Author

الخصوصية والحب والثقة

|
عندما يذكر مصطلح أمن المعلومات تتبادر إلى الذهن شبكات الحاسب، ومراكز التحكم، والشبكات، واسم المستخدم، وكلمات المرور، والتطبيقات، والهواتف الذكية، وغيرها من الأشياء التي ترتبط اليوم بالغابة الرقمية المحيطة بنا، الغابة الجميلة في كثير من أجزائها، والخطيرة أو المضرة أو المملة في جزء منها.
من الناحية الشخصية الذاتية لكل فرد فأمن المعلومات أصبح هاجسا لدى أغلبية البشر في كل مكان، لكنه الأمن الذي يمس الخصوصية وهو يعني هاتف جوال لا يمسه أحد، أو كمبيوتر محمول لا يبحر فيه إلا صاحبه، وفي دائرة أوسع هو الحفاظ على معلومات اتصال وتواصل ووجود في تطبيقات أو منصات ومواقع معينة بعيدا عن الجميع.
كان تجريم كسر أمن المعلومات منطقة اجتهاد وقياس لوجود فراغ تشريعي كبير كونها من محدثات هذا الزمن، وأصبح هناك اليوم قوانين عالمية مشتركة، وقوانين خاصة بكل دولة لحماية هذا العالم أو المستفيدين والمتنزهين في هذه الغابة قدر الإمكان، وجعلها جزءا أصيلا من مسيرة التقدم الحضاري والإنساني، وهذه الأخيرة لا تزال محل خلاف إلى الآن خاصة لدى المتخصصين في علوم الإنسان "الإنثربولوجيا" الذين يدرس بعضهم هذا العالم منذ أعوام وسنرى في المستقبل ما يعتقدونه أو لعلهم يقررونه علميا.
على المستويات الذاتية أو أمن المعلومات الفردي الذي قد لا يجرم بعض منه نظاما بالضرورة أصبح هناك قوانين ونواميس تشبه العرف، العرف الذي يكرس خصوصية الفرد ضد "اللقافة" مثلا، وشيئا فشيئا حتى ضد التحكم من الآباء والأمهات على الأبناء، أو المديرين على الموظفين، وأصبح هناك ما يشبه برامج الحماية التي لا تباع في الأسواق والمكتبات مثل بقية البرامج.
أصبح هناك مناطق خطرة يجب الانتباه إليها، فأنت يمكنك أن تتفقد جهاز ابنك أو ابنتك في مراحل عمرية معينة وباستمرار، وستلحظ مع الوقت، أي مع تقدمهم في العمر، وازدياد استحقاقات الخصوصية لديهم أن هذا سيصعب، ثم سينعدم، ولا يتبقى لديك إلا منطقتا الحب والثقة التي تحيطهم بها ليبوحوا لك ببعض تفاصيل عوالمهم، البعض فقط وليس الكل، وهذا حسن نسبيا إذا كنت قد أحسنت بناء العلاقة الوالدية معهم.
يحتاج البشر اليوم إلى خصوصية تتسع دائرتها وتضيق تبعا للزائر لمنطقتهم الرقمية الشخصية، ويكون إعطاء الصلاحيات/ الإذن للدخول إلى عوالمهم نوعا من الاقتراب يخضع تصنيفه وعمقه لمستوى الحب والأمان الذي يشعرون به تجاه من يمنحونه الإذن بالاقتراب أو الدخول.
الحب والثقة سيظلان الركيزة الأولى في التربية ومنح الشعور بالأمان.
إنشرها