تقارير و تحليلات

طفرة مرتقبة لصناعة السيارات الكهربائية .. آفاق توسعية قوية مع انتعاش «المستعملة»

طفرة مرتقبة لصناعة السيارات الكهربائية .. آفاق توسعية قوية مع انتعاش «المستعملة»

طفرة مرتقبة لصناعة السيارات الكهربائية .. آفاق توسعية قوية مع انتعاش «المستعملة»

منذ 2017 وإلى وقتنا هذا وصناعة السيارات الكهربائية تشهد نموا مذهلا، إذ تحمل التوقعات حول مستقبل الصناعة آفاقا إيجابية لها، وسط تقديرات بأن تشهد معدلات النمو تزايدا ملموسا مع زيادة الطلب العالمي على هذا النوع من السيارات.
ورغم التحديات التي تواجهها الصناعة نظرا إلى الأحداث العالمية الراهنة، فإن الأرقام المتاحة تشير إلى أن مستقبلها يحمل كثيرا من القدرة على الازدهار.
وإذا كانت المشكلات الراهنة داخل سلاسل التوريد تطرح تحديات غير تقليدية في مجال إنتاج السيارات الكهربائية، فإن أغلب التكهنات تشير إلى أن قادة الصناعة يسعون إلى تطوير بدائل أخرى تمكنهم من التغلب على تلك العقبات، خاصة المشكلات المتعلقة بتوريد البطاريات، وبشكل أكثر تحديدا توريد المواد الخام المستخدمة في إنتاج هذه البطاريات.
وتظهر المبيعات العالمية للمركبات الكهربائية ارتفاعا متواصلا في عمليات الشراء، إذ بلغت مبيعات هذا النوع من السيارات 1.2 مليون سيارة فقط 2017، وارتفعت إلى مليوني سيارة في 2018 أي بزيادة بلغت 63 في المائة، وفي 2020 قفزت المبيعات إلى ثلاثة ملايين سيارة بزيادة تقدر بنحو 43 في المائة عن العام السابق.
وفي العام الماضي، حققت المبيعات طفرة ملحوظة، اذ بلغ عدد المركبات الكهربائية المبيعة على مستوى العالم 6.75 مليون سيارة بزيادة تقدر بـ108 في المائة عن 2020، وخلال العام الماضي باعت شركة تسلا بمفردها مليون سيارة كهربائية، ويتوقع أن تمثل المركبات الكهربائية نحو 10 في المائة من المبيعات العالمية بحلول 2025، وسترتفع إلى 58 في المائة 2040.
وقالت لـ"الاقتصادية" الدكتورة ماجي وتسون أستاذة اقتصادات النقل في جامعة أكسفورد، "إن وسائل النقل الكهربائية ستحتل حيزا كبيرا للغاية من أساليب النقل المستقبلية.. اللاعبون الرئيسون في الصناعة يعملون على تسريع ابتكارات تكنولوجيا السيارات أثناء تطويرهم مفاهيم جديدة للتنقل الكهربائي، وقد اجتذبت الصناعة أكثر من 400 مليار دولار من الاستثمارات على مدى العقد الماضي، نحو مائة مليار دولار منها كانت منذ بداية 2020".
وأشارت إلى أن كل هذه الأموال تستهدف الشركات والشركات الناشئة التي تعمل في مجال النقل الكهربائي، وتكنولوجيا القيادة المستقلة، وستساعد تلك الاستثمارات الضخمة والابتكارات الحديثة على تقليل تكلفة إنتاج المركبات الكهربائية، وزيادة الطلب عليها وتحقيق معدلات ربح أكبر للمستثمرين.
ولا تختلف صناعة السيارات الكهربائية بالطبع عن أي صناعة أخرى، إذ يكمن الربح في إنتاج البضائع بالطريقة الأكثر فاعلية مع خفض التكلفة لكن بجودة مرتفعة في الوقت ذاته، وهنا يبرز واحد من التحديات التي تعمل الصناعة على التغلب عليها حاليا.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية" المهندس ريتشارد ستاتسي من شركة فكسهول لصناعة السيارات، أن سلسلة التوريد للمركبات الكهربائية تحتاج إلى زيادة إنتاج ومعالجة المواد الخام لمطابقة النمو المقدر والمحتمل للصناعة، وعلى الرغم من انخفاض تكلفة إنتاج المركبات الكهربائية بمرور الوقت، إلا أن بطاريات السيارات الكهربائية لا تزال مرتفعة الثمن.
وأشار إلى أن السيارات الكهربائية تستخدم بطاريات الليثيوم أيون، وتتزايد المنافسة على تأمين المواد الخام بشكل كبير، فالمواد الخام تمثل حاليا 80 في المائة من تكلفة بطاريات الليثيوم، بينما لم تتجاوز 40 في المائة 2015، وقد ارتفع الطلب على تلك البطاريات بشكل حاد في الأعوام الأخيرة، ومن المتوقع أن ينمو من 44.2 مليار دولار 2020 إلى 49.4 مليار دولار 2025".
وأضاف قائلا "بكل بساطة كل إنتاج خلايا بطاريات السيارات الكهربائية في العالم مجتمعة في الوقت الراهن أقل من 10 في المائة مما ستحتاج إليه الصناعة في عشرة أعوام من الآن".
تلك التقديرات تفتح أبوابا واسعة لنجاح الاستثمارات المتعلقة بالسيارات الكهربائية عامة والبطاريات تحديدا، مع وجود آفاق توسعية قوية في الأسواق مستقبلا، لعدم كفاية المنتج مع الاحتياجات المستقبلية.
وفي الوقت الحالي، فإن قادة الصناعة يعتقدون أن نمو سوق السيارات الكهربائية مرتبط بالنجاح في حل قضية البطاريات، خاصة مع ارتفاع أسعار بعض المكونات إلى مستويات غير مسبوقة، وقد غرد إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا محذرا من أن أسعار الليثيوم - وهو أحد المعادن الرئيسة المستخدمة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية - "وصلت إلى مستويات مجنونة، ما مثل إغراء استثماريا له بالدخول في مجال التعدين والتكرير مباشرة وعلى نطاق واسع".
وبطاريات السيارات الكهربائية مصنوعة من توليفة من المعادن بما في ذلك الكوبالت والنيكل والليثيوم والنحاس وغيرها، ويتم إنتاج تلك المواد في مواقع مختلفة في جميع أنحاء العالم، وتتركز صناعة بطاريات السيارات في عد محدود من الدول مثل الولايات المتحدة والصين وبعض الدول الأوروبية، وغالبا ما تنقل المواد الخام عبر مسافات بحرية شاسعة للانتقال من المناجم إلى مصانع البطاريات، وهذا يعني سلسلة طويلة ومعقدة من سلاسل التوريد، والآن ونتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية ارتفعت تكاليف الإنتاج بسبب الخدمات اللوجستية وزيادة أسعار المواد الخام ونقصها في الوقت ذاته.
بدوره، ذكر لـ"الاقتصادية" الدكتور آرثر ستيورت أستاذ علم المعادن في جامعة لندن، "قد يبلغ الطلب على الكوبالت نحو 430 ألف طن في غضون عقد من الزمان أي بزيادة 60 في المائة عن أرقام اليوم، وهذا يعني ارتفاعا ضخما في الأسعار، الطلب على الليثيوم أيضا آخذ في الزيادة باطراد، وستكون صناعة السيارات الكهربائية مسؤولة عن أكثر من 90 في المائة من الطلب على الليثيوم بحلول 2030".
على أي حال لا يواجه الليثيوم نقصا في التعدين في الوقت الراهن مثل الكوبالت، إلا أن الأسعار نتيجة الطلب المتزايد ارتفت بنسبة مذهلة بلغت 438 في المائة عن العام الماضي، فقد زادت الكمية المستخدمة من المعدن أربع مرات تقريبا خلال الأعوام العشرة الماضية، ويستخرج أكثر من 80 في المائة من المعدن من تشيلي والصين وأستراليا.
بينما تسيطر الصين بمفردها على 50 في المائة من عمليات التكرير ومعالجة الليثيوم عالميا، ويستخرج 1 في المائة فقط من المعدن من الولايات المتحدة، لكن الطلب المتنامي من قطاعات أخرى يثير قلق منتجي بطاريات السيارات، فشركات الطاقة النظيفة تتطلع إلى صناعة مزيد من البطاريات لتخزين الطاقة من مصادر مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
يضاف إلى ذلك الارتفاع الهائل في أسعار النيكل الذي يعد أحد العناصر المهمة في معظم بطاريات أيونات الليثيوم، وقد أدى التدخل الروسي في أوكرانيا إلى زعزعة استقرار إمدادات النيكل العالمية، حيث تعد روسيا واحدة من أكبر منتجي المعدن، يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار البلاديوم بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية والاضطرابات الراهنة في شبكات التوزيع العالمية.
ويري سكوت بيترسون من موقع جاست أوتو المتخصص في أخبار السيارات في المملكة المتحدة، أن تلك الصعوبات لن تحول دون النمو المتواصل لسوق السيارات الكهربائية، وهو ما يتضح من الانتعاش الراهن في مبيعات السيارات المستعملة.
وقال لـ"الاقتصادية"، "إن مبيعات السيارات المستعملة ارتفعت هذا العام مدعومة بالزيادة الحادة في عدد السيارات الكهربائية المستعملة في السوق، وعلى الرغم من أن سوق السيارات الكهربائية لا تشكل سوى نسبة صغيرة من إجمالي سوق السيارات المستعملة في المملكة المتحدة، إلا أن حجمها تضاعف، وقد نمت مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات من 6625 إلى 14586 في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بزيادة قدرها 120.2 في المائة عن العام السابق".
وأضاف أن "أسعار السيارات الكهربائية المستعملة ارتفعت خلال الـ12 شهرا الماضية، والزيادة في مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة ستستمر في الأعوام القليلة المقبلة".
لا ينفي سميث ميرن الخبير الاقتصادي أن انتعاش الطلب على السيارات الكهربائية المستعملة دليل قوي على ازدهار الطلب في سوق السيارات الكهربائية حاليا ومستقبلا، مؤكدا أنه بحلول 2035 سيشهد العالم طفرة في النقل الكهربائي، لكنه يشير إلى وجود اختلاف كبير من منطقة إلى أخرى في العالم في كيفية جذب المستهلكين السيارات الكهربائية.
وأوضح لـ"الاقتصادية" أن سوق السيارات الكهربائية في أوروبا يحركها الجانب التنظيمي عبر منح إعانات عالية للمستهلكين، في حين إن جذب المستهلكين في الصين قوي للغاية على الرغم من تراجع الحوافز، وفي الولايات المتحدة نمت مبيعات السيارات الكهربائية ببطء بسب الضغط التنظيمي المحدود واهتمام المستهلك، لكن الوضع يتغير الآن.
ويضيف "على الرغم من اختلاف أسلوب التحفيز الحكومي المستخدم لزيادة الطلب على السيارات الكهربائية من منطقة إلى أخرى في العالم، فإنه من الواضح أن الطلب العالمي في تنام بصورة تعود على المستهلكين والمستثمرين بالفائدة والربح في آن واحد".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات