Author

هل تقلل مواد البيئة من أسعار المنازل؟

|
تمر بشارع من الشوارع في مدينتك على مجمع سكني، تحت الإنشاء، أو تمر على ناظريك دعاية لمشروع سكني معروض للبيع، وما يلفت النظر هو عبارة "فلل وفق طراز عصري فريد"، هذه العبارة لا شك أنها لافتة للنظر، وقد تكون مغرية للبعض، فكلمة عصرية مغرية، خاصة أن العصرنة لها بريقها وجاذبيتها، خاصة عندما تكون مرتبطة بالسكن الذي سيعيش فيه الشخص، ويمضي معظم وقته اليومي فيه.
مقاطع حقيقية يعرضها أصحابها الذين تورطوا بشراء البيوت الجاهزة، أي التي أنشأها بغض النظر من يكون، فرد مستثمر أو شركة، واكتشف فيما بعد المالك الجديد الخلل الموجود في المبنى، ليس فيما يتعلق بالتشطيبات، كالبلاط، أو الجبسيات، أو الطلاء، إنما الأمر مرتبط بخلل إنشائي يعرض المبنى للسقوط، كما يعرض ساكنيه للخطر مع الخسارة في المال الذي قد يكون مقترضا من بنك، أو شركة تمويل.
التفنن في التصاميم من قبل المهندسين أمر جميل يشكرون عليه، مع أن الشكلين الداخلي والخارجي في هذه الحالة قد يكونان مهمين، إلى حد ما، لما يحدثانه من راحة نفسية للساكن، أو للناظر إليه من عابري السبيل، وما يلفت النظر في المباني الحديثة الاعتماد على مواد الزجاج في واجهاتها، مع إمكانية التساؤل عن مناسبتها وكفاءتها لوطننا مع الأجواء الشديدة الحرارة.
المهندس المعماري المصري الملقب بمهندس الفقراء حسن فتحي، يرى ضرورة أن يأخذ المهندس في الحسبان مواد البيئة عند تصميمه المساكن، أو ما ينتفع منه الناس، حيث يقول، "إن الله قد خلق في كل بيئة ما يقاوم مشكلاتها من مواد، وذكاء المعماري هو في التعامل مع المواد الموجودة تحت قدميه، لأنها المواد التي تقاوم قسوة بيئة المكان"، ولذا رأيه أن الحداثة لا تعني بالضرورة الحيوية، والتغير لا يكون دائما للأفضل.
مباني مدننا وقرانا في السابق موادها من بيئاتها المختلفة، فالطين يشكل المادة الأساس في المناطق الطينية، وكذلك الحجارة كانت الأساس في المناطق الجبلية، وكانت ذات كفاءة عالية في مناسبتها للطقس، إذ كانت البيوت الطينية دافئة في الشتاء، باردة في الصيف، مع وجود مشكلات تسريب المياه أثناء هطول المطر، إلا أن بالإمكان منع ذلك بالصيانة الدورية. ويمكن توظيف مواد البيئة المحلية مع الاستفادة من منتجات العصر الحاضر التي قد تعالج السلبيات الموجودة في مواد البيئة، وبالتصاميم العصرية.
المهندس حسن فتحي، يقول: طالما أملك القدرة والوسيلة لإراحة الناس، فإن الله لن يغفر لي مطلقا أن أرفع الحرارة داخل البيت متعمدا 17 درجة مئوية. ما من شك أن مواد العصر وتصاميمه تضفي شيئا من الجمال على المبنى، لكنها في الوقت ذاته مكلفة ماديا، ولن يكون بمقدور كل الناس امتلاك المنازل مع الأسعار الباهظة الثمن، فهل تعيد أقسام العمارة والهندسة ومعها الجمعية السعودية للعمارة والتخطيط، النظر في الفكر العمراني لتأخذ مواد البيئة مكانها في عمارة المنازل خاصة؟
إنشرها