يشكل المعرض باكورة معارض الكتاب في المملكة لهذا العام، يصاحبه برنامج ثقافي ثري، يجمع نخبة الأدباء والمثقفين السعوديين والدوليين. وكان لـ"الاقتصادية" فيه لقاءات مع دور نشر، ونجوم الأدب، مثل واسيني الأعرج الروائي الجزائري، وبثينة العيسى الروائية الكويتية، وكثير من الأسماء التي لمعت في سماء الأدب، وفتحت مخازن أسرارها لقراء المدينة المنورة.
الأعرج: المعرض حقق حلما
في رحاب معرض المدينة المنورة للكتاب، يصادف الزائر كبار الأدباء في ندواته وحتى ممراته، ومنهم الدكتور حمزة بن قبلان المزيني، الناقد والأديب المعروف، الفائز بجائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة، وخاض حوارا مع قرائه حول كتابه الصادر حديثا "واستقرت بها النوى"، وكذلك الدكتور واسيني الأعرج الروائي الجزائري، الذي قال لـ"الاقتصادية" إنه فوجئ بتنظيم معرض للكتاب في المدينة المنورة، ووجدها فرصة لاكتشاف المدينة وتاريخها الإسلامي العريق، حيث حقق له المعرض حلم الوصول إلى طيبة.
وأشاد برحابة مكان المعرض واتساعه، وثراء محتواه وتناسقه، في مكان يتسم بالطابع الإنساني والروحاني، "فالناس بحاجة لأن يقرأوا" - على حد تعبيره - مبينا أنه يقرأ للسعوديين كثيرا، ويتابع الأدب النسائي السعودي، حيث قرأ للروائيتين رجاء عالم وليلى الجهني، ويقرأ شعرا لإبراهيم الجريفاني، وكثير من الأدباء والمبدعين من داخل المملكة.
وحول خوضه عالم الرواية التاريخية، أضاف الأعرج "أنها تزن المشهد الثقافي العربي، كنت أعتقد أن الرواية التاريخية لا تجازى ولا يلتفت إليها الناس، وكان خطأ مني، لأني حين كتبت رواية (الأمير) وجدت أنها تستحق، فقد أوقف الحرب الأهلية، وكان مفاوضا ومحاورا جيدا للآخرين، مع إضافة لمساته إلى بعض الحوارات، مثل حوارات الأمير عبدالقادر مع عائلته، وغيرها من التدخلات ذات النفس الأدبي".
الرواية تحتاج إلى الكذبة المقنعة
بثينة العيسى الروائية الكويتية كانت من ضيوف معرض المدينة المنورة، وكانت لها ندوة بحضور غفير، قالت فيها "إن الرواية الناجحة بحاجة إلى كذبة مقنعة".
وبصراحتها المعهودة، قالت العيسى إن "هناك عقدا وثيقا بين الكاتب والقارئ تحت بند (أقنعني بالكذبة وسأصدقك)"، وتابعت بأن فلسفة "القيادة في الظلام" هي الأسلوب الأمثل لكتابة الرواية، بمعنى ألا يتم التحضير لنهاية الرواية قبل كتابة فصولها. وتميل إلى الكتابة بشكل تدريجي وتدوين الأحداث اللحظية خلال الكتابة، وهذه طريقتها في كتابة الرواية، حيث صدر لها سابقا روايات شهيرة، منها "عائشة تنزل إلى العالم السفلي، كل الأشياء، ارتطام، سعار، عروس المطر، تحت أقدام الأمهات، قيس وليلى والذئب".
أما عمر الرديني الكاتب والروائي، فشارك في ورش عمل عن "الكتابة ثنائية الاتجاه"، قدم خلالها نصيحة ثمينة، إذ قال "علموا أنفسكم هواية، تصارعون بها صعاب الحياة ومرارها، الكتابة ليست فعلا جامدا نخبويا، بل ملكة يمتلكها الإنسان، وتتطور مع الزمن، وليس شرطا أن تندرج تحت أي صنف أدبي، بل حق مشروع يعبر فيه كل شخص عن نفسه، ويثبت وجوده مجتمعيا وتاريخيا وحضاريا، ويترك بصمة وأثرا، فالكتابة تقوم الإنسان وتعيد بناءه من جديد".
الكتاب الإلكتروني بنصف سعر الورقيتميز معرض المدينة المنورة بحضور دور نشر محلية وعربية ودولية تحت سقف واحد، أكد فيها ناشرون لـ"الاقتصادية" أن الكتاب الورقي لا يزال له رونقه وأهميته.
وفي هذا الإطار، أوضح هتان لؤي المدني مدير الاتصال والعلاقات في دار "تكوين المتحدة" السعودية أنهم حضروا إلى المعرض وفي جعبتهم نحو ثلاثة آلاف عنوان، ويزورهم نحو ألفي زائر يوميا، وفي الوقت ذاته يبيعون كتبهم عبر المتجر الإلكتروني بتوصيل سريع يصل إلى 24 ساعة، وبسعر رمزي، مبينا أن الشراء يتم إما للنسخة الورقية أو للنسخة الإلكترونية بصيغة PDF، كاشفا أن النسخة الإلكترونية يقل سعرها عن نظيرتها الورقية بما يتجاوز 50 في المائة.
وبين المدني أن الدار لها باع طويلة في عالم الرواية والأدب بشكل عام، ويمتلكون مطبعة رقمية لطباعة الكتب، سواء باللغة العربية أو الإنجليزية، وتضمنت قائمتهم للكتب الأكثر مبيعا "خواطر خليليات" للدكتور أحمد أسعد خليل، و"رأيته أقسم بالله" لكاتبه الدكتور محمد القايدي، إلى جانب الروايات.
في قائمة الأكثر مبيعا
لكل دار من دور النشر المشاركة في معرض المدينة المنورة قائمتها للكتب الأكثر مبيعا، وحول ذلك تؤكد الكاتبة لمياء السعيد مدير عام دار السعيد للنشر والتوزيع، أن الجمهور السعودي مثقف وقارئ جيد، ومتنوع الثقافات، وتجد للدار إقبالا على إصداراتها في الفلسفة والأدب، والترجمات عن الناشئة من 12 إلى 16 عاما، حيث تترجم كتبا من اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية وتترجم أيضا كتبها إلى ست لغات.
وأوضحت أن "دار الرعب" لها جمهورها، وقد كتبت السعيد بنفسها نحو عشر روايات رعب، منها "ديالا، عاد يوسف فليبدأ القتل، والميلاد الأخير للشيطان".
وبالمثل، أكدت صاحبة الدار العربية للموسوعات ومديرها العام بان خالد العاني أن كتب الرحلات والسير الذاتية تحظى بإقبال واسع من الزوار، وأوضحت أنها سافرت بكتبها من لندن في المملكة المتحدة لتقابل قراء المدينة المنورة، حيث حملت 400 عنوان، حرصا على خدمة القارئ العربي في كل مكان، وهي الرؤية التي قامت عليها الدار منذ إنشائها قبل 40 عاما.
وتختص إصدارات الدار العربية بكتب تتناول تاريخ شبه الجزيرة العربية والعراق، القبائل والعشائر والأنساب، وكتب الرحالة العرب والأجانب، ومن إصداراتها التي قدمت بها من المملكة المتحدة مؤلفات عن تاريخ نجد، الموسوعة التاريخية العسكرية الكبرى لأحداث القرن الـ20، وكتاب الخبر عن البشر في أنساب العرب ونسب سيد البشر صلى الله عليه وسلم، موسوعة أنساب آل البيت النبوي، موسوعة حروب فجر الإسلام، وموسوعات متخصصة عن القبائل في شبه الجزيرة العربية والعراق.
أضف تعليق