Author

البصمة المعجزة

|
الإعجاز في خلق الإنسان لا يقف عند حد، فكلما ازداد العلم تطورا أتاح ذلك للعلماء معرفة مزيد من أسرار الخلق، "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد". الإنسان كائن معجز من رأسه إلى أخمص قدميه، فحيثما تنظر وتتأمل تجد الإعجاز واضحا لا يحتاج إلى تبيان. العينان واللسان والشفتان، والقلب والكبد والرئتان وغيرها.
ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد.
يقول الحق سبحانه، "أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه، بلى قادرين على أن نسوي بنانه". وقد اجتهد علماء التفسير في تفسير تسوية البنان فذكر بعضهم أن المراد هو جعل الأصابع مستوية، وقيل غير ذلك.
ابن منظور في لسان العرب، قال إن المقصود بالبنان هو أطراف الأصابع من اليدين والقدمين. العلم الحديث أثبت أن لكل إنسان في أطراف أصابعه خطوط دقيقة اتفق على تسميتها بالبصمة fingerprint ففي 1823 اكتشف عالم التشريح التشيكي purkinje حقيقة البصمات وأنها ثلاثة أنواع من الخطوط أقواس ودوائر وعقد أو على شكل رابع يدعى المركبات، لكونها تتركب من أشكال متعددة. وبعد 35 عاما أي في 1858 أشار العالم الإنجليزي William Herschel إلى اختلاف البصمات باختلاف أصحابها، ما يجعلها دليلا مميزا لكل شخص.
وفي 1877 اخترع Henry Faulds طريقة وضع البصمة على الورق باستخدام حبر المطابع. ثبت علميا أن بصمات الإنسان تبدأ بالتكون وهو جنين في الشهر الرابع وأنها تظل ثابتة ومتميزة لا تتغير طوال حياته. وعلى مدى عشرات الأعوام ومع المتابعة المستمرة والرصد الدقيق لبصمات الملايين من البشر اتضح أنه لا تتطابق بصمات أي اثنين على الإطلاق حتى التوائم الذين يتشابهون في كثير من الخصائص والصفات والسلوكيات تكون بصمات أصابعهم مختلفة. ومن هنا فقد اشتهرت بصمات الأصابع كوسيلة دقيقة لتحديد هوية الأشخاص، ما سهل عمليات التحقيق الجنائية. ومع التطور التقني الهائل فقد تم استخدام الحواسيب للمقارنة بين البصمات التي لم يعد الحبر والورق يستخدم لمعرفتها وإنما يتم ذلك باستخدام كاميرات ذات حساسات إلكترونية ضوئية إلكترونية Charge-coupled device يرمز لها CCD، ما يجعل حفظ البصمات ومن ثم مقارنتها بأخرى أمرا ميسورا. وصدق الحق "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا".
إنشرها