Author

كيف يحقق العالم السلام؟

|
حديثان أدلى بهما شخصان غربيان، أحدهما سياسي بارز في وطنه، حيث ترأس مجلس الوزراء البريطاني لمدة عشرة أعوام خلال الفترة من 1997 حتى 2007، التي حدثت فيها الحرب الأمريكية البريطانية على العراق، وما نتج عنها من مآسي الحرب آنذاك إنه توني بلير. الحديث تم خلال محاضرة بعنوان ''بعد أوكرانيا، ما الدروس الحالية للقيادة الغربية'' في ديتشلي بارك في غرب لندن، وأشار بلير إلى أن العالم في مرحلة تحول في التاريخ يمكن مقارنتها بنهاية الحرب العالمية الثانية، أو انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن هذه المرة وبوضوح الغرب ليس في الكفة الراجحة. وذكر أن العالم سيصبح ثنائي القطب، أو أكثر، والتغيير الأكبر في هذا القرن سيأتي من الصين.
وذكر بلير أن الصين كقوة عظمى مبرر، وطبيعي، لكن الغرب لا يمكنه الاعتماد عليها، وأضاف أن علينا أن نزيد من الإنفاق الدفاعي. والمحافظة على التفوق العسكري، وعلى الغرب أن تكون لهم الغلبة العسكرية لمواجهة أي صراع، مهما كان في مناطق العالم.
استوقفني هذا الحديث في عدة نقاط أولها ما حدث من هيمنة أمريكية سوفياتية بعد الحرب العالمية الثانية أدت بهما إلى احتلال دول، وشن حروب على دول أخرى، والتدخل في شؤون أخرى، وتكفي الإشارة إلى حرب فيتنام، والكوريتين، والحرب على العراق، والتدخل في إفريقيا، ودول أمريكا اللاتينية ما جعل العالم في حالة عدم استقرار يسجل في سجل أسود لكلا القطبين.
النقطة الثانية التي استوقفتني هي الإصرار على مواصلة الغرب في تفوقه العسكري لمنع أي قوة أخرى قد تبرز، وإن كان قد ذكر تحديدا الصين، وما من شك أن امتلاك السلاح، واستخدامه من قبل الغرب في شن الحروب، على الدول، ومشاركة ثرواتها هو الأداة الفتاكة مع ما عانته الشعوب خارج الغرب، ومثل هذا الطرح لا يتفرد به بلير، بل قد تكون سياسة معتمدة، ومتفق عليها لدى الغرب.
الحديث الثاني للصحافي الغربي الشهير جون بيلجر، الذي يتحدث فيه عن الإرهاب على المستوى العالمي، والغربي تحديدا، ويعطي مقارنات إحصائية.
يذكر أن الإرهاب الممارس من أفراد يختلف عن إرهاب الدول، حيث قتل الملايين، ودمر مدن بإرهاب الدول الغربية، بما فيها أمريكا، واستشهد بما حدث في العراق، حين حاربته أمريكا، وبريطانيا، إذ يفوق القتلى نتيجة الحرب، والحصار القتلى في الحرب الأهلية الرواندية.
وهذه الحقيقة هي ما انتهت إليه دراسة أجرتها كلية الصحة في جامعة هوبكنز، كما أن دراسة جامعة شيكاغو توصلت إلى أن إرهاب الأفراد، ومنظماته لا يتعدى ضحاياه خلال الـ30 عاما الماضية 20 ألف ضحية. أود أن أختم بحقيقة يجب أن يعيها الغرب هي أن سلام، وطمأنينة العالم يتحقق بنبذ الأنانية، والاعتراف بالآخر والتخلي عن شعور الفوقية.
إنشرها