Author

المملكة والريادة العالمية

|
تعد المملكة قلب العالم الإسلامي والدولة الرائدة والفاعلة في العالم العربي، وتشهد تحولا اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا كبيرا أصبح مثار الإعجاب، علاوة على ذلك تحتل مكانة دولية متزايدة سواء على الصعيد الاقتصادي، أو السياسي، أو التقني، أو العلمي، أو السياحي. لم يأت ذلك إلا من خلال الجهود المخلصة والجادة التي تنطلق من الرؤية الطموحة التي تسعى إلى رفع جودة حياة الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، إلى جانب تعزيز التنافسية للاقتصاد السعودي. لذلك لا غرابة في أن تكون المملكة مقرا للقمة بين الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ودول الشرق الأوسط، مثل: مصر والأردن والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي، وأن تحرص أعظم دول العالم على تعزيز علاقاتها بالمملكة.
لا شك أن زيارة الرئيس الأمريكي تعزز العلاقات التي أصابها الفتور لبعض الوقت، ولكن المصالح المتبادلة بين الولايات المتحدة من جهة، والمملكة من جهة أخرى، تحتم تعزيز العلاقات الاستراتيجية التاريخية بين الدولتين التي امتدت أكثر من 80 عاما، فالمملكة من الدول المحورية ليس على المستوى الإقليمي، بل على المستوى العالمي. فلم تعد المملكة دولة منتجة للطاقة فقط، بل عضوا في مجموعة العشرين، ودولة محورية في مجال الاستثمار في التقنية، والطاقة الخضراء، والتعليم، والصناعة، ولا يقل عن ذلك إسهامها في دعم الأعمال الإنسانية في مختلف بقاع الأرض، إلى جانب دعمها للسلام والاستقرار العالمي، وفي المقابل تعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر صناع الاستقرار الدولي، ومن أكبر الشركاء التجاريين مع المملكة الذين تربطهم اتفاقيات عديدة وقديمة في كثير من المجالات الاقتصادية والعلمية. ونتيجة لهذا التعاون البناء والعلاقات الراسخة يعيش ويعمل آلاف الأمريكيين في المملكة، وفي المقابل يلتحق آلاف الطلاب السعوديين بالجامعات الأمريكية.
وإيمان الدولتين بأهمية كل منهما للآخر يبدو واضحا من خلال الرغبة في ترميم العلاقة بينهما، كلما أصابها الوهن أو الفتور. فجميع الأطراف مستفيدة سواء من حيث استقرار أسواق النفط أو التبادل التجاري الضخم، إلى جانب رغبة الولايات المتحدة في استعادة دورها في المنطقة، ما يؤدي إلى الحد من التمدد الإيراني في المنطقة الذي يزعزع الأمن من خلال دعم الجماعات الإرهابية من جهة، وزيادة الفرص الاستثمارية للشركات الأمريكية من جهة أخرى، وبالتالي ينعكس أيضا على زيادة الاستثمار الأجنبي في المملكة، ومن ثم إسهامه في الناتج المحلي.
ومن المؤكد أن العلاقات الاستراتيجية المتينة بين الدولتين المحوريتين على الساحة الدولية ستكون لها انعكاسات إيجابية على الدولتين نفسيهما، وعلى الاستقرار الاقتصادي والسياسي في العالم الذي يشهد تحديات هائلة ومنعطفات خطيرة.
وكنتيجة مباشرة، تمخضت الزيارة عن توقيع 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم وعقد شراكات، مع التأكيد على التزام المملكة الدائم بدعم توازن أسوق النفط العالمية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وكذلك التزام الولايات المتحدة القوي والدائم بدعم أمن السعودية والدفاع عن أراضيها، وتسهيل قدرة المملكة على الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية، كذلك وقعت مذكرة تعاون جديدة تربط شركات التقنية في كل من السعودية والولايات المتحدة، لتعزيز تطبيق تقنية الجيل الخامس (5G) باستخدام شبكات الراديو المفتوحة، وتمكين تطوير الجيل السادس (6G) عبر تقنيات مشابهة، وتعزيز الشراكة في مجال البنية التحتية السحابية والأمن السيبراني من أجل حماية مصالح البلدين. ولم تقتصر نتائج القمة على الدولتين فقط، بل شملت اتفاقيات ثنائية بين دول المنطقة، ومنها الربط الكهربائي بين بعض الدول، وتسليم جزيرتي تيران وصنافير في مدخل خليج العقبة للسعودية، وغيرهما.
إنشرها