".
كذلك خيبت شركات أخرى لخدمات تكنولوجيا المعلومات المستثمرين فيها. تراجعت شركة ويبرو ـ مقرها بنجالور ـ 40 في المائة منذ بداية العام بعد أن تعرضت لعدة تخفيضات في تصنيفها من قبل البنوك الاستثمارية. وانخفضت تيك ماهيندرا، وهي شركة أخرى للتعاقد الخارجي 41 في المائة.
في الشهر الماضي، فاجأت إنفوسيس المحللين عندما أبلغت عن زيادة الإيرادات الفصلية 17.5 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 4.4 مليار دولار ـ تجاوزت التقديرات. لكن هوامش الأرباح، وهو مقياس ربحية الصناعة الذي تتم مراقبته من كثب، تقلصت من 23.7 إلى 20.1 في المائة.
مع ذلك، لا يشعر الجميع بالتشاؤم. في مذكرة صدرت أخيرا جادل بنك ماكواري بأن الشركات مثل تي سي إس وإنفوسيس كانت في وضع جيد يؤهلها لمواجهة الانكماش الاقتصادي.
لكن هناك عوامل تثير القلق. قال سوبرامانيام إن شركة تي سي إس عوضت ارتفاع التكاليف في السابق عن طريق زيادة الإنتاجية ورفع الأسعار، أو من خلال المكاسب التي حققتها من صرف العملات الأجنبية. لكن هذه المرة ستكون أكثر تعقيدا "لأنه في الوقت الذي ضعفت فيه الروبية مقابل الدولار، قوتها زادت مقابل العملات الأخرى".
إلى جانب تكاليف السفر التي عادت مع تخفيف عمليات الإغلاق، قال سوبرامانيام إن زيادة الرواتب تضغط أيضا على الهامش التشغيلي. لكن سوبرامانيام يصر أن التكاليف المرتفعة للرواتب كانت "شاذة".
قال: "ستنخفض (تكاليف الرواتب)، هذا ما نشعر به. لكن في المستقبل المنظور، على الأقل لفترة تستمر ربعين أو ثلاثة أرباع من العام (...) إذا كنت سأوظف أي شخص، سيتعين علي أن أدفع 30 في المائة أكثر مما أدفعه الآن".
في السابق كانت شركات مثل تي سي إس وإنفوسيس هي أفضل خيار لملايين الخريجين من ذوي المهارات في التكنولوجيا، إلا أنها الآن تتنافس مع مئات الشركات الناشئة التي تقدم رواتب عالية والفضل في ذلك يعود إلى تمويل رأس المال المغامر.
وفقا لشركة فينتراكر، في العام الماضي حصلت الشركات الهندية الناشئة على 38 مليار دولار من التمويل، أي ثلاثة أضعاف العام السابق.
قال سوبرامانيام: "لا يمكنك أبدا مضاهاة الراتب الذي تقدمه شركة ناشئة"، مضيفا أن التباطؤ هذا العام في التمويل من رأس المال المغامر من شأنه أن "يجلب بعض العقلانية" إلى سوق التوظيف.
في الوقت نفسه، تتفاوض شركة تي سي إس التي أسست عام 1968، حول ثقافة العمل المتغيرة، حيث يتوقع الموظفون الأحدث سنا مزيدا من المرونة في العمل والخيارات.
قال سوبرامانيام: "قدامى الموظفين، ممن يعملون لدينا منذ عشرة أعوام أو أكثر، يريدون المجيء إلى المكتب. أما الأصغر سنا فلسان حالهم يقول: انظروا، لا تجبروني على المجيء"، مضيفا أن الموظفين الأصغر سنا "يريدون أن يتمتعوا بقدر أكبر من المرونة (...)، لذلك علينا أن نغير طريقة تفكيرنا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES