Author

الأسواق وقراءة المحفزات

|
تمر السوق السعودية بموجات صاعدة وهابطة، حالها كحال أي سوق مالية في العالم، ولكل موجة منهما سواء كانت صاعدة أم هابطة أسباب ومعطيات. لذلك، لا بد للمستثمر أي يتنبأ بأي منهما، فالموجات الصاعدة لها سمات عدة، من أبرزها ارتفاع السيولة التدريجي للسوق بعد هبوطها بشكل كبير لفترة طويلة من الوقت، يصحبها ارتفاع تدريجي في الأسعار بعد تذبذبها بشكل ضيق، ويظهر معها تحسن في نتائج الشركات القيادية والمؤثرة في حركة المؤشر العام والقطاعات. هذا ما حدث للسوق السعودية بعد قاع آذار (مارس) من عام 2020، فالموجة الصاعدة تتميز بسمات عدة تدعمها مجموعة من المحفزات سواء كانت محفزات عامة للسوق ككل أو خاصة بقطاعات معينة.
وتختلف القطاعات التي تبني عليها السوق موجاتها الصاعدة، فأحيانا يكون الصعود مرتكزا على قطاع المصارف، وأحيانا يكون مدعوما بقطاع البتروكيماويات، وأحيانا أخرى يكون بكليهما معا، وفي موجات أخرى يكون القطاع العقاري أو قطاع الاتصالات أو الطاقة هو الداعم للموجة الصاعدة، وفي أحيان أخرى نجد كل القطاعات القيادية داعمة للسوق، كما هو حال الموجة الصاعدة الحالية التي تمر بها السوق مع اختلاف نسبة القوة والتأثير بينها.
لذلك، لا بد للمستثمر أن يتعرف على الموجة الصاعدة ويقرأها جيدا منذ البداية حتى يستطيع التمركز في القطاعات التي ستدعم السوق، ويتعرف على المحفزات التي تملكها تلك القطاعات، ومن ثم يبدأ بالمفاضلة بين شركات القطاع ليختار منها ما يراه الأنسب والأفضل، لذلك سنضرب بعض الأمثلة للاستفادة منها:
ففي المقام الأول، يعد ارتفاع أسعار النفط محفزا للسوق ككل وبشكل عام، حيث ارتفاعه يعني ارتفاع الإيرادات للميزانية العامة الدولة، ما ينعكس على الاقتصاد بشكل إيجابي ويدعم زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع والبنى التحتية فتستفيد منه معظم الشركات، لذلك لا بد أن يعلم المستثمر أن قطاع الطاقة سيكون له نصيب كبير من ذلك، يليه قطاع البتروكيماويات الذي يعد كذلك مستفيدا من ارتفاع أسعار النفط، فيختار التمركز في القطاعين ضمن محفظته الاستثمارية. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة يعد محفزا مهما لقطاع المصارف، حيث ينعكس على ارتفاع أرباح القطاع، وهذا يمنح المستثمر الخيار بالتمركز في إحدى شركات القطاع. كذلك، فإن ارتفاع أسعار النفط يعزز الإنفاق الحكومي على المشاريع، ما يعني استفادة القطاع العقاري وقطاع المقاولات والأسمنت من زيادة الإنفاق والصرف.
فعلى سبيل المثال، ففي الفترة التي مر بها العالم بذروة أزمة تفشي فيروس كوفيد - 19 وذروة الجائحة، فمن الطبيعي أن يكون القطاع الصحي أكبر المستفيدين منها، وهنا يأتي دور المستثمر للتمركز في القطاع واختيار ما يراه الأفضل بين شركاته، لذلك حقق القطاع أرباحا إيجابية، وتضاعفت أسعار شركاته منذ ذلك الحين. لذلك يعد التعرف على سمات الموجة الصاعدة هو الأساس، يليه التعرف على المحفزات التي تدعمها، وبالتالي تحديد القطاعات الداعمة والمستفيدة من هذه الموجة، والابتعاد عن التمركز في القطاعات التي تعد استفادتها من ذلك ضئيلة أو معدومة، لذلك لا بد من رصد الموجة من البداية، وتحديد القطاعات المستفيدة، ومعرفة متى تجني ربحها ومتى تنتهي؟ ومن الطبيعي أن نجد بعض القطاعات تصعد بقوة وأخرى ثابتة أو هابطة، وذلك حسب ما يملكه كل منهما من محفزات، والمستثمر يتتبع المحفز.
إنشرها