FINANCIAL TIMES

مع تراجع الأسهم .. متداولو التجزئة لم يعودوا «مشتري الملاذ الأول»

مع تراجع الأسهم .. متداولو التجزئة لم يعودوا «مشتري الملاذ الأول»

تدفقات التجزئة على سوق الأسهم تراجعت من 17 مليار دولار في آذار (مارس) إلى 2.4 مليار دولار حاليا.

تتجه مؤشرات الأسهم نحو الانخفاض الأسبوعي السادس على التوالي، مع تراجع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 17 في المائة حتى الآن هذا العام وانخفاض مؤشر ناسداك المركب 27 في المائة.
تتسبب هذه الخسائر في توقف اهتمام بعض المستثمرين الصغار بالسوق. فقد بلغ صافي تدفقات التجزئة الوافدة 2.4 مليار دولار فقط منذ بداية هذا الشهر حتى اليوم العاشر منه، مقارنة بـ11 مليار دولار في نيسان (أبريل) و17 مليار دولار في آذار (مارس)، وفقا للبيانات من بنك جيه بي مورجان.
بحسب ماكس جوخمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ألفاتراي لإدارة الأصول ـ مقرها كاليفورنيا ـ التراجع ربما فاقم الانخفاضات الأخيرة في السوق، مضيفا "كانت التجزئة مشتري الملاذ الأول في كثير من الانخفاضات السابقة، لكن النشاط إما تحرك إلى مكان آخر وإما أصبح أكثر حذرا فيما يتعلق بالأسهم، لأنه تمت معاقبتهم مرات عديدة هذا العام".
هبطت أسواق الأسهم مع تسرب التضخم المستمر إلى الاقتصاد الأمريكي، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بهدف تهدئة الطلب. ويؤثر التضخم المرتفع أيضا في مستثمري التجزئة، ما يقلل من تدفق السيولة الفائضة إلى السوق. أكثر من نصف المتداولين الذين شملهم استطلاع أجرته شركة تشارلز شواب للوساطة في أواخر نيسان (أبريل)، كانت لديهم نظرة متشائمة حيال الربع الثاني من 2022، بينما قال واحد من كل خمسة "إن التضخم كان مصدر قلقهم الرئيس".
انخفضت قيمة متوسط محفظة مستثمر التجزئة 28 في المائة منذ أواخر كانون الأول (ديسمبر) نظرا إلى ضعف تدفقات أسهم التجزئة في فترة الانكماش، وفقا لشركة فاندا ريسيرش. وجدت الشركة المزودة للبيانات أن الشعور العام تجاه التجزئة "متشائم للغاية".
تجلى تلاشي حماس المستثمرين في أسعار أسهم الوسطاء الذين يركزون على الأسهم. منذ بداية العام، انخفضت أسهم شركة شواب 23 في المائة، في حين انخفضت أسهم شركة إنتراكتيف بروكرز الثلث تقريبا، وانخفضت أسهم روبين هوود - شركة سمسرة بالتجزئة تقول إن مهمتها هي تطبيق الديمقراطية على التمويل - أكثر من النصف.
يعد التراجع أكثر حدة في أسواق العملات المشفرة التي اجتذبت جحافل من متداولي التجزئة الجدد خلال جائحة فيروس كورونا. أفادت كوينبيز، منصة تداول العملات المشفرة المدرجة في نيويورك، هذا الأسبوع بأن أحجام التداول انخفضت أكثر من 40 في المائة في الربع الأول. وقد تراجعت أسهم "كوينبيز" 79 في المائة هذا العام.
في الأثناء، توافد مستثمرو التجزئة إلى خيارات الأسهم ـ عقود تمنح صاحبها حق شراء أو بيع الأسهم بسعر معين ـ لكن بعد أن قفزت في كانون الثاني (يناير)، انخفض متوسط المستويات اليومية في كل من الأشهر الثلاثة التالية واستمر في الانخفاض حتى الآن، وفقا لبيانات من شركة أوبشينز كليرنج.
يشير تحليل بيانات شركة أوبشينز كليرنج الذي أجراه جيسون جويبفرت من شركة سينتمن تريدر، إلى أن متداولي التجزئة أصبحوا أيضا نسبة أصغر من نشاط الخيارات العام. ارتفعت تداولات الخيارات الصغيرة - المستخدمة كوكيل لطلبات البيع بالتجزئة - في بداية الجائحة لكنها تتجه نحو الانخفاض، وفي منتصف نيسان (أبريل) وصلت إلى أدنى مستوى لها في عامين عند 32 في المائة.
في الوقت ذاته، لم يعد المستثمرون يشترون بالقدر نفسه على الهامش لأن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع تكلفة اقتراض رأس المال. قال بينج تشينج، الخبير الاستراتيجي العالمي في بنك جيه بي مورجان "يؤدي هذا إلى تقليل الأوراق المالية القابلة للتداول بالنسبة إليهم للشراء عند الانخفاض. لقد عانت أسهم التكنولوجيا المفضلة لديهم بشدة، لذلك ليس لديهم المكاسب نفسها لكي يستمروا في الشراء".
يشك المحللون في أن مستثمري التجزئة سيواصلون الشراء عند الانخفاض بشدة كما فعلوا من قبل، لأن التضخم يضغط على ميزانيات الأسر ويتصاعد القلق بشأن السوق. قال تشينج "كثير من هذه العوامل لن يتغير على المدى القصير. تجار التجزئة ثابتون لكن سلوك التداول من المحتمل أن يظل منخفضا لبعض الوقت".
لقد تراجع مستثمرو التجزئة، إلا أنهم لم يختفوا تماما. قال شون كروز، كبير محللي التداول في شركة تي ديي أميريتريد، "إن المستثمرين لم يعودوا يشترون بكلتا اليدين". بدلا من ذلك أصبحوا أكثر انتقائية، حيث يشترون شركات ضخمة بما في ذلك شركات التكنولوجيا المربحة للغاية ذات الإيرادات المؤكدة، مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل.
يشعر بعض الوسطاء بالتفاؤل بأن آثار الانكماش في التداول ستتم مواجهتها عبر أسعار الفائدة الآخذة في الارتفاع، ما يسمح للوسطاء بالربح من الأموال المودعة في حسابات العملاء.
توماس بيترفي، مؤسس ورئيس شركة إنتراكتيف بروكرز، التي انخفضت إيراداتها من العمولات 15 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول، قال "شركات السمسرة لا تعاني. قد تتناقص العمولات والدفع مقابل تدفق الطلبات لكن هذا منظور ضيق. ستفوق زيادة سعر الفائدة أي خسارة في الإيرادات من المعاملات".
مع ذلك، لا يزال انخفاض عدد المستثمرين والطلب البطيء أمرين صعبين على الوسطاء الذين اعتادوا على الرهانات الجريئة من قبل متداولي التجزئة. قال توم سوسنوف، مؤسس منصة التداول، تيستي ويركس، ومنصة الخيارات، ثينك أور سويم "لا نحب هذه الأسواق بشكل عام، لأنها ليست جيدة للأعمال التجارية على المدى الطويل. نحب الأسواق ذات الجانبين".
لكنه أضاف "كلنا نحاول حماية عملائنا فحسب. تداولات التجزئة لا تختفي في الواقع. إنها تدخل في سبات لمدة قصيرة ثم تعود بقوة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES