النفس البشرية هشة مضطربة تتقلب فيها أحوال البشر بين الفرح والحزن، والاكتئاب والتفاؤل بين الألم والأمل ومن القاع إلى القمة، يساعده على التعامل مع ذلك إيمانه بالله ومن ثم بقدراته في تجاوز العقبات وصعوبات الحياة ومن يستسلم تتكالب عليه الأمراض مهما بلغت منزلته!
خصوصا الأمراض النفسية، فمنها ما هو مشهور وشائع في أغلب المجتمعات مثل القلق، الفصام، والوسواس القهري، وهناك أمراض نفسية نادرة وقل أن نسمع عنها، قد تصيب أشخاصا أو شعوبا معينة لأسباب عدة، وفي الغالب تظل أسباب الإصابة ببعضها مجهولة، يلفها الغموض وتتميز أعراضها والطريقة التي تظهر بها على المصاب بالغرابة والبشاعة في بعض الأحيان!
هل رأيت يوما إنسانا يأكل نفسه؟
ستقول حتما لا. قد تكون شاهدت أو تعاملت مع شخص يقضم أظافره فقط، لكن هناك من يذهب إلى أبعد من ذلك فتراه يجلس بالساعات يقضم أظافره ثم يتمادى إلى أن يقضم أصابعه ثم يفقد الشخص السيطرة على نفسه والتحكم بها، وتتطور الحالة لديه من التهام أصابعه وشعره وتقشير جلد شفتيه إلى عض ومضغ المريض الأجزاء التي يسهل الوصول إليها من الجسد، وتكون نهايته خطيرة وبشعة بعد أن يفقد المصاب أصابعه أو أجزاء من جسده وهو يتلذذ بذلك ويعرف هذا المرض بـ"التهام النفس" أو أكل لحوم البشر الذاتي!
أما "وهم كوتار" أو متلازمة الجثمان السائر الذي تم اكتشافه في 1882، فيمر المريض فيه بثلاث مراحل تبدأ بدخول المريض في حالة من الاكتئاب والوساوس ليشعر بعد ذلك في المرحلة الثانية بأنه قد مات، وأن لا وجود له من الأساس، أو أنه يتوهم فقد أعضاء من جسده، أما في المرحلة الثالثة يشتد عليه المرض ويدخل في حالة من الاكتئاب المزمن الحاد وحالات شديدة من التوهم والوساوس.
يقال إن الملك البابلي نبوخذ نصو الثاني باني المدن أصيب بمرض نفسي نادر جعله يمشي على أربع ويطلق خوارا متوهما أنه بقرة ويسمى هذا المرض "اضطراب بوأنثروبي" حيث يظن المريض نفسه أنه بقرة أو حمار، ويبدأ في التصرف على هذا النحو فيأكل الأعشاب والحشائش، مثلما يأكلون، ويطلق أصواتا كالخوار والنباح والنهيق!
يقول عالم النفس الإنجليزي روبرت بايفيل واصفا المتلازمة بأنها مرض يركض فيه الإنسان نباحا وعويلا حول القبور والحقول في الليل، مختبئا في الغالب طوال اليوم، ولا يتوقف عن الصراخ أو يستكين إلا عندما يخبره الناس أنه ثور، أو أي وحش آخر.
