ثقافة وفنون

جوراسيك وورلد دومينيون بين مطرقة النقاد وسندان التكرار

جوراسيك وورلد دومينيون بين مطرقة النقاد وسندان التكرار

مشهد من العمل.

جوراسيك وورلد دومينيون بين مطرقة النقاد وسندان التكرار

بوستر العمل.

يبدو أن عوالم الخيال، والرغبة في البحث عن وسائل للتصدي، تعود في أغلبيتها، إلى رغبة الإنسان الأصلي في البحث عن طريقة يخرج فيها عن طوع الطبيعة، يقاتل ويناضل في سبيل بقائه حتى لو كان على حساب مخلوقات أخرى. وطالما شغل عالم الديناصورات - بكل ما يحوي من غرائب وطرائف وما نقل عنه من أخبار وأساطير - بال صناع السينما، الذين يبحثون عن كل ما هو قادر على جذب المشاهد، وفتح أبواب موصدة على مواضيع تحمل كثيرا من التأويلات والتحليلات.
وهذا ما شجع شركة يونيفيرسال بيكتشرز على إنتاج الجزء الثالث من سلسلة "جوراسيك وورلد" التي بدأت 2015، والسادس من السلسلة التي بدأت 1993 مع "جوراسيك بارك" لستيفن سبيلبرج، لكن هذا الجزء لم يأت بجديد بالمعنى العام للكلمة، حتى لو إنه جاء بعد ولادة قيصرية صعبة، نتيجة تفشي فيروس كورونا، ودخول الأعمال السينمائية ثلاجة الانتظار، ما أدخل القطاع كاملا إلى دورة من الركود، لم يعرف لها مثيلا منذ نشأته. جاءت النسخة الثالثة، لتعيد الجمهور إلى حقبة يعرف عنها بقدر ما يسمع، لا أكثر ولا أقل، لكنها تمنحه شيئا من القوة والعظمة، كونه الكائن الجبار القادر على إيجاد الداء وصنع الدواء، وبالتالي إيجاد الأسطورة وتكسيرها في آن.
الحبكة مستهلكة
تدور أحداث قصة جوراسيك وورلد دومينيون، للمخرج كولن تروفوروو، حول ديناصورات نجحت في التحرر، بعدما فشل العلماء في السيطرة عليها، وجشع العلماء في استغلال الأمور لأغراض الاستنساخ والكسب المادي، ليصبح العالم كاملا في خطر كبير. ولقد فرض الفيلم حالة من التشويق والإثارة، حيث يتم إنشاء حديقة للكائنات المنقرضة في إحدى جزر كوستاريكا النائية، ويتم استنساخ عدة فصائل من الديناصورات عن طريق أخذ المادة الوراثية الخاصة بها أو من الحشرات المحفوظة داخل الكهرمان القديم، وبعد أن يفقد العلماء زمام الأمور تتحرر الديناصورات من محبسها لتنطلق في الجزيرة وتنشر الدمار.
تعايش الإنسان والديناصورات قد تبدو القصة غريبة بعض الشيء، فيها خروج عن المألوف وتماه كلي في عالم الخيال، بحيث يحمل الجزء الجديد، فرضية تعايش الإنسان مع الديناصورات على الكوكب جنبا إلى جنب، ويصبح من الطبيعي لا بل المألوف أن يكون هناك ديناصور في حديقتك الخلفية.
فبعد دمار جزيرة أيلا نوبلار، تنطلق الديناصورات وتعيش سويا مع البشر، يعيد هذا التوازن تشكيل المستقبل ويحدد إذا ما كان البشر سيحتفظون بمركزهم على قمة الكائنات المفترسة على الكوكب، بينما يتشاركون الحياة مع المخلوقات الأكثر رعبا في التاريخ.
ومن الواضح أن جوراسيك وورلد دومينيون لا يزال قادرا على التلاعب بالحمض النووي للديناصورات بطريقة مشوقة، ويقدم بعض التحسينات الملحوظة عن الأجزاء السابقة. ومن أبرزها شخصية كلير ديرينج، حيث حصلت على تغييرات كبيرة جدا في الشخصية بين فيلمي جوراسيك وورلد وجوراسيك وورلد: المملكة الساقطة، إلا أنها لم تكن ذات مغزى كبير.
مواقع متعددة
من الواضح أن جوراسيك وورلد دومينيون انتقل بين مواقع مختلفة "تكساس، نيفادا، مالطا، وميت الإيطالية"، لكن في النهاية أمضى كثيرا من الوقت مرة أخرى داخل حدود مكان يصعب الوصول إليه، حيث يوجد عدد من العلماء والجيش حاول إبقاء الديناصورات محصورة، لضمان عدم وجود مشكلات، وليتم إنكارها بشكل كارثي.
النجاح في المؤثرات البصرية
ارتكز - رغم تعدد المواقع - على المؤثرات البصرية، حيث توجد بضعة ديناصورات الأتروسيرابتور التي تتسم بمظهر سيئ إجمالا. لكن هذه الزواحف الجديدة تعمل كشكل أكثر من مضمون، حيث إن وجودها في القصة يقتصر على كونها إعاقات تواجهها شخصيات أوين وكلير وكايلا، لذا فإن أي مصادر تشتيت قد تنتج عن ديناصورات ذات مظهر غير مثالي ستكون محدودة بلمحات تمتد إلى ثوان قليلة. أما من ناحية الأكشن، فإن الفيلم مليء بمطاردات الديناصورات المثيرة، ومواجهات الديناصورات بعضها بعضا، وعودة ديناصورات مفضلة لدى المعجبين مثل بلو وريكسي والديلوفوسورس.
رغم العوائق صدر الفيلم
واجه "جوراسيك وورلد دومينيون"، كغيره من الأعمال السينمائية التي أنتجت خلال هذه الفترة، كثيرا من العوائق، ولا سيما مع سيطرة آفة كورونا على العالم، وفرض قيود لوجستية وإنسانية، جعلت إنجاز الأمور في توقيتها المقرر من الأمور المستحيلة، الأمر الذي دفع بالإنتاج - بعد إيقاف التصوير، نظرا إلى ظهور الفيروس وتفشيه في البلاد، حيث كان العمل يصور منذ فبراير في لندن - إلى تخصيص وحدة صحية كاملة تقوم بمرافقة طاقم العمل أثناء تصوير الفيلم في المملكة المتحدة، وتكون مسؤولة عن الكشف الدوري على طاقم العمل والحفاظ على صحتهم والاطمئنان إلى عدم وجود أي عدوى بفيروس كورونا أثناء العمل، وحرصت الشركة المنتجة على وضع شرط ارتداء الكمامة كأساس لبدء العمل، خاصة للأشخاص الذين لا يقفون أمام الكاميرات.
رأي النقاد
يجمع فيلم جوراسيك في نسخته الثالثة بين أبطال هذا الجيل وأبطال جيل التسعينيات، وهو قادر على جعلنا نطرح عديدا من التساؤلات، خاصة لجهة الحنين إلى تلك الحقبة وقدرة الإنسان على التكيف مع واقعه الجديد، مهما كان صعبا، إنه ببساطة مزيج من الخيال والعاطفة، وإن كان لا يقدم صورة مثالية إلى حد كبير، كما عبر بعض النقاد، لكنه تمكن من حجز مكانة مميزة، خاصة أنه يقدم مادة تشويقة، تجذب المشاهد إلى عالم من الفرضيات لا تنتهي.
من أكثر العناصر التي تساعد على جعل هذا الفيلم رائعا - على حد قول النقاد - الموسيقى التصويرية لمايكل حاكينو المتميزة، وإذا كانت هناك أي أسباب تجعلنا نعيش الإثارة، فإن استخدام ألحان من عمل جون ويليامز الأصلي قد تكون الأبرز. مايكل جاكينو سجل أفلام العالم الجوراسي السابقة في إنجلترا، عمل على تأليف النوتة الموسيقية للفيلم على مدى عشرة أيام، وانتهت في مايو، وتم تسجيل النتيجة في استوديوهات آبي روود.
هناك بعض اللحظات الغريبة للشخصيات، ولا سيما مع أوين وكلير، حيث يبدو كأن كريس برات وبرايس دالاس هاورد لا يريدان أن يكونا في موقع التصوير في ذاك اليوم. أما شخصية مايسي "تلك الطفلة المستنسخة"، فعلى الرغم من أن إيزابيلا سيرمون تؤديها بشكل مثير للإعجاب، إلا أنها في الأغلب تلعب دورها كما لو أن هناك عدم إيمان بأن يجد الجمهور التعاطف من دون نظير بشري للديناصورات. تجدر الإشارة الى أن الفيلم حقق إيرادات وصلت إلى 454 مليونا و290 ألف دولار في شباك التذاكر العالمي، منذ طرح العمل 10 يونيو الجاري، وانقسمت الإيرادات بين 206 ملايين و876 ألف دولار في شباك التذاكر الأمريكي، و247 مليونا و414 ألف دولار في شباك التذاكر حول العالم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون