عيد بأية حال عدت يا عيد؟

ونحن في أول أيام عيد الأضحى المبارك، يبرز في الذهن تساؤل عن مدى سعادة الشعوب العربية، خاصة مع التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها كثير منها. يصعب التوصل إلى إجابة عن التساؤل، لكن إجابة جزئية قد نجدها في تقرير السعادة العالمي الذي يصدر سنويا منذ 2002، لتحديد أسعد دول العالم.
في نسخته الأخيرة لـ2022 تربعت فنلندا - كعادتها منذ أعوام - على قمة القائمة في المرتبة الأولى، فقد عبر مواطنو هذه الدولة عن سعادة أعلى من الدول الأخرى بفارق كبير، وذلك بالاعتماد بدرجة أساسية على استطلاع شامل للآراء تقوم به مؤسسة جالوب، حول تقييم أفراد العينة لحياتهم عموما، ومشاعرهم الإيجابية والسلبية نحو أمور محددة، ويعتمد تفسير مستويات السعادة على المتغيرات التالية، نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والدعم الاجتماعي، والعمر المتوقع عند الميلاد، وحرية اتخاذ الخيارات الحياتية، ومستوى العطاء لدى السكان، وتصورات لمستويات الفساد الداخلي والخارجي. ولتوضيح قياس بعض هذه المتغيرات، فإن الدعم الاجتماعي يحسب بناء على الإجابات الثنائية «صفر = لا، 1 = نعم» على سؤال استطلاع جالوب العالمي GWP، "إذا كنت في ورطة، هل لديك أقارب أو أصدقاء يمكنك الاعتماد عليهم لمساعدتك في أي وقت أنت بحاجة إليهم؟" وتقاس حرية الخيارات الحياتية بالإجابات الثنائية «صفر = لا، 1 = نعم» على السؤال، "هل أنت راض أو غير راض عن حريتك في اختيار ما تفعله في حياتك؟" أما العطاء أو الكرم فيعتمد على الإجابات حول التبرع، "هل تبرعت بأموال لجمعية خيرية في الشهر الماضي؟" أما تصورات انتشار الفساد فيقوم على سؤالين هما: "هل الفساد منتشر في جميع أنحاء الحكومة أم لا؟" و"هل الفساد منتشر داخل الشركات أم لا؟"
ومن أجل المقارنة، تتم مقارنة كل دولة بدولة معيارية افتراضية أطلق عليها «ديستوبيا»، هي الأقل سعادة في العالم، لأنها تقوم على أقل قيمة في المتغيرات الستة السابقة، ومن اللافت للنظر أن دول شمال أوروبا هي الأكثر سعادة في العالم، خاصة فنلندا، والدنمارك، وسويسرا، وآيسلندا، وهولندا، والنرويج، والسويد. في حين جاءت أفغانستان في أسفل القائمة، وقبلها لبنان، وزيمبابوي، ويفسر تدني الأداء في هذه الدول جزئيا بانخفاض العمر المتوقع عند الميلاد، وكذلك نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وماذا عن الدول العربية؟ من بين الدول العربية المشاركة في التقرير، جاءت البحرين في المرتبة 21 عالميا، والأولى عربيا، وتليها كل من الإمارات والسعودية في المرتبتين 24 و25 على التوالي، وتليهما الكويت بفارق كبير في المرتبة 50، ثم ليبيا في المرتبة 86، فالجزائر 96، ثم المغرب 100، والعراق 107، وتونس 120، وفلسطين 122، ومصر 129، ثم اليمن 132، وموريتانيا 133، والأردن 134، ولبنان 145. وباستثناء دول الخليج العربي، تأتي معظم الدول العربية في أسفل القائمة، أي أنها من أقل شعوب العالم شعورا بالسعادة.
في حين جاءت الدول الأخرى في مراتب متأخرة، فمثلا إيران في المرتبة 110، وتركيا في المرتبة 112.
ومن اللافت للنظر أن دولا كبيرة سكانيا وصناعيا وذات اقتصادات ضخمة، لم تستطع تحقيق السعادة لشعوبها، فلا يشعر مواطنوها بالسعادة، إذ لم تحقق مراتب متقدمة، فمثلا جاءت اليابان في المرتبة 54، والصين 72، وروسيا، 80، والهند 136. في المقابل حققت الدول الغربية مراتب متقدمة، فمثلا ألمانيا في المرتبة 14، وكندا في المرتبة 15، والولايات المتحدة في المرتبة 16، وبريطانيا في المرتبة 17، وفرنسا في المرتبة 20.
في الختام، لا يتطلب الأمر إلى مؤشر السعادة العالمي لمعرفة المعاناة والألم، ومن ثم فقدان معنى السعادة لدى بعض الشعوب العربية، لكن الأعياد الدينية، خاصة عيد الأضحى، يعيد البهجة والسعادة إلى نفوس المسلمين، خصوصا مع القيم العربية الإسلامية النبيلة التي تدعو إلى التكافل والتواصل للسلام والتحية والتهنئة، وكذلك من أجل التشارك في الأضاحي. تهنئة بعيد الأضحى المبارك إلى جميع القراء، مع دعواتي بأن يعيده الله على جميع الشعوب بالأمن والخير والنماء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي