أخبار اقتصادية- عالمية

الهند تحظر تصدير القمح .. والسبع تنتقد: القرار سيفاقم أزمة الحبوب العالمية

الهند تحظر تصدير القمح .. والسبع تنتقد: القرار سيفاقم أزمة الحبوب العالمية

ارتفعت أسعار القمح في الهند إلى مستوى قياسي حيث وصلت في بعض المعاملات الفورية إلى 25 ألف روبية. "أ.ب"

انتقدت مجموعة الدول الصناعية أمس بعد قرار الهند حظر صادرات القمح لمواجهة تراجع إنتاجها بسبب موجات الحر الشديد، وحذرت بأن القرار "سيفاقم أزمة" إمدادات الحبوب العالمية مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
وقررت الهند ثاني دولة منتجة للقمح في العالم، حظر تصدير هذه السلعة إلا بإذن خاص من الحكومة لضمان "الأمن الغذائي" لسكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.
وسيتم تنفيذ عقود التصدير، التي أبرمت قبل صدور المرسوم، لأن هذا الإجراء يتعلق بالصادرات المستقبلية. ولن يكون هناك صادرات مستقبلا إلا بإذن خاص من نيودلهي التي ستقرر في كل حالة على حدة الموافقة على الطلبات الواردة من بلدان أخرى "لتلبية حاجاتها".
وانتقد وزراء الزراعة في مجموعة السبع خلال اجتماع في شتوتجارت بألمانيا أمس، إذ أعلن جيم أوزدمير، وزير الزراعة الألماني بعد اجتماع مع نظرائه "إذا بدأ الجميع بفرض مثل هذه القيود على الصادرات أو حتى إغلاق الأسواق فلن يؤدي ذلك سوى إلى تفاقم الأزمة وسيضر ذلك بالهند وبمزارعيها".
وأضاف "لقد قررنا رفض القيود على التصدير وندعو إلى إبقاء الأسواق مفتوحة، وندعو الهند لتحمل مسؤولياتها كدولة عضو في مجموعة العشرين".
يأتي القرار الهندي بحظر صادرات القمح بعد أيام قليلة فقط من قولها إنها تستهدف شحنات قياسية هذا العام، حيث أدت موجة الحر القائظ إلى تقليص الإنتاج لترتفع الأسعار المحلية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وبحسب "رويترز"، قالت الحكومة إنها ستستمر في السماح بشحنات القمح بخطابات ائتمان صدرت بالفعل وإلى تلك البلدان التي تطلب الإمدادات "لتلبية احتياجات أمنها الغذائي".
وكان المشترون العالميون يعتمدون على الهند في الحصول على إمدادات القمح بعد أن تراجعت الصادرات من منطقة البحر الأسود منذ التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في أواخر شباط (فبراير). وقبل الحظر، كانت الهند تستهدف شحن عشرة ملايين طن هذا العام.
ورغم أن الهند ليست من كبار مصدري القمح في العالم، قد يؤدي الحظر إلى رفع الأسعار العالمية إلى مستويات قياسية جديدة ويؤثر فيث المستهلكين الفقراء في آسيا وإفريقيا.
وقال تاجر في مومباي يتعامل مع شركة تجارية عالمية "الحظر صادم، كنا نتوقع فرض قيود على الصادرات بعد شهرين أو ثلاثة أشهر، لكن يبدو أن أرقام التضخم غيرت رأي الحكومة".
ودفع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة تضخم التجزئة السنوي في الهند إلى أعلى مستوى له في ثمانية أعوام في نيسان (أبريل)، ما عزز وجهة نظر الاقتصاديين بأن البنك المركزي سيتعين عليه رفع أسعار الفائدة بصورة أكبر لكبح الأسعار.
وارتفعت أسعار القمح في الهند إلى مستوى قياسي، إذ وصلت في بعض المعاملات الفورية إلى 25 ألف روبية "320 دولارا" للطن، وهو ما يزيد بفارق كبير على الحد الأدنى لسعر الدعم الحكومي الثابت البالغ 20150 روبية.
كما أدى ارتفاع تكاليف الوقود والعمالة والنقل والتعبئة إلى ارتفاع سعر دقيق القمح في الهند.
وقال مسؤول حكومي كبير طلب عدم نشر اسمه لأن المناقشات حول قيود التصدير لم تكن علنية "لم يكن القمح وحده. أثار الارتفاع في الأسعار الإجمالية مخاوف بشأن التضخم ولهذا السبب اضطرت الحكومة إلى حظر صادرات القمح".
وأضاف "بالنسبة لنا، هناك وفرة من الحذر".
وحددت الهند الأسبوع الماضي هدفا قياسيا للتصدير للعام المالي 2022- 2023 الذي بدأ في أول نيسان (أبريل)، مبينة أنها سترسل وفودا تجارية إلى دول مثل المغرب وتونس وإندونيسيا والفلبين لاستكشاف طرق زيادة الشحنات بصورة أكبر.
لكن الارتفاع الحاد والمفاجئ في درجات الحرارة في منتصف آذار (مارس) يعني أن حجم المحصول قد يكون أصغر مما كان متوقعا عند نحو 100 مليون طن أو أقل، وفقا لمتعامل في نيودلهي مع شركة تجارية عالمية، وقدرت الحكومة أن الإنتاج سيصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 111.32 مليون طن.
ووصلت صادرات الهند من القمح إلى رقم قياسي بلغ سبعة ملايين طن في العام المالي المنتهي في آذار (مارس)، بزيادة أكثر من 250 في المائة عن العام السابق، بعد أن استفادت من ارتفاع أسعار القمح العالمية في أعقاب الحرب.
وفي نيسان (أبريل) صدرت الهند 1.4 مليون طن من القمح، ووقعت صفقات بالفعل لتصدير نحو 1.5 مليون طن في أيار (مايو).
وقال تاجر "الحظر الهندي سيرفع أسعار القمح العالمية. في الوقت الحالي لا يوجد مورد كبير في السوق".
وحظرت الهند صادرات القمح، الذي يعتمد عليه العالم للتخفيف من قيود الإمدادات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وتقول إن الأمن الغذائي في البلاد يتعرض للتهديد.
وقالت الإدارة العامة الهندية للتجارة الخارجية في إخطار بتاريخ 13 أيار (مايو) الجاري أنه سيتم مواصلة السماح بالصادرات إلى الدول، التي تطلب القمح لاحتياجات الأمن الغذائي وعلى أساس طلبات حكوماتها. وسيتم حظر كل الشحنات الجديدة الأخرى بتأثير فوري.
وذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن القرار الخاص بوقف صادرات القمح يلقي الضوء على مخاوف الهند إزاء حدوث تضخم مرتفع، ما يضيف مزيدا إلى موجة الحمائية الغذائية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
وقال مسؤولون في الحكومة الهندية تحدثوا بعد ساعات فقط من حظر البلاد تصدير القمح إنه لم يكن هناك انخفاض كبير في إنتاج القمح هذا العام، لكن الصادرات غير المنظمة أدت إلى ارتفاع الأسعار المحلية.
وأبلغ مسؤول حكومي كبير الصحافيين في نيودلهي أمس "لا نريد أن تكون هناك تجارة للقمح بطريقة غير منظمة أو أن يحدث تخزين".
وذكرت الحكومة أنها ستستمر في السماح بشحنات القمح بخطابات اعتماد صدرت بالفعل وإلى تلك البلدان التي تطلب الإمدادات "لتلبية احتياجات أمنها الغذائي".
بدوره، قال أحمد العطار، رئيس الحجر الزراعي المصري لـ"رويترز" إن مصر تجري محادثات مع مسؤولين هنود للحصول على إعفاء من قرار الهند حظر تصدير القمح.
وأكد وجود محادثات جارية بين القاهرة ونيودلهي على أعلى المستويات، لتكون مصر جزءا من استثناءات هذا القرار، مبينا أن هناك اتصالا مستمرا مع السفير المصري لدى نيودلهي.
وأعلنت وزارة الزراعة المصرية في نيسان (أبريل) أنها وافقت على الهند كمصدر لإمدادات القمح، إذ تسعى القاهرة إلى بدائل تحل محل المشتريات، التي تعطلت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتعمل مصر على تنويع مصادر مشترياتها، وتجري محادثات مع فرنسا والأرجنتين والولايات المتحدة، وأكد أن البلاد تدرس حاليا استيراد القمح من باكستان والمكسيك.
وكان وفد من الحجر الزراعي برئاسة العطار قد سافر إلى الهند الأسبوع الماضي لتفقد أول شحنة قمح هندي متجهة إلى مصر، وهي شحنة اشتراها القطاع الخاص المصري.
وبحسب العطار، تم تحميل أكثر من 45 ألف طن من أصل 63 ألف طن على السفينة بالفعل قبل إعلان حظر التصدير.
وذكر بيان لوزارة الزراعة أن الشحنة اجتازت عملية التفتيش، وقال العطار إنها تحتوي على أعلى مستويات بروتين، مقارنة بأي منشأ آخر.
إلى ذلك، تدرس مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى بدائل لنقل شحنات الحبوب من أوكرانيا، من أجل كسر الحصار الذي تفرضه روسيا على صادرات الحبوب الأوكرانية.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في ختام اجتماع نظرائها في المجموعة في مدينة فانجلز الألمانية، أمس، إنه بعد رصد مشكلات في النقل بالسكك الحديدية عبر رومانيا بسبب اختلاف عرض السكك الحديدية، يجرى بحث التصدير عبر موانئ البلطيق على سبيل المثال، موضحة في الوقت نفسه أن مثل هذا الخيار يتطلب أولا استيفاء بعض المتطلبات الأساسية المتعلقة بكيفية الوصول إلى الموانئ هناك.
وقالت بيربوك إنه كان يمكن في المعتاد شحن خمسة إلى ستة ملايين طن من الحبوب شهريا من أوكرانيا، موضحة أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا عن طريق البحر، مشيرة إلى أنه في حال التوريد عبر السكك الحديدية، فإن ذلك سيعني الحصول على كمية أقل بكثير من الحبوب.
وقالت: ومع ذلك، فإن كل طن يتم تسليمه يمكن أن يساعد قليلا في السيطرة على أزمة الجوع هذه"، مشيرة إلى أنه تم حتى الآن تصدير جزء ضئيل عن طريق السكك الحديدية، عبر رومانيا بشكل أساسي، موضحة أن "عنق الزجاجة" يتمثل في أن أوكرانيا ورومانيا لديهما عرضان مختلفان للسكك الحديدية، وهو ما يؤدي إلى تبديد كثير من الوقت.
وقالت بيربوك إنه لن يكون هناك حل مثالي طالما استمرت روسيا في قصف أوكرانيا، مشيرة إلى أن هناك 25 مليون طن من الحبوب مخزنة في الموانئ الأوكرانية.
وأضافت: "العالم في أمس الحاجة إلى هذه الحبوب"، موضحة أنه من المهم أيضا تصدير هذه الحبوب، وإلا فإن الحصاد القادم سيتداعى أيضا، مشيرة إلى أن مجموعة السبع تبحث بدائل مع أوكرانيا والأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية.
وأكدت بيربوك أن الأمر لا يتعلق فقط بالحيلولة دون حدوث مجاعة في غضون بضعة أشهر، موضحة أن آثار الحصار باتت ملموسة بالفعل اليوم، لأنه حتى دون الحرب في أوكرانيا كانت هناك مشكلات بالغة في توفير إمدادات للجميع، وبالتالي سيضطر الناس إلى مواجهة مجاعة، وقالت: "لذلك من المهم جدا أن نتصرف معا".
وطالبت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى روسيا بإنهاء الحصار المفروض على صادرات الحبوب من أوكرانيا إلى الخارج.
وجاء في بيان أن الحرب الروسية، غير المبررة، في أوكرانيا أدت إلى تدهور التوقعات الاقتصادية العالمية مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والطاقة. وأشار البيان إلى أن نحو 43 مليون شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
وحذر البيان من انعدام الأمن الغذائي، ومن سوء التغذية، مضيفا أن هذا سيكون له عواقب وخيمة على بعض الفئات الأكثر ضعفا، كما أن ارتفاع التكاليف سيجعل من الصعب على منظمات الإغاثة تقديم المساعدة لمن هم في أمس الحاجة إليها، وأكد البيان ضرورة العمل مع الشركاء الدوليين على حدوث مثل هذا الوضع.
وتترأس ألمانيا حاليا مجموعة السبع، التي تضم أيضا الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان.
وأشارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في مستهل الاجتماع إلى 25 مليون طن من الحبوب محتجزة حاليا في موانئ أوكرانيا بسبب الحرب، خاصة في أوديسا، مضيفة أن هناك حاجة ماسة إلى الحبوب في البلدان الإفريقية والشرق الأوسط.
وأوكرانيا واحدة من أهم موردي الحبوب على مستوى العالم. وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، كانت أوكرانيا ثالث أكبر مصدر للشعير وخامس أكبر مصدر للقمح حتى 2021.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية