FINANCIAL TIMES

التضخم المرتفع .. تجار التجزئة الأمريكيون يتنافسون لتصفية المخزون

التضخم المرتفع .. تجار التجزئة الأمريكيون يتنافسون لتصفية المخزون

انخفض سعر مقلاة هوائية من 149 دولارا إلى 110 دولارات أمريكية، وسعر مجموعة من بيجامات الأطفال من 12 دولارا إلى تسعة دولارات، لم يكن العثور على لافتات "التخفيضات" الحمراء الأسبوع الماضي صعبا في متجر وول مارت سوبر سنتر الأقرب إلى المقر الرئيس لشركة التجزئة في بنتونفيل في أركنسو.
على بعد ميل من ميدان البلدة الصغيرة حيث افتتح سام والتون متجره الشامل في 1950 وبدأ في بناء أكبر إمبراطورية للبيع بالتجزئة في العالم، تروي الخصومات قصة صناعة التجزئة الأمريكية التي تواجه صعوبات تاريخية في توقع كل من العرض والطلب.
في هذا الأسبوع، أصدرت الشركة البالغة قيمتها 350 مليار دولار تحذيرها الثاني بشأن الأرباح خلال ما يزيد قليلا على شهرين. أخبرت المستثمرين أن ارتفاع التضخم، ولا سيما في أسعار المواد الغذائية والوقود، يؤثر في قدرة عملائها على تحمل تكاليف البضائع الأخرى.
بني نمو شركة وول مارت على الأسعار التنافسية الشديدة والعروض الترويجية المغرية "الخصومات". لكنها مضطرة الآن للجوء إلى تخفيض أكثر من المخطط له، ولا سيما لتحويل المخزون في الملابس. في المتجر الواقع في شارع ساوث والتون بوليفارد هذا الأسبوع، ظهرت بالونات صفراء زاهية تحمل كلمة "تصفية" فوق فانيلات بقيمة أربعة دولارات وسترات بقيمة 11 دولارا.
أضر بيان وول مارت أسهمها وأسهم منافسيها من أمازون إلى "هوم ديبوت"، لكنها ليست الوحيدة في التحذير من أن التحولات المفاجئة في إنفاق المستهلكين تلحق الضرر بالمخزونات.
حذرت شركة تارجت في أيار (مايو) من أنها ستضطر إلى تقديم خصم على المنتجات وإلغاء الطلبيات لتصفية المخزون الفائض في الفئات من أجهزة التلفزيون إلى الأثاث الخارجي. واعترفت كل من "بيد باث آند بيوند" و"ميسيز" و"جاب" بمشكلات مشابهة في المخزون في الأشهر الأخيرة.
لا يشعر المستهلكون بالقلق فقط من أنهم لا يملكون ما يكفي من المال لينفقوه بعد ملء ثلاجاتهم وسياراتهم، كما يقول تجار التجزئة، فمزيد من إنفاقهم التقديري يذهب إلى تجارب فاتتهم في وقت سابق من جائحة فيروس كورونا، مثل السفر وتناول الطعام في الخارج، وليس إلى الملابس أو الأثاث أو الأجهزة.
مع ذلك، فإن الطلب غير المتوقع، ولا سيما بين المستهلكين الذين يعانون ضيقا ماليا، ليس سوى جزء من التحدي. خوفا من أن يتكرر التأخير في سلاسل التوريد الذي ألحق بها ضررا كبيرا في موسم الأعياد الماضي، بدأت بعض الشركات تخزن في وقت مبكر من هذا العام.
ذكرت شركة ماتيل، الشركة المصنعة لدمى باربي وسيارات هوت ويلز، الأسبوع الماضي أن مخزونها ارتفع 43 في المائة على أساس سنوي، مثلا. أما شركة هاسبرو المنافسة لديها أيضا مستويات مخزون عالية بشكل غير عادي، حيث خزنت في موسم الذروة لصانعي الألعاب.
قال تسفي شرايبر، الرئيس التنفيذي لشركة فريتوس لخدمة الحجز اللوجستي، موضحا، "لم يعد المستوردون يثقون بسلاسل التوريد. وتجار التجزئة لا يخاطرون. إذا كان بإمكانهم تحمل تكلفة المخزون، فإنهم يخزنون الآن استعدادا لموسم التسوق".
أدى القدر الهائل من التراكمات في الموانئ الأمريكية والصينية إلى تأخير شحنات كثير من متاجر التجزئة في الخريف الماضي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن وبعض حالات النقص. تحولت الشحنات التي وصلت متأخرة إلى مخزونات فائضة لدرجة أن تجار التجزئة اضطروا إلى التخلص منها بثمن بخس في الربيع أو تخزينها لإعادة بيعها في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
انخفضت أسعار الشحن عبر المحيط عن ذروة العام الماضي لكنها لا تزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة. في الأسبوع الماضي، كلف شحن حاوية بطول 40 قدما من آسيا إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة في المتوسط 6593 دولارا، وفقا لـ"فريتوس". يمثل هذا انخفاضا بمقدار الثلثين على أساس سنوي، لكنه لا يزال أكثر أربعة أضعاف ما كان المستوردون يدفعونه في 2019.
يراهن بعض تجار التجزئة على انتهاء التكدس في أي وقت قريب، بينما أدى نقص العمالة إلى استمرار التأخير ولا تزال النقابات في مفاوضات مع موانئ كاليفورنيا وتهدد الاضطرابات العمالية بتعطيل الشاحنات والسكك الحديدية.
يتعين على تجار التجزئة الذين يجلبون المنتجات قبل فترة طويلة من موسم التسوق في الأعياد التعامل مع شح المخازن وتكلفتها العالية. قالت شركة برولوجيس لتأجير المستودعات، الأسبوع الماضي، إن متوسط معدل الإشغال في مستودعاتها ارتفع من 96 في المائة إلى 97.6 في المائة، في حين ارتفعت إيجارات المستودعات الأمريكية المؤجرة حديثا 54 في المائة على أساس سنوي.
تثير التحذيرات من وول مارت وتجار التجزئة الآخرين تساؤلات حول مقدار محتويات تلك المستودعات التي سيتم بيعها كما هو مخطط له.
قال فون مور، الرئيس التنفيذي لشركة الخدمات اللوجستية أيه آي تي، إن الطلب خلال الأعياد سيكون في حالة تغير مستمرة، مشيرا إلى أن اثنين من عملائه الكبار في التجزئة قد خفضا توقعات مبيعاتهما قبل ذروة فترة التسوق السنوية.
"المشكلة هي، ومع دخولنا موسم الأعياد، أنه لديهم المخزون الخاطئ في المستودع"، كما قال. متوقعا أن تكون مبيعات "التخفيضات والتصفية" ضرورية لتصفية المخزون القديم وإفساح المجال لبضائع جديدة.
يرسل المستهلكون إشارات متضاربة حول رغبتهم في الإنفاق. وصل مؤشر جامعة ميشيجان لثقة المستهلك إلى أدنى مستوى في تاريخه الممتد منذ 70 عاما في حزيران (يونيو)، وقالت شركة بست باي إن الإنفاق على الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية "قد تراجع بشكل أكبر" منذ مايو.
لكن النتائج القوية من أمثال شركة هارلي ديڨيدسون وشركة إل في إم إتش، مالكة العلامات التجارية الفاخرة لوي فيتون وتيفاني، تشير إلى أن مبيعات البضائع عالية الجودة لا تزال قوية.
أدت هذه الإشارات المختلطة إلى تدقيق أكثر من المعتاد بشأن موسم التسوق المقبل للعودة إلى المدارس، الذي يمكن أن يوفر صورة أوضح لكيفية تعامل المستهلكين مع موسم الأعياد الأكبر.
تشير استطلاعات الرأي التي أجراها الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة إلى أن الأسرة العادية ستزيد إنفاقها 2 في المائة عن العام الماضي على الدفاتر وأقلام الرصاص وغيرهما من المستلزمات، لكن إجمالي حجم مبيعات تجار التجزئة سينخفض بشكل طفيف عن العام الماضي، من 37.1 مليار دولار إلى 36.9 مليار دولار، حتى قبل التعديل وفقا للتضخم.
أشار إيثان تشيرنوفسكي، نائب الرئيس لشؤون التسويق في شركة بليسر.أيه آي، إلى أن العروض الترويجية مثل بيع الملفات بسعر 50 سنتا في معروض مستلزمات العودة إلى المدارس في متاجر وول مارت قد تكون أقل أهمية في تحديد ما إذا كان بإمكان تجار التجزئة مواجهة تحدي المخزون لهذا العام من مسألة ما إذا كان التضخم قد بدأ يهدأ.
من جانبها، قالت ستيفاني جيجيلسكي، نائبة الرئيس لشؤون الأبحاث في مجموعة مراكز التسوق آي سي إس سي، إنه حتى التجار في وول مارت لا يملكون الحل للتركيبة الحالية من التضخم المرتفع والبطالة المنخفضة لمستويات تاريخية.
"المعاناة بالنسبة إلى الجميع في الوقت الحالي، هو أننا لم نشهد شيئا كهذا من قبل"، حسبما قالت.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES