الطاقة- النفط

أسواق النفط تحت ضغط مخاوف ضعف الطلب الصيني وارتفاع الدولار

أسواق النفط تحت ضغط مخاوف ضعف الطلب الصيني وارتفاع الدولار

الإنتاج الأمريكي يواجه صعوبات وتحديات واسعة في المرحلة الراهنة، ما يعوق زيادة الإمدادات.

تراجعت أسعار النفط الخام مجددا خلال تعاملات أمس، بفعل المخاوف من ضعف الطلب والتباطؤ الاقتصادي إلى جانب ارتفاع الدولار الأمريكي، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار الخام، بينما تتلقى الأسعار دعما من موسم القيادة في الولايات المتحدة، ومن تخفيف قيود الإغلاق في الصين بسبب جائحة كورونا.
وتوقف ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد في أيار (مايو) الماضي بعد أن تبنت بكين استراتيجية "صفر كوفيد"، وأعلنت إجراءات احتواء صارمة لفيروس كوفيد - 19 بما في ذلك عمليات الإغلاق الرئيسة، في حين نجحت عمليات الإغلاق الصارمة وحظر التجول في إبطاء تفشي الوباء في البلاد إلا أنه كان لها تأثير سلبي في طلب المستهلكين الصينيين وإنتاج التصنيع.
ويقول لـ «الاقتصادية» محللون نفطيون، إن العقود الآجلة للنفط الخام انخفضت مع عودة ظهور مخاوف الركود، كما استأنف النفط الخام تراجعه، حيث لا تزال مخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي في بؤرة الاهتمام.
وأوضحوا أنه على الرغم من تقلبات سوق النفط الخام المتلاحقة وغياب اليقين إلا أنه يمكن القول إن أساسيات السوق النفطية لا تزال على المدى القريب صعودية، حيث يتجاوز الطلب العرض وتستمر المخزونات النفطية في التقلص إلى مستويات قياسية في التراجع.
ولفتوا إلى أن أسواق النفط تتوجس من اقتصاد الصين المتباطئ، وذلك على الرغم من أن المدن الضخمة، مثل شنغهاي وبكين، تتلمس طريقها نحو إعادة الافتتاح الكامل وبدء التحفيز المالي، لكن إجمالا لا تزال الصين تواجه كثيرا من الشكوك حول اقتصادها، حيث إنها أكبر مستورد للخام في العالم في العام الماضي بقيمة 11.8 مليون برميل يوميا.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش، رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة إن حالة التراجع في أسعار النفط الخام قد لا تستمر طويلا، حيث تقع السوق حاليا تحت وطأة وضغوط مخاوف من هبوط الطلب وتباطؤ اقتصادي عالمي لا يزال يسيطر على الأسواق المالية، ما أدى إلى هيمنة معنويات هبوطية إلى حد كبير على أسعار النفط وعلى الأسواق المالية الأوسع.
وذكر أن حالة التباطؤ الاقتصادي لا تزال تلوح في الأفق، خاصة بعد قرار "الفيدرالي الأمريكي" رفع سعر الفائدة الأمريكية وتخطيطه لإجراءات مماثلة على مدار العام الجاري، مرجحا أن تتعرض أسعار النفط لصدمة أخرى من التقلبات على المدى القصير، موضحا أن معنويات السوق ينال منها عودة الإغلاق في بعض المدن الصينية، مثل شنتشن، وسط تفشي إصابات كورونا، إضافة إلى إبلاغ سنغافورة عن أول حالة مستوردة لمرض جدري القرود في البلاد.
وأضاف، جوران جيراس، مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، أن أغلب التقييمات للسوق النفطية تصب في مصلحة أن أي انخفاض في الأسعار يجب أن يكون محدودا، حيث تبقى أسواق النفط ضيقة بسبب شح الإمدادات، فيما لا تزال مخزونات المنتجات المكررة في جميع أنحاء العالم تحوم عند أدنى مستوياتها التاريخية.
وأوضح أن ارتفاع أسعار النفط لم يؤثر حتى الآن بالسلب في الطلب، وهو ما أكدته شركة "فيتول" لتجارة النفط، التي توقعت أن تشهد السوق نموا في الطلب العالمي على النفط يراوح بين مليوني وثلاثة ملايين برميل يوميا في 2023 على الرغم من المخاوف بشأن "الأسعار الجامحة"، بينما تكافح إمدادات النفط لمواكبة الزيادة.
أما أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، فيقول إن الإنتاج الأمريكي يواجه صعوبات وتحديات واسعة في المرحلة الراهنة، ما يعوق زيادة الإمدادات ويرجع ذلك إلى إغلاق مصافي التكرير في الأعوام الأخيرة بسبب أضرار الإعصار وتأثيرات الأوبئة وارتفاع تكاليف التشغيل وعدم القدرة على إكمال المبيعات وضعف توقعات الطلب في المستقبل أو بسبب التحولات لإنتاج مزيد من الوقود المتجدد.
وأوضح أنه، وفقا للبيانات الأمريكية الرسمية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة نجد أن قدرة الولايات المتحدة على تكرير النفط الخام وتحويله إلى وقود ومنتجات أخرى تراجعت إلى أقل من 18 مليون برميل يوميا في بداية العام الجاري، ووصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 2014.
بدورها، تشير مواهي كواسي، العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية إلى أن الأسواق النفطية تخشى بشدة من انخفاض الطلب بعد أن رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية، وهو أكبر ارتفاع منذ 1994 كما انخفضت العقود الآجلة لخام برنت، وهو أول انخفاض أسبوعي لها في خمسة أسابيع.
ونوهت إلى أن بيانات صادرة عن "كومرتس بنك" الألماني تؤكد أن الانخفاض الحاد في الأسعار في ختام الأسبوع الماضي جاء كرد فعل على المخاوف بشأن الركود، وهو الأمر الذي كان يؤثر بالفعل في أسعار السلع الأخرى لبعض الوقت، لافتا إلى تأكيد المحللين أن الركود أكثر احتمالا بعد أن وافق بنك الاحتياطي الفيدرالي على أكبر زيادة في أسعار الفائدة في أكثر من ربع قرن لوقف ارتفاع التضخم.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لأسعار النفط بما يفوق 3 في المائة، خلال الجلسة الآسيوية، لنشهد استئناف ارتدادها من الأعلى لها منذ التاسع من آذار (مارس) للجلسة الرابعة في ست جلسات، موضحة الأدنى لها منذ 19 من أيار (مايو) وسط استئناف مؤشر الدولار الأمريكي الارتداد من الأدنى له منذ العاشر من حزيران (يونيو) للجلسة الثانية في خمس جلسات، وفقا للعلاقة العكسية بينهم وسط شح البيانات الاقتصادية من قبل الاقتصاد الأمريكي أكبر منتج ومستهلك للنفط في العالم ومع تسعير الأسواق للتباطؤ الاقتصادي، الذي قد يحد من الطلب على النفط.
في تمام الساعة 05:51 صباحا بتوقيت جرينتش، انخفضت العقود الآجلة لأسعار خام النفط "نايمكس" تسليم تموز (يوليو) المقبل 3.82 في المائة، لتتداول عند مستويات 105.51 دولار للبرميل، مقارنة بالافتتاحية عند مستويات 109.54 دولار للبرميل، مع العلم، أن العقود استهلت تداولات الجلسة على فجوة سعرية صاعدة بعد أن اختتمت تداولات الثلاثاء عند مستويات 109.52 دولار للبرميل.
كما تراجعت العقود الآجلة لأسعار خام "برنت" تسليم آب (أغسطس) 3.28 في المائة، لتتداول عند 110.93 دولار للبرميل مقارنة بالافتتاحية عند 114.57 دولار للبرميل، مع العلم، أن العقود استهلت تداولات الجلسة على فجوة سعرية هابطة بعد أن اختتمت تداولات الثلاثاء عند 114.65 دولار للبرميل، وذلك مع ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي 0.26 في المائة، إلى 104.71 مقارنة بالافتتاحية عند 104.43، مع العلم، أن المؤشر اختتم تداولات الثلاثاء عند 104.44.
وتابع السوق التقرير الذي تطرق لكون الرئيس الأمريكي جو بايدن، يعتزم دعوة الكونجرس إلى تعليق مؤقت للضريبة الفيدرالية البالغة 18.4 سنت للجالون على البنزين، وذلك وفقا لمصادر وكالة "رويترز" الإخبارية المطلعة على خطة الرئيس بايدن، ويأتي ذلك بالتزامن مع موسم القيادة في الولايات المتحدة وقبل الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي، الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي الحاكم ويخشى أن يفقد سيطرته عليه.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 115.97 دولار للبرميل، أمس الأول، مقابل 113.39 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع بعد أربعة تراجعات على التوالي، وأن السلة خسرت نحو ثمانية دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 123.73 دولار للبرميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط