default Author

أوروبا والتصدي لنقص الغاز الذي يلوح في الأفق «2 من 2»

|
إذا استمر انقطاع الغاز لعدة أشهر، فإن إغلاق القطاعات الصناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة في الاقتصاد الأوروبي ليس خيارا ممكنا، ويمكن أن يسفر عن تداعيات بالغة، بما في ذلك مزيد من الضغط على سلاسل التوريد العالمية، وما سينجم عن ذلك من آثار محتملة بعيدة المدى في التضخم والنمو.
إذن: فإن توفير الغاز على نطاق كاف لتعويض النقص يجب أن يشمل مساهمات كبيرة من جميع مجموعات مستخدمي الغاز بمن فيه المستهلكون المقيمون، وقطاعا الخدمات والصناعة. وسيتطلب ذلك وضع أهداف واضحة وتقاسما عادلا للأعباء بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبين الأسر، ومن يستخدم الغاز لأغراض سكنية وصناعية. لكن، لتكون هذه الأهداف مقبولة سياسيا وجاهزة للاستخدام يجب إجراء مفاوضات استباقية بشأنها.
وفضلا عن ذلك، رغم أنه لا يزال هناك متسع من الوقت، تجب إعادة تجهيز المباني المزودة بأنظمة التدفئة التي تعمل بالغاز بعزل حراري إضافي. وهذا جهد واسع النطاق سيتطلب خطة استثمار طارئة. ويمكن تحقيق وفورات إضافية من إعادة معايرة أنظمة التدفئة، لكن ستكون هناك حاجة أيضا إلى بعض الاستجابات السلوكية الصعبة. فعلى سبيل المثال، لكل خفض لدرجة حرارة الغرفة بمقدار درجة مئوية، يمكن للأوروبيين تقليل استخدامهم لغاز التدفئة 10 في المائة تقريبا، ويمكن توفير مزيد من الغاز من خلال ترك الغرف غير المأهولة دون تدفئة.
مطالبة الناس بتوفير الغاز تثير تساؤلات مهمة بشأن التوزيع والشرعية. ولكسب التأييد العام، ستحتاج الحكومات إلى تقديم حجة مقنعة حتى تتخذ إجراءات متضافرة. ويجب أن تتضمن خططها طرقا عادلة لتخصيص الجهود، والدعم، والتوجيه لتحقيق الوفرات، وتدابير لضمان الشفافية، وإذا لزم الأمر آليات لفرض الامتثال. وستكون العملية أسهل وأكثر فاعلية إذا اتخذت حكومات الاتحاد الأوروبي قرارا مشتركا بشأن أهداف توفير الغاز، مع التزام كل دولة عضو بحصتها العادلة. وفي حال حدوث نقص دون خطة طوارئ، فمن المرجح أن يؤدي تقاسم الأعباء غير المنضبط إلى الإضرار بالفئات الأضعف بصورة غير متناسبة.
وبالنظر إلى اتساع نطاق أصحاب المصلحة المعنيين، يجب أن تعقد المفاوضات بشأن خطط الطوارئ على الفور. ولا شك أن أهداف توفير الغاز وتدابير تحقيق ذلك ستكون العمود الفقري لأي استجابة من الاتحاد الأوروبي للتصدي لأي انقطاع. وستكون أكثر مصداقية إذا تم الاتفاق عليها بالتوازي مع خطط الطوارئ للتقنين وتدابير التضامن الإضافية. ويجب أن يعتمد صنع السياسات الاقتصادية منطق التأهب للكوارث، مع إيلاء اهتمام خاص لقضايا الإنصاف والتضامن والشرعية.
وقد يكون التحول في التركيز من التنبؤ الاقتصادي إلى الاستعداد للكوارث أمرا بالغ الأهمية فيما يتعلق بقدرة أوروبا على تحمل التكاليف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لانقطاع إمدادات الغاز. وتتمثل مهمة صانعي السياسات في تطوير أكثر من مجرد استجابات للندرة قائمة على الأسعار، وذلك من أجل ضمان مساهمة عادلة للجميع، واحتواء الضرر قدر الإمكان.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.
إنشرها