Author

النظم الإدارية وجودة الأداء

|
نظامان إداريان يعمل بهما في كثير من المرافق الحكومية، والمؤسسات، والشركات الخاصة، النظامان وجدا بهدف ضبط العمل، وتجويده، وانتظامه، وعدم تفلت منظومة العمل، ومن يعمل وفق أي منهما يستخدمه قناعة منه بجدواه، أو أنه يتبع نظاما عاما صادرا من جهة أعلى منه، وفي هذه الحال لا يمكنه مخالفة النظام العام، أو ربما بسبب أنه يجهل وجود نظام بديل.
النظام الأول يتمثل في حضور العاملين في المنشأة في وقت محدد، وانصرافهم في وقت محدد، كما هو معمول به في كثير من دول العالم، مع استخدام نظام التوقيع من قبل الموظف، وذلك لإثبات الحضور ماديا من أول الدوام حتى نهايته، ويواجه هذا النظام كثيرا من المشكلات، منها أن الموظف يشعر أن مجرد حضوره يكفي لاعتباره مداوما، بغض النظر عما فعل طوال الوقت الذي قد يستمر ثماني ساعات، لذا تجده يحاجج، ويعاند لإثبات وجوده من خلال توقيعه، ومع تقدم التقنية تم استخدام نظام البصمة ليكون الحضور، والانصراف داخل نظام رقمي محفوظ، وسهل الاطلاع عليه من مسؤولي المنشأة، سواء كانوا داخلها، أو خارجها.
مثل هذا الفرد يمثل نسبة لا بأس بها ممن يعتقد أن العمل مجرد حضور، لذا تجده طوال الوقت يتنقل من مكتب لآخر، وإدارة لأخرى في محاولة منه لتمضية الوقت، وفي الوقت نفسه إثبات حضوره أمام الزملاء، لكنه في الواقع يضيع وقت الزملاء العاملين بجد لما يحدثه من مقاطعة، وإرباك، ومثل هذه العينة متى ما وجدت في بيئة عمل فهي تمثل بذرة فساد لبيئة العمل، لأنه سيمثل قدوة سيئة يقتدي بها بعض العاملين الآخرين، خاصة إذا لم يحاسب على تسيبه وعدم قيامه بالمهمات المنوطة به.
تصحيح وضع هذا الفرد، وأمثاله يتمثل في تغيير مفهوم العمل لديه باعتباره إنجازا، وعطاء مقابل دخل يحصل عليه، فوعيه بمفهوم العمل الصحيح هو المدخل المناسب للتغيير، أما إذا استعصى العلاج بأسلوب تغيير المفهوم ففي هذه الحال يلزم اتخاذ الإجراءات التي ينص عليها النظام، كخطاب تنبيه، أو إنذار، أو حسم، أو حرمان من الترقية، وهذه يفترض ألا يتم اللجوء لها إلا بعد استنفاد الإجراءات الأخرى.
النظام الثاني يمكن تسميته بنظام الإنجاز، ويتمثل في أن إنتاج الموظف هو الأهم، حتى لو لم يحضر إلا جزءا من الوقت طالما أدى المهمات الموكلة إليه، ولم يعطلها، أو يؤخرها عن وقتها، وفي هذا ضمان لسلاسة سير العمل، وانتظامه، حتى لا تتعطل مصالح المنشأة، والمتعاملين معها، ووفق هذا النظام لا يحاسب الموظف على تأخره في الحضور لمكان العمل، أو انصرافه مبكرا، وإنما المحاسبة تبنى على أساس جودة العمل، ودقة الإنجاز، وفي الوقت المحدد.
التقنية الحديثة يسرت النظام الإداري الثاني، خاصة الأعمال الإدارية الصرفة كالمعاملات، أو التصاميم، والرسومات، أو تحليل النصوص، ومراجعتها، أو التحليلات الإحصائية، إذ يمكن للموظف أن يتلقاها، وينفذ ما يحتاج إلى تنفيذه وهو في البيت، أو وهو مسافر، كما يمكن إعادتها لجهة عمله، أو المستفيد من الخدمة مباشرة.
أعتقد أن كل بيئة عمل لها ظروفها من حيث الإمكانات المادية، والبشرية، والتقنية، وما يناسب بيئة عمل من نظام ربما لا يناسب أخرى، ولذا الأمر متروك لقائد المنشأة، وخبرته في تقرير أي النموذجين الإداريين أفضل في تحقيق أهداف المنشأة، ودورها الذي تضطلع به.
إنشرها