Author

اشتر . . لا تشتر!

|
"لا تشتر مسكنا بالتقسيط وترهن نسبة من دخلك لـ25 عاما" أو " لا تحبس نصف دخلك في أقساط المسكن، عش بالإيجار وتمتع بالحياة"، مقولتان غيرهما كثير بعبارات مختلفة وبمعنى واحد ينشرها من حين إلى آخر أناس لا نعرف ما هي حالتهم المادية والاجتماعية؟ ولا كم دخلهم؟ وهل هم أنفسهم يمتلكون مساكنهم، أم يقسطونها حاليا بهدف التملك؟ أم أنهم يعيشون في مساكن مستأجرة ويستمتعون بالحياة كما يقولون لعامة الناس في حساباتهم!
"تمتع بالحياة" مقولة نسبية، ولا أحسب أن مقياسا واحدا للاستمتاع يناسب الجميع، وأحسب أن أمثال أصحاب المقولات أعلاه يرمون جملهم على عامة المتابعين دون حساب أو تقييم، ولعل أقل نقض لفكرتهم هو افتراضهم أن دخل الإنسان سيبقى ثابتا لربع قرن! ليس هناك تطور أو علاوة أو طموح.
من يدفع ثلث أو نصف راتبه اليوم في قسط تملك المسكن لن يظل طيلة فترة التمويل يدفع النسبة نفسها، وفي الغالب الأعم أن دخله سيزداد سنويا حتى لو بالحدود الدنيا للعلاوات، وبالتالي سيصبح مبلغ القسط مع الأعوام يشكل نسبة أقل من تلك التي بدأها في مشوار التملك.
النقطة الأهم التي جربها كثيرون أن تقسيط المسكن كان حافزا لتنمية ثقافة السلوك الادخاري، أو إيجاد حافز للعمل أكثر في مرحلة الشباب، أو التعلم أكثر بغية تحسن الوضع العملي وبالتالي الدخل، وربما استثمر جزءا من هذا المسكن زائدا عن حاجته الآن وقام بتأجيره.
أصحاب المقولات أعلاه لماذا يتملكون السيارات؟ لماذا لا يبقى مستأجرا سيارة كل عام أو عامين، و"يتمتع بالحياة" ولا يرهن دخله لخمسة أو ستة أعوام لدفع أقساط سيارة؟
لا يمكن لأحد أن يفرض على الجميع معرفة عقلية حول ما يجب عمله من أجل أن يصبح الإنسان سعيدا أو "متمتعا بالحياة"، لكل إنسان حكمته الشخصية وقوانينه الخاصة التي تشكل اتجاهات حياته، وهي أيضا من يحدد إذا كان تملك المسكن سيسعده، أو التنقل في مساكن مستأجرة سيسعده أكثر.
يجب على من يخاطب الناس في أي فضاء عام من أي نوع أن يفترض التباين في خيارات الناس عند الحديث عما يحقق لهم جودة الحياة، والأمان النفسي، والسعادة.
عندما تبقى في الإيجار فأنت تدفع سنويا بين 5 - 7 في المائة من قيمة الوحدة التي تسكنها، أي أنك بعد نحو 15 عاما تقل أو تزيد ستكون قد دفعت قيمة هذه الوحدة بأقساط لم تمكنك من التملك!؟
اللهم ارزق الجميع السكن والسكينة.
إنشرها