ولي العهد: لن نتخلى عن قيمنا النبيلة .. نفتخر بها ونتمنى من العالم احترامها
أعرب الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، عن تفاؤله أن تؤدي قمة جدة للأمن والتنمية "إلى وضع إطار شامل لمرحلة جديدة نبعث فيها الأمل لشباب وشابات المنطقة بمستقبل مشرق يتمكنون فيه من تحقيق آمالهم، ويقدمون للعالم رسالتنا وقيمنا النبيلة، التي نفتخر بها، ولن نتخلى عنها، ونتمنى من العالم احترامها كما نحترم القيم الأخرى، بما يعزز شراكاتنا ويخدم منطقتنا والعالم".
جاء ذلك في كلمة لولي العهد خلال ترؤسه، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، "قمة جدة للأمن والتنمية"، بحضور قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة، والأردن، ومصر، والعراق.
واستهل ولي العهد كلمته بقوله، "أرحب بكم في المملكة العربية السعودية، وأنقل لكم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتمنياته لقمتنا هذه بالنجاح".
وأضاف، أن "اجتماعنا اليوم يأتي في الوقت الذي تواجه فيه منطقتنا والعالم تحديات مصيرية كبرى، تستدعي مواجهتها تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام استقلالها وسلامة أراضيها. ونأمل أن تؤسس قمتنا هذه لعهد جديد من التعاون المشترك، لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة الأمريكية، لخدمة مصالحنا المشتركة، وتعزز الأمن والتنمية في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع.
وتابع، إن التحديات الكبرى التي تعرض لها العالم أخيرا بسبب جائحة كوفيد - 19، والأوضاع الجيوسياسية، تستدعي مزيدا من تضافر الجهود الدولية لتعافي الاقتصاد العالمي، وتحقيق الأمن الغذائي والصحي. كما أن التحديات البيئية التي يواجهها العالم حاليا وعلى رأسها التغير المناخي، وعزم المجتمع الدولي على الإبقاء على درجة حرارة الأرض وفقا للمستويات التي حددتها اتفاقية باريس؛ تقتضي التعامل معها بواقعية ومسؤولية لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال تبني "نهج متوازن"، وذلك بالانتقال المتدرج والمسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة الذي يأخذ في الحسبان ظروف وأولويات كل دولة.
وأردف، إن تبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات من خلال إقصاء مصادر رئيسة للطاقة دون مراعاة الأثر الناتج عن هذه السياسات في الركائز الاجتماعية والاقتصادية للتنمية المستدامة وسلاسل الإمداد العالمية سيؤدي في الأعوام المقبلة إلى تضخم غير معهود وارتفاع في أسعار الطاقة وزيادة البطالة وتفاقم مشكلات اجتماعية وأمنية خطيرة بما في ذلك تزايد الفقر والمجاعات وتصاعد في الجرائم والتطرف والإرهاب. ونؤكد أن نمو الاقتصاد العالمي يرتبط ارتباطا وثيقا بالاستفادة من جميع مصادر الطاقة المتوافرة في العالم بما فيها الهيدروكربونية مع التحكم في انبعاثاتها من خلال التقنيات النظيفة، ما يعزز إمكانية وصول العالم إلى الحياد الصفري في 2050 أو ما قبله مع المحافظة على أمن إمدادات الطاقة. ولذلك تبنت المملكة نهجا متوازنا للوصول للحياد الصفري لانبعاثات الكربون باتباع نهج الاقتصاد الدائري للكربون بما يتوافق مع خططها التنموية وتمكين تنوعها الاقتصادي دون التأثير في النمو وسلاسل الإمداد مع تطوير التقنيات بمشاركة عالمية لمعالجة الانبعاثات من خلال مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" لدعم تلك الجهود محليا وإقليميا.
واستطرد، كما نؤكد أهمية مواصلة ضخ الاستثمارات في الطاقة الأحفورية وتقنياتها النظيفة وتشجيع ذلك على مدى العقدين المقبلين لتلبية الطلب المتنامي عالميا مع أهمية طمأنة المستثمرين بأن السياسات التي يتم تبنيها لا تشكل تهديدا لاستثماراتهم لتلافي امتناعهم عن الاستثمار وضمان عدم حدوث نقص في إمدادات الطاقة من شأنه أن يؤثر في الاقتصاد العالمي. وستقوم المملكة بدورها في هذا المجال، حيث إنها أعلنت زيادة مستوى طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميا وبعد ذلك لن يكون لدى المملكة أي قدرة إضافية لزيادة الإنتاج.
وقال الأمير محمد بن سلمان: إن مستقبل المنطقة الذي ننشده يتطلب تبني رؤية تضع في أولوياتها تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، وترتكز على الاحترام المتبادل بين دول المنطقة، وتوثيق الأواصر الثقافية والاجتماعية المشتركة ومجابهة التحديات الأمنية والسياسية، نحو تحقيق تنمية اقتصادية شاملة. وندعو إيران باعتبارها دولة جارة، يربطنا بشعبها روابط دينية وثقافية، إلى التعاون مع دول المنطقة لتكون جزءا من هذه الرؤية، من خلال الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن.
وأضاف، وامتدادا لرؤية المملكة الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد دعمت جميع الجهود الرامية إلى الوصول إلى حل سياسي يمني ـ يمني، وفقا للمرجعيات الثلاث، كما بذلت المملكة مساعيها لتثبيت الهدنة الحالية، وسنستمر في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني الشقيق. ونؤكد أن ازدهار المنطقة ورخاءها يتطلب الإسراع في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفقا لمبادرات وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
وأردف، إنه يسرنا ما يشهده العراق أخيرا من تحسن في أمنه واستقراره، بما سينعكس على شعبه الشقيق بالرخاء والازدهار، وتفاعله الإيجابي مع محيطه العربي والإقليمي، ومن هذا المنطلق، فإننا نشيد بتوقيع اتفاقيتي الربط الكهربائي بين المملكة والعراق، وكذلك مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يسهم في توفير حاجة العراق من الكهرباء، كما ننوه بمشاريع الربط الكهربائي الجاري تنفيذها بين المملكة وكل من مصر والأردن. وأن اكتمال منظومة الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة يتطلب إيجاد حلول سياسية واقعية للأزمات الأخرى ولا سيما في سورية وليبيا، بما يكفل إنهاء معاناة شعبيهما الشقيقين.
وتابع، إننا متفائلون أن تؤدي هذه القمة إلى وضع إطار شامل لمرحلة جديدة نبعث فيها الأمل لشباب وشابات المنطقة بمستقبل مشرق يتمكنون فيه من تحقيق آمالهم.
ويقدمون للعالم رسالتنا وقيمنا النبيلة، التي نفتخر بها ولن نتخلى عنها ونتمنى من العالم احترامها كما نحترم القيم الأخرى بما يعزز شراكاتنا ويخدم منطقتنا والعالم.
وفي ختام القمة، أعرب ولي العهد عن شكره لقادة ورؤساء وفود الدول على حضورهم، ومشاركتهم الفعالة في القمة "التي عكست عمق العلاقات المتينة التي تربط دولنا بعضها ببعض، وبالولايات المتحدة، التي تأتي امتدادا واستمرارا لعقود من الروابط الاستراتيجية الوثيقة".
وقال ولي العهد، "نشيد بما شهدته هذه القمة من حرص على مواصلة التقدم والتعاون، فيما يعزز مسيرة عملنا المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية والمناخية والصحية وغيرها، متطلعين إلى مواصلة التعاون بين دولنا، بما يحقق الأمن والرخاء والسلام والاستقرار والازدهار للعالم أجمع".
ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، استقبل ولي العهد، أمس في مركز الملك عبدالله الدولي للمؤتمرات في جدة، قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة، والأردن، ومصر، والعراق، المشاركين في "قمة جدة للأمن والتنمية".
ثم التقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.