FINANCIAL TIMES

دوامة تضخم عنيفة في أفق المملكة المتحدة

دوامة تضخم عنيفة في أفق المملكة المتحدة

تمر المملكة المتحدة في خضم نوع من الاضطرابات العمالية التي لم تشهدها منذ عقود. يظهر هذا في خطوط السكك الحديدية، ومترو أنفاق لندن، والخطوط الجوية البريطانية. يمكن للمعلمين وغيرهم من العاملين في القطاع العام الانضمام. تفسير ذلك واضح. يؤدي التضخم غير المتوقع إلى خسائر يريد الجميع تعويضها. وهذا من شأنه أن يثير الصراع الاجتماعي.
لكن إذا كان التضخم سيئا، كذلك العلاج. ما لم يعتقد المرء أنه سيختفي بطريقة سحرية، فإن السبيل إلى إنهاء التضخم الراسخ يمر عبر فترة من انخفاض الإنتاج والبطالة المتزايدة. سيكون هذا "تضخما مصحوبا بركود" - مزيج من التضخم المرتفع مع نمو ضعيف يستمر لبعض الوقت وقد يتطلب أكثر من تشديد قبل أن ينتهي.
ابدأ بالعملية التضخمية نفسها: إلى أي مدى يتم استيراد التضخم وإلى أي مدى يرجع إلى الطلب المحلي المفرط؟
في المملكة المتحدة ارتفع مستوى أسعار السلع، بخلاف الطاقة والغذاء، بنسبة 8 في المائة خلال العامين الماضيين. الرقم المماثل في الولايات المتحدة هو 10 في المائة. في منطقة اليورو، تبلغ النسبة 4.7 في المائة فقط. هذا يدعم الرأي القائل إن الديناميكية التضخمية المحلية في المملكة المتحدة (والولايات المتحدة) كانت أقوى مما كانت عليه في معظم دول اليورو.
يظهر آخر تقرير من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضا أن العملية التضخمية منتشرة على نطاق واسع الآن في المملكة المتحدة. بالتالي، نسبة السلع والخدمات التي يزيد معدل التضخم السنوي فيها عن 4 في المائة ارتفعت من 14 في المائة إلى 66 في المائة بين نيسان (أبريل) 2021 ونيسان (أبريل) 2022. أخيرا، كانت نسبة العمال العاطلين عن العمل إلى عدد الوظائف الشاغرة أقل في الربع الأول من هذا العام في المملكة المتحدة مقارنة بالعقدين الماضيين. الوضع في الولايات المتحدة مماثل.
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتوقع أن يظل معدل التضخم الرئيس في المملكة المتحدة عند 4.7 في المائة في نهاية العام المقبل. إذن، سيسعى الناس إلى تعويض الخسائر الكبيرة في مستوياتهم المعيشية لا محالة. هذا يعني أنه سيكون هناك ضغط قوي من أجل زيادة الأجور. وسيزداد هذا الضغط قوة بسبب الافتقار المتزايد للثقة في قدرة بنك إنجلترا أو تصميمه على تحقيق التضخم المستهدف. لكن إذا كانت الأجور تلحق بالفعل بالارتفاعات السابقة (والمتوقعة) في الأسعار، فستظهر دوامة أخرى من التضخم الناتج محليا، ما يعوض جزئيا أي انخفاض في معدل التضخم المستورد.
باختصار، في دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، يجب أن يضعف الاقتصاد بدرجة كافية للقضاء على السخونة المحلية المفرطة وإزالة احتمال حدوث دوامة أجور/ أسعار مدمرة.
هذا يثير سؤالين: ما حجم الضعف الذي ستكون هناك حاجة إليه؟ وكيف سيتم تقديمه؟
وجهة نظر متفائلة بشأن السؤال الأول هي أن أخذ قليل من الفائض من سوق العمل سيكون كافيا لإزالة مخاطر حدوث دوامة تضخمية محلية. هذا يبدو غير محتمل للغاية. بالنظر إلى التخفيضات في الدخل الحقيقي التي حدثت يتوقع العمال زيادات تعويضية في الأجور، وسيحصلون عليها في أي سوق عمل قوية إلى حد معقول. من المحتمل أن ترتفع البطالة بشكل كبير إذا كانت الزيادات محدودة.
الإجابة على السؤال الثاني تعتمد على مدى حدوث مثل هذا التباطؤ على أي حال. وجهة النظر القائلة إن ذلك سيحدث في كل الأحوال تشير إلى التأثير الانكماشي لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، والتشديد المالي (جزئيا لأن محدودية النقد ستؤثر في قيمته الحقيقية)، والتخفيضات المحتملة في نمو الائتمان مع تدهور الثقة، وانخفاض أسعار الأصول، والحرب في أوكرانيا. بالتالي، سيضطر اقتصاد المملكة المتحدة إلى التباطؤ بشكل مباشر، لكن أيضا بشكل غير مباشر، لأن الاقتصاد العالمي تباطأ. توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمملكة المتحدة للعام المقبل هي النمو الصفري.
هل يجب أن يحدث أكثر من هذا لخفض التضخم إلى المستوى المستهدف؟ ربما لا، خاصة إذا كان النمو الفعلي، كما يبدو معقولا، أقل من المتوقع في العام المقبل. لكن كلما استمر هذا التضخم لفترة أطول، زادت صعوبة استعادة الهدف. من الممكن أن يكون التشديد المتعمد للسياسة أكبر مما هو متوقع الآن.
تتوقع السوق حاليا أن يصل سعر الفائدة القصير لبنك إنجلترا إلى ذروته عند نحو 3 في المائة سنويا من الآن. سيظل هذا معدلا سلبيا إلى حد كبير بالقيمة الحقيقية في ظل أي توقعات تضخم معقولة. هذا يبدو وكأنه معدل صغير، بالنظر إلى حجم تجاوزات التضخم الحالية والمستقبلية.
ارتكبت البنوك المركزية أخطاء كبيرة، كما جادل ميرفين كينج. في الوقت الحاضر، يأمل البنك، مثل البنوك المركزية الأخرى، في أن يؤدي تشديد متواضع للغاية إلى حل المشكلة. إذا حدث ذلك، فسيكون بسبب تباطؤ الاقتصاد كثيرا على أي حال. الأوقات العصيبة تنتظرنا. السؤال هو ما مدى سوئها؟
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES