Author

تعداد السكان 2022 ومزيد من التقدم

|
لا شك أن تعداد السكان يعد من أهم مصادر البيانات الأساسية في كثير من الدول، فعلى البيانات التي يوفرها تبنى الخطط الوطنية والإقليمية سواء للقوى العاملة أو التخطيط الحضري والإسكان والتعليم، وعليها يعتمد تقييم الأداء وتحديد مستوى النجاح في تحقيق أهداف الخطط والمبادرات. ويحظى تعداد 2022 بأهمية خاصة، كونه سيرصد الإنجازات التي حققتها رؤية المملكة 2030، لضبط إيقاعها وزيادة فاعليتها وصولا إلى التاريخ المستهدف في 2030، وكونه أول تعداد رقمي في تاريخ المملكة، وذلك بتطبيق العد الذاتي، ويشتمل على بيانات جديدة.
وكما هو معروف فإن التعداد يجرى لتحقيق كثير من الأهداف، من أبرزها: (1) تلبية احتياجات الدولة من البيانات الأساسية عن السكان "مواطنين ومقيمين"، مثل خصائصهم الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، وتوزيعهم الجغرافي في المناطق والمحافظات والمدن والقرى والمزارع، وكذلك رصد التغيرات في معدلات الإنجاب والوفيات والتحركات المكانية، لأغراض التخطيط الشامل، سواء على مستوى الدولة أو على مستويات محلية مختلفة، وكذلك إعداد التنبؤات والإسقاطات السكانية. (2) تقويم إنجازات مستهدفات ومشاريع ومبادرات رؤية المملكة 2030، وقياس مؤشرات الأداء لرصد التغير في المؤشرات التنموية والسكانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، لخدمة القرارات وصياغة السياسات الحكومية المناسبة. (3) توفير البيانات اللازمة لإجراء الدراسات السكانية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتخصصة، وحساب المعدلات الحيوية بجميع أنواعها سواء المعدلات الديموغرافية، مثل معدلات الخصوبة والوفيات أو المعدلات الصحية، كمعدلات الإصابة بالأمراض المزمنة وغيرها، وكذلك معدلات الجريمة والعنف. (4) إيجاد إطار لتصميم العينات والمسوحات السكانية والاجتماعية، والاقتصادية، التي تقوم بإجرائها الجهات الحكومية أو الباحثون أو المؤسسات غير الربحية، مثل مسوحات القوى العاملة، وصحة الأم والطفل والإعاقة، والإنفاق أو ميزانية الأسرة، كذلك دراسات الهجرة والخصوبة والوفيات.
من جهة أخرى، سيوفر تعداد 2022 بيانات عن موضوعات مهمة لم توفرها التعدادات السابقة بتفاصيل ودقة كبيرتين، ومنها: (1) بيانات الهجرة على مستوى المحافظات لأول مرة، وهذه إضافة نوعية لتعداد 2022، لمعرفة اتجاهات الهجرة الداخلية ومدى تأثيرها وتأثرها بالمشاريع التنموية الضخمة التي تنفذها الدولة. (2) تفاصيل مهمة عن الإسكان من حيث نوعه وملكيته، ما سيساعد على التخطيط لتطوير الإسكان وتمكين الأسر من امتلاك مساكنهم. (3) بيانات الإعاقة من حيث نوعها ودرجة شدتها، مثل الرؤية والسمع والمشي والتذكر والعناية الشخصية، وهذا أمر في غاية الأهمية للحد من التكهنات وتقديرات الباحثين المتناقضة. (4) الدخل، وهذه أول مرة في تاريخ التعدادات والمسوحات السكانية تجمع من خلالها بيانات عن الدخل. (5) الأمراض المزمنة، وقد اشتملت استمارة التعداد على عدد كبير من الأمراض المزمنة، ما يساعد على وضع المبادرات الناجعة للحد منها، وتشتمل القائمة على: التهاب المفاصل، الربو، السرطان، الخرف، السكري، ضغط الدم، أمراض الكلى، القلب، أمراض الرئة، الأمراض العقلية، الجلطة الدماغية، السمنة، التوحد، الأمراض العصبية، مثل الصرع والتصلب اللويحي.
وإلى جانب ذلك، يتميز تعداد 2022، عما سبقه بالاعتماد على ما يعرف بـ"التعداد الذاتي"، الذي يوفر مزايا مهمة، منها: استيفاء الأسر بياناتهم في الأوقات التي تناسبهم وفق المدة الزمنية المحددة، وعدم الحاجة إلى زيارة الأسرة من قبل الباحث الميداني، بما يساعد على زيادة الخصوصية في إدلاء الأسر بالبيانات المطلوبة. وهذا يؤدي إلى خفض العبء الإداري والمالي لعملية جمع البيانات الميدانية، وكذلك مواكبة التحول الرقمي الهائل الذي تشهده المملكة، والاستفادة من التقنيات الحديثة المطبقة في جمع البيانات.
وبناء على استخدام التقنية، فمن المتوقع أن يتميز هذا التعداد بدقة البيانات، كونه يستفيد من التقنيات الحديثة ويرتبط بمنصات البيانات الوطنية للحصول على بيانات دقيقة عن الأسر والأعمار ونحوها، وكذلك توفير بيانات تفصيلية حول بعض الموضوعات، كالإعاقة والدخل والأمراض المزمنة، وهذا سينعكس على سرعة إعلان نتائج التعداد في وقت قصير.
وأخيرا، أملي أن تتاح البيانات للمستفيدين وفق ضوابط تحافظ على المصلحة العامة وخصوصية الأسر، وذلك لتعظيم الاستفادة من البيانات مقابل التكاليف الكبيرة، لتلبية الحاجة والتعطش لدى الباحثين والمستثمرين وصناع القرارات في القطاعين العام والخاص وكذلك غير الربحي. ووعدت الهيئة العامة للإحصاء بأن تنشر النتائج الأولية قبل نهاية 2022. والأمل كبير في نشر النتائج التفصيلية في وقت مناسب لدراسة التغيرات التي يمر بها المجتمع السعودي، خاصة فيما يتعلق بالإنجاب والإسكان والبطالة والهجرة والانتقال السكاني، على مستوى وحدات مكانية صغيرة.
إنشرها