Author

التمويل العقاري والتحديات المستقبلية

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
أصدر البنك السعودي المركزي بيانات عن أداء قطاع شركات التمويل لـ2021، وهو تقرير غني جدا بالمعلومات ويحتاج إلى قراءات عدة، فلن تكفي قراءة واحدة لهذا التقرير الثري. بناء على بيانات البنك المركزي، فإن هناك 48 شركة تمويل في المملكة، وكملخص للتقرير، فإن شركات التمويل العقاري في وضع مالي غير مناسب، هذا أولا، خاصة مع بدء دورة رفع أسعار الفائدة التي قد تمتد لأعوام، فقيمة المطلوبات المتداولة "التي يجب دفعها خلال عام" في شركات التمويل العقاري بلغت 3.44 مليار ريال، بينما الأصول المتداولة المتوافرة تبلغ قريبا من 2.39 مليار، وهذا مقلق للغاية، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة الذي يشير إلى كثير من الصعوبات لهذا القطاع في المستقبل القريب، ما يزيد من مشكلات السوق العقارية عموما.
بقي القول هنا، إن قطاع التمويل العقاري يشمل السكني والتجاري، وإذا كان السكني يرتكز على الفلل السكنية - كما هو موضح في التقرير - فإن التجاري يرتكز على الأراضي التجارية، وهذا التوزيع في المحفظة غير منتج، فإذا اتجهت أسعار العقار للهبوط أكثر، ومع إعادة تقييم هذه المحافظ لإعادة بيعها لأي سبب، فإن الصعوبات ستزداد. ثانيا، لا يزال التمويل خلاف العقاري هو السوق الكبرى في هذا القطاع، فهو يغطي 62.4 في المائة من حجم سوق التمويل، ويتضمن تمويل المركبات وبطاقات الائتمان والتمويل الشخصي وتمويل المعدات، ويأتي تمويل المركبات "السيارات بالأقساط" بمحفظة قيمتها 18.5 مليار ريال، يليه الاستهلاكي بمحفظة قيمتها 14.5 مليار ريال، لكن مع مخاطر تعثر أعلى في هذا القطاع، حيث بلغت نسبة التعثر 10.1 في المائة عموما، وهي نسبة مرتفعة، بينما بلغت نسبة التعثر في التمويل العقاري 4.9 في المائة، وهي معقولة نوعا ما. وتفصيلا، فإن قطاع المركبات والمعدات الأكثر تعثرا 12 في المائة و28 في المائة على التوالي، ومع ارتفاع الأسعار والتضخم وارتفاع أسعار الفائدة، فإن هذا القطاع أيضا قد يواجه صعوبات جمة، خاصة أن أكثر من 50 في المائة من محفظة التمويل تتجه لمن دخلهم 20 ألف ريال وأقل، بينما نسبه التعثر بينهم تصل إلى 34 في المائة. هذا المشهد في السوق التمويلية يقلق بلا شك، لكن أيضا في ظل بقاء مستويات الأسعار في اتجاه التضخم والفائدة في الارتفاع. ثالثا، تأتي المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمتناهية في الصغر SMEs بحصة 10 في المائة من المقترضين، يقابلها 11 في المائة من المتعثرين ممن يعملون لحسابهم الخاص، وتأتي نسبة تعثر تمويل المعدات بأكثر من 28 في المائة. هذا يقدم صورة مقلقة عن حالة SMEs، ولا أشك أن هذه المنشآت بحاجة إلى دعم لو ارتفعت الأسعار أكثر. وإذا افترضنا أن أصحاب المنشآت المتناهية في الصغر هم من المبادرين الأفراد أصغر من 30 عاما، فإن مخاطر التعثر ترتفع، وهو يقدم دليلا إضافيا على مخاطر دفع الشباب للمبادرات والتمويل دون توجيه مناسب وتجربة حقيقية.
يأتي التقرير الذي نشره البنك المركزي على موقعه ليقدم معلومات مهمة بشأن سوق العمل، فقد بلغ عدد العاملين في هذا القطاع 5933 موظفا، أي بمعدل 123 موظفا في كل شركة، عدد السعوديين منهم 5039 موظفا بمعدل 104 موظفين، وهذا يحسب للقطاع. ولهذا لا بد من الاهتمام به ودعمه أمام ارتفاع أسعار الفائدة المتصاعدة، ومشكلات التعثر المتزايدة. كما يتضح أن تخصصات الأعمال هي المورد الأساس لهذا القطاع، تليها تخصصات نظم المعلومات، وما يهمني شخصيا في هذا هي تخصصات المراجعة الداخلية والمخاطر والمالية، حيث لا تزال نسب التوطين في المالية من الأقل "بلغت 69 في المائة"، كما حققت المراجعة الداخلية قفزة مناسبة، حيث بلغت 86 في المائة، والمخاطر 87 في المائة، وهي نسب جيدة على كل حال، ولا تزال الفرص متاحة للشباب السعوديين للعمل في هذه التخصصات. مع الأسف، لا يوجد تفصيل أكبر بشأن الرواتب والأجور ولا هيكل التشغيل لفهم ذلك، لكن معدلات العائد على الملكية جيدة، حيث بلغت 8.8 في المائة، والعائد على رأس المال يتجاوز 12 في المائة، ما يقدم مؤشرا على أن مصاريف التشغيل ليست كبيرة، وبالتالي فإن مستويات الأجور قد تكون في ضمن المتوسط العام للأجور في القطاع الخاص. بقي القول إن نشاط التمويل متركز في منطقة الرياض، حيث بلغ 42 في المائة، بينما حصلت منطقتا مكة المكرمة والشرقية على 41.1 في المائة، فلم يتبق للمناطق الأخرى سوى 16.9 في المائة، ولهذا مزيد من التفهم، خاصة من قبل منشآت إذا علمنا أن 21 في المائة من التمويل يذهب إلى التجارة، ما يدل على ضعف الوصول إلى التمويل عند هذا النوع من المنشآت في باقي المناطق.
إنشرها