جذب سياح أوروبا

موجة حر تجتاح العالم تعانيها دول وصلت فيها درجات الحرارة إلى مستويات قياسية لم تصلها في تاريخها. والحق أن الحرارة هذا العام تفوق الأعوام الماضية، لكن ما يحدث في أوروبا وأمريكا وغيرها من الدول التي كانت جاذبة لسياحة مواطني دول الخليج، تجعل المستقبل حالة من الخوف والتشاؤم.
من يشاهد حالات الوفاة التي نقلتها وسائل الإعلام يؤمن يقينا بأن هذه المسألة متجهة نحو مزيد من التأزيم، ولعل كبار السن ممن يتحدثون دوما عن الطقس الذي يؤثر في شمال الكرة الأرضية بدءا من القطب ولا يسلم منه جنوبها لم يعودوا الوحيدين الذين يشهدون عليه أو يعطون الأمثلة عنه، بل حتى صغار السن يشاهدون الاختلافات بين عام وآخر. مدن لم تكن تعرف المكيفات أصبحت تدعو ساكنيها إلى البقاء في المنازل وأصبح جزءا من تصميم المباني توفير وسائل التبريد للأجواء.
يعيدني هذا دوما للمقارنة بين أجواء المناطق الجبلية في المملكة ومدن أوروبا ـ التي كانت في الماضي الأبرد ـ لنكتشف اليوم أن مناطقنا الجنوبية تعيش أجواء ربيعية خلال هذه الفترة المعذبة لمدن أوروبا، ودرجات حرارتها عشرينية يتمناها سكان لندن وبرلين وباريس.
يجب أن نعمل على الحفاظ على هذه الميزة المتوافرة اليوم بكل ما أوتينا بحيث نضمن ألا تسهم الأنشطة البشرية في التسبب بارتفاع في درجات الحرارة يؤثر في الوضع القائم، كما حدث سابقا مع الهدر المائي الذي تسبب في جفاف كثير من الآبار ومنابع المياه التي ظلت لقرون مصادر مضمونة للمياه العذبة.
مهم أن تعنى الخطط الاستراتيجية لهذه المناطق بحماية البيئة، ودعم البحوث العملية في مجال تقليل تأثر هذه المناطق من أي تأثيرات في الطبقة النباتية التي هي المتنفس الكبير لهذه المناطق، والاهتمام بما يحمي الغابات من الحرائق التي نشاهدها في كل مناطق أوروبا التي تسهم في رفع درجات الحرارة رغم أنها واحدة من نتائج ارتفاع الحرارة. الجذب السياحي واحد من أهم أهداف رؤية المملكة وهذه المناطق لديها اليوم فرصة تاريخية لتحدي المدن التي كانت ملاذا لسياح العالم في الصيف ـ بالذات ـ من خلال التخطيط والتنفيذ كما ينبغي.

المزيد من مقالات الرأي