صدمة السكري الأولى
لا تلم أمسك فيما صنعا
أمس قد فات، ولن يسترجعا
أمس قد مات.. ولن يبعثه
حملك الهم له.. والهلعا
فاطّرحه واسترح من ثقله
لا تضع أمسك واليوم معا
محمد الجواهري
رغم شيوع مرض السكري في بلدنا ودول الخليج إجمالا، إلا أننا لا نزال نواجه صدمة إخبار المريض بتشخيصه أحيانا، خصوصا المصابين بالنوع الأول من السكري. تأتي صدمة المريض الأولى من عدم وجود تاريخ أسري للسكري سابقا في الغالب، ويحدث التشخيص في بواكير العمر، مع وصمة مزعجة وخاطئة عن السكري في المجتمع. ثم تتبعها صدمة أخرى عندما تخبره بحاجته إلى الأنسولين لعدة مرات يوميا، طوال عمره. وعندما يبدأ المريض علاج الأنسولين فقد تتوالى صدماته عند شعوره بهبوط السكري لأول مرة وهنا تتعمق صدمته وصدمة الأهل وقلقهم من قدوم السكري.
تشرح لنا الأدبيات الطبية آلية شمولية للتعامل مع تقديم الأخبار غير السعيدة للمريض، وتتضمن الاستماع له والتعاطف مع شكواه وإجابة تساؤلاته، وتقديم ما يحتاج إليه من معلومات والخطة العلاجية وغيره. إلا أن هناك تفاصيل وخبايا عديدة بين التنظير والواقع، تجعل لكل مريض آلية خاصة به، تراعي عمره وتطلعاته وظروفه الاجتماعية، وتتطور هذه الملكة لدى الطبيب مع طبيعة تدريبه وخبرته.
ولطالما شعرت أن الحديث الصادق مع المريض، بما يناسبه من معلومات صحيحة، وتقديم المعلومات الأساسية مع دعم فريق متخصص من التثقيف والتغذية يسهل كثيرا في تخفيف هذه الصدمات.
كما أن متابعة المريض بشكل متكرر في أول الأسابيع يساعد على تفهم ما يستجد عليه وتكون فرصة سانحة لتقديم مزيد من المعلومات، وتعزز من ارتباطه بالفريق العلاجي. وقد يتمكن العاملون من إيجاد تجمعات للمرضى يتشاركون فيها تجاربهم، فيتحدث المصابون القدامـى عما واجهوه، وكيف تجاوزوه وكيف سارت حياتهم كما أرادوها.
وعادة في زمن قصير، نجد أن الصدمات قد تلاشت، وأن الأشخاص قد تعايشوا مع ظروفهم الصحية، بل أصبحت جزءا من روتينهم اليومي، وانتقلوا إلى العمل على تحديات الحياة الأخرى، وقد يتجلى كرم ونبل بعضهم عندما يشارك المصابين الجدد تجربته ويطمئن قلوبهم.