FINANCIAL TIMES

كريدي سويس يعترف: التراخي أدى إلى الفضائح

كريدي سويس يعترف: التراخي أدى إلى الفضائح

في خطابه الأول في الاجتماع العام السنوي للمجموعة الشهر الماضي، قدم أكسل ليمان، رئيس مصرف كريدي سويس، تقييما قاسيا لما يكمن في قلب سلسلة الفضائح الشهيرة الأخيرة للمصرف.
قال لمساهمي المصرف السويسري، "أصبح من الواضح أن تحديات الماضي لم تكن تعزى فقط إلى القرارات السيئة المنفردة أو إلى صناع القرار الأفراد. داخل المنظمة بأكملها، فشلنا في كثير من الأحيان في توقع المخاطر المادية في الوقت المناسب من أجل مواجهتها بشكل استباقي ومنعها".
كان ليمان يتحدث بعد أيام قليلة من رفع صندوق معاشات تقاعدية في ولاية رود آيلاند دعوى قضائية ضد 20 من المديرين التنفيذيين الحاليين والسابقين في "كريدي سويس" - بمن فيهم أورس رونر، أحد المديرين السابقين في مصرف ليمان - بشأن خسارة تداولية حجمها 5.5 مليار دولار تكبدها المصرف بسبب انهيار شركة أركجوس كابيتال لإدارة الأصول الربيع الماضي، وهي الأكبر في تاريخه.
"كانت المشكلة الأساسية هي أن مجلس إدارة مصرف كريدي سويس لم يوفر الموارد والأفراد والتكنولوجيا والأنظمة والضوابط اللازمة لفهم المخاطر الكلية التي كان المصرف يتحملها، فضلا عن إدارة هذه المخاطر"، كما قال نظام تقاعد الموظفين في مدينة بروفيدنس في الدعوى المرفوعة إلى محكمة نيويورك العليا.
جاءت خسارة "أركجوس" بعد أسابيع فقط من إجبار "كريدي سويس" على إغلاق مجموعة من الصناديق المرتبطة بشركة جرينسيل كابيتال المتخصصة في التمويل، ما أدى إلى احتجاز عشرة مليارات دولار من أموال العملاء. قال المصرف إن جهود استرداد الأموال قد تستغرق خمسة أعوام أخرى على الأقل.
كانت الأزمة المزدوجة هي الأبرز في سلسلة فضائح ابتلي بها المصرف تعود جذورها إلى الأزمة المالية العالمية 2008. في العام الماضي وحده انخفض سعر سهم المصرف إلى النصف، ما أدى إلى الاستغناء عن جميع مسؤوليه التنفيذيين تقريبا، وبدأ كثير من العملاء والمساهمين المتميزين في رفع دعاوى قضائية ضده.
كان القاسم المشترك في جميع إخفاقات المصرف هو إدارة المخاطر التي في الأغلب ما تم إلغاؤها من قبل المديرين التنفيذيين ذوي العقلية التجارية الذين كانوا يسعون وراء عوائد أعلى من الصفقات ذات المخاطر العالية، وفقا لكثير من الموظفين الحاليين والسابقين.
يقول مسؤول تنفيذي سابق عمل في قسم المخاطر في المصرف، "كان لدينا امتثال ضعيف تاريخيا مقترنا بأعمال عالية المخاطرة. كما جعل الهيكل من الصعب للغاية رؤية إجمالي المخاطر العالمية - كان الأمر أشبه بلعب الغميضة".
بعد أربعة أشهر من خسارة "أركجوس"، نشر "كريدي سويس" تقريرا عن إخفاقاته، كان قد كلف به شركة بول ويس للمحاماة. التقرير الذي تجاوز 172 صفحة، وصف بالتفصيل الشديد قائمة الأخطاء الفردية والتنظيمية.
قالت شركة المحاماة إن الخسائر كانت نتيجة "خلل أساسي في الإدارة والضوابط" في المصرفية الاستثمارية في كريدي سويس و"موقف ضعيف تجاه المخاطر". كان مصرف كريدي سويس هو الأكثر تضررا من بين عديد من المصارف الاستثمارية التي خسرت مجتمعة أكثر من عشرة مليارات دولار عندما انهارت "أركجوس". كانت "أركجوس" واحدة من عملاء قسم الوساطة الرئيس في المصرف الذي يساعد عملاء صناديق التحوط من خلال إقراضهم الأموال والأسهم لتنفيذ التداولات.
كذلك سلط التقرير الضوء على عملية اعتماد الكوادر الشابة بين موظفي إدارة المخاطر في المصرف، حيث يتم استبدال المديرين ذوي الخبرة بأشخاص أصغر سنا وأقل كفاءة يفتقرون إلى المعرفة بكيفية التعامل مع المخاطر المعقدة. من بين النتائج التي توصل إليها التقرير أنه في صيف 2020، كان احتمال تعرض "كريدي سويس" لشركة أركجوس يتجاوز حدود مخاطر المصرف أكثر من 25 مرة.
مع ذلك، جادل الموظفون في قسم الوساطة المالية الرئيس بنجاح بأنه يجب تقييم "أركجوس" بموجب سيناريو "الأسبوع السيئ" للمصرف بدلا من سيناريو "الانهيار الحاد للأسهم" الأكثر قسوة. في ذلك الوقت، أبلغ محلل مخاطر في "كريدي سويس" مخاوفه إلى المشرف عليه بشأن موظفي قسم الوساطة المالية الرئيس، قائلا، "يدير الفريق مندوب مبيعات يتعلم المهام من أشخاص لم يكن يثق في أن يكون الداعم لهم".
مع ذلك، ذكرت شركة بول وايس أن "أركجوس" ربما "خدعت" مصرف كريدي سويس أيضا. الشهر الماضي، ألقت السلطات الأمريكية القبض على بيل هوانج، مؤسس شركة أركجوس، إلى جانب باتريك هاليجان، مديره المالي السابق، واتهمتهما بالابتزاز والاحتيال والتلاعب في السوق.
في العام الذي أعقب الأزمة المزدوجة، "جرينسل" و"أركجوس"، أجرى "كريدي سويس" مراجعة شاملة للمخاطر في جميع أنحاء المنظمة وأغلق قسم الوساطة المالية الرئيس حيث نشأت خسائر "أركجوس".
تم تعيين ديفيد ويلدرموث المخضرم، من "جولدمان ساكس"، رئيسا تنفيذيا جديدا للمخاطر. وسيزود ويلدرموث المساهمين بآخر المستجدات المتعلقة بخططه للمجموعة الشهر المقبل. أمر "كريدي سويس" بإعداد تقرير مماثل عن إخفاقاته بشأن قضية "جرينسيل". أعدت التقرير شركة ديلويت وشركة والدر ويس السويسرية للمحاماة. لكن على الرغم من أنه تم الانتهاء منه وعرضه على مجلس إدارة المصرف وهيئة الرقابة على السوق المالية السويسرية FINMA، لم يتم نشره على الملأ.
لكن شخصا اطلع على التقرير يقول إن نتائجه تشبه إلى حد كبير تلك التي كشف عنها تقرير "أركجوس"، المديرون التنفيذيون ذوو العقلية التجارية يتجاوزون المخاوف التي أثارها مديرو المخاطر الضعفاء. يقول مدير المخاطر السابق، "لقد ارتكبنا أخطاء، لكن دون اهتمام المسؤولين بإدارة المخاطر والامتثال، كان لا بد من حدوث كارثة".

متاعب "كريدي سويس" المتسلسلة

آذار (مارس) 2021، اضطر "كريدي سويس" إلى إغلاق ما قيمته عشرة مليارات دولار من صناديق استثمار مرتبطة بشركة جرينسيل كابيتال المتخصصة في التمويل. دفعت الكارثة كثيرا من عملاء المصرف الأثرياء إلى اتخاذ إجراءات قانونية لتعويض الخسائر.
آذار (مارس) 2021، تكبد المصرف خسارة تداولية قدرها 5.5 مليار دولار نتيجة انهيار شركة أركجوس كابيتال العائلية.
تشرين الأول (أكتوبر) 2021، فرضت هيئة الرقابة على السوق المالية السويسرية FINMA عقوبات على "كريدي سويس" بسبب ملحمة "التجسس"، التي كشفت عن سبع حالات من المراقبة المؤسسية غير اللائقة للموظفين، بما في ذلك مسؤول تنفيذي كبير سابق تمت ملاحقته في شوارع زيوريخ مع عائلته من قبل محققين خاصين.
تشرين الأول (أكتوبر) 2021، يدفع "كريدي سويس" 475 مليون دولار على شكل غرامات للجهات التنظيمية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وسويسرا لتسوية التحقيقات في دوره في فضيحة "سندات التونة" في موزمبيق، التي دفعت أكثر من مليوني شخص إلى الفقر.
كانون الثاني (يناير) 2022، أجبر الرئيس أنطونيو هورتا أوسوريو على التنحي بعد انتهاك قواعد الحجر الصحي لـكوفيد - 19 لحضور الأحداث الرياضية والخضوع للرقابة بسبب استخدامه لطائرات الشركة.
شباط (فبراير) 2022، "كريدي سويس" يصبح أول مصرف سويسري يواجه اتهامات جنائية بشأن تعاملاته مع مجموعة من عصابات المافيا البلغارية لتهريب الكوكايين.
شباط (فبراير) 2022، اتحاد من المنظمات الإعلامية الدولية ينشر "تسريبات كريدي سويس"، حيث يتم نشر تفاصيل حسابات 30 ألفا من عملاء "كريدي سويس" التي تظهر ارتباطه بأفراد خطرين للغاية متورطين في جرائم مثل غسل الأموال والاحتيال والاتجار بالبشر.
آذار (مارس) 2022، محكمة في برمودا أجبرت مصرف كريدي سويس على دفع 600 مليون دولار لرئيس الوزراء السابق لجورجيا بسبب قضية طويلة الأمد تتعلق بمصرفي خاص سرق من أغنى عملاء المجموعة في أوروبا الشرقية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES