Author

سوق العمل بين المهارات والشهادات

|
ربما يكون مقالي اليوم امتدادا لمقال الأسبوع الماضي حول التدريب الإداري الذي يقوم به معهد الإدارة العامة، وكانت الخلاصة أن المعهد يجب أن يعتمد أسلوبا جديدا يلائم المرحلة الحالية، ويتوافق مع توجهات رؤية 2030. واليوم، سيكون الحديث عن التدريب الفني المتخصص. أستعمل هذا التعريف لكي أبتعد عن كلمة "المهني" التي صاحبتها تجربة بدأت منذ 1380هـ أو ربما قبله بعدة أعوام، حيث تم إنشاء مراكز التدريب المهني التي كانت حلا لقبول أصحاب المجموع المتدني في مرحلتي المتوسطة والثانوية. وكانت أغلبية الملتحقين دافعهم المكافأة التي كانت تعطى لمن يلتحق بهذه المراكز، رغم محدودية تلك المكافأة، وبعد التخرج يعود الطالب إلى نقطة الصفر، حيث يبحث عن دراسة أخرى أو عمل في مجال غير الذي تدرب عليه في المراكز، لأن المجتمع في ذلك الوقت لا يقبل بعض المهن، وكان يجب ألا نضيع وقت شبابنا في التدريب عليها.
من هنا نصل إلى عمق الموضوع الذي أدركته الجهة المختصة حاليا، فلم يعد اختيار التخصصات عشوائيا، وإنما يقوم على دراسة حاجة سوق العمل إلى ضمان قبول الشباب للعمل في هذا المجال، والأهم من ذلك أيضا توافر المهارات النوعية لديهم للمهنة، وبذلك نضمن نجاح التوجه حتى لو ظلت بعض المهن لا يشغلها إلا الوافدون لفترة زمنية قد تطول بعض الشيء. من هنا قال الدكتور أحمد الفهيد، محافظ المؤسسة العامة للتعليم التقني والمهني، إن المؤسسة تحرص على توفير ما يحتاج إليه قطاع الأعمال وضرورة التماشي معه، خاصة المجالات الأكثر طلبا، ومنها العمل في المجال السياحي والفندقة وكذلك الطاقة المتجددة. ويرى، وهذا هو الصحيح، أهمية رفع كفاءة المخرجات وتلبية حاجة السوق بدل التوسع في أعداد الخريجين دون النظر لهذا الجانب. ومن المجالات الجديدة التي ستجد إقبالا كبيرا صيانة الطائرات، حيث تم الاتفاق على التصريح بتدريب الطلاب على صيانة طائرات F15 الحربية، كما أشار الدكتور الفهيد في مقابلة تلفزيونية. ومن الخطوات الجيدة أيضا أن المؤسسة تشرف على أكثر من ألف مركز وأكاديمية متخصصة، وتسعى إلى تنظيم سوق التدريب حاليا لتنتهي فوضى التدريب الأهلي.
وأخيرا: لعل زيادة أعداد الطلاب المقبلين على التدريب رغم ثقافة تفضيل الشباب في الأعوام الماضية الالتحاق بالجامعات توجد توازنا في المعادلة، خاصة أن التدريب الجديد مقرون في الغالب بالتوظيف بموجب اتفاقيات مع شركاء أقوياء، وعلى رأسهم شركة "أرامكو" العملاقة. وبزيادة الإقبال على التدريب بصورته الجديدة القائمة على المهارات قبل الشهادات يتوقع أن تستقطب مراكز التدريب نحو 40 في المائة من خريجي الثانوية العامة بحلول 2030. وكما هو معروف، فإن 60 في المائة ممن يعملون في سوق العمل الأمريكية لا يحملون شهادات جامعية، وإنما يعتمدون على المهارات، وهو ما يتوافر لدى الشباب والشابات في السوق السعودية بشكل ملحوظ.
إنشرها