FINANCIAL TIMES

انهيار قطاع التكنولوجيا تطهير وليس أزمة

انهيار قطاع التكنولوجيا تطهير وليس أزمة

بعد سلسلة من الاجتماعات "التوضيحية الفائقة" مع المساهمين، بعث دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة أوبر، إلى الموظفين مساء الأحد رسالة بريد إلكتروني لافتة للنظر، "نحتاج إلى أن نظهر لهم الأموال".
أوضح خسروشاهي، مستخدما الاستعارات المجازية بشكل خاطئ، أن السوق كانت تشهد "تحولا زلزاليا" وأن "أعمدة المرمى قد تغيرت". يجب أن تكون أولوية شركة طلب سيارات الأجرة وخدمة توصيل الطعام هي توليد تدفق نقدي حر. كتب خسروشاهي، "نحن نخدم أسواقا بتريليونات الدولارات، لكن حجم السوق لن يكون ذا صلة إذا لم يترجم إلى ربح".
بالنسبة لرئيس شركة أوبر، الحديث بصوت مرتفع عن التدفق النقدي والربح ليس محتملا مثل عدم احتمال تحدث إيلون ماسك بنبرة عالية عن فوائد التواضع الشخصي والسيارات التي تعمل بالبنزين. لا توجد شركة أكثر من أوبر دلالة على السوق الصاعدة الطويلة والمجنونة، المليئة برأس المال في أسهم التكنولوجيا. تأسست الشركة في 2009، وتم تعويمها بعد عقد من الزمن عند تقييم بلغ 76 مليار دولار. يظهر تحولها المتأخر إلى النهج المالي التقليدي مدى تحولات الأسواق منذ التحول في دورة أسعار الفائدة وانهيار سوق ناسداك المحملة بأسهم بالتكنولوجيا، التي انخفضت 26 في المائة هذا العام.
كما هو الحال دائما، عندما تنفجر الفقاعات من الصعب التمييز بين التعديل المؤقت والتغيير الدائم، بين الانكماش الدوري والاتجاه الدائم. هل تم للتو التخلص من رغوة المضاربة في أعلى السوق؟ أم هل تغيرت قواعد اللعبة بشكل جذري بالنسبة للشركات الناشئة المدعومة من رأس المال المغامر التي تحاول محاكاة "أوبر"؟ رهاني على النقطة الأخيرة، وقد لا يكون ذلك شيئا سيئا.
هناك بالتأكيد حجة قوية مفادها أن الطفرة غير العادية في أسهم شركات التكنولوجيا على مدى العقد الماضي كانت مدفوعة إلى حد كبير بسياسات أسعار الفائدة المنخفضة إلى مستويات غير مسبوقة استجابة للأزمة المالية العالمية 2008. مع تحول رأس المال إلى سلعة، كان من المنطقي بالنسبة للشركات الانتهازية انتزاع أكبر قدر من المال يمكن أن تحصل عليه من شركات رأس المال المغامر لـ"التوسع سريعا" وشق طريقها إلى الهيمنة على السوق.
تم تسريع هذا التوسع الجنوني من خلال التمويل المقدم من فئة جديدة من المستثمرين غير التقليديين، بما في ذلك صناديق التحوط "متعددة الاهتمامات"، مثل "تايجر جلوبال". مثل هذه الصناديق تشهد الآن انخفاضا مذهلا في تقييم محافظها الاستثمارية. خسرت "تايجر جلوبال" 17 مليار دولار هذا العام.
يقول ويليام جانواي المستثمر المخضرم، "كانت هناك مجموعة فريدة من السياسات الاقتصادية والمالية التي سنتها البنوك المركزية في العالم لم نشهدها من قبل، الحفاظ على معدلات فائدة سلبية على المدى الطويل". نتيجة لذلك، كما يقول، بعض الشركات لاحقت "رأس المال كاستراتيجية"، وهي تتطلع إلى تحقيق النجاح عبر الاستثمار متجاهلة المقاييس التقليدية. "لكنني لا أعتقد أن هذه استراتيجية استثمار معقولة أو مستدامة".
توصل مستثمرو سوق الأسهم إلى النتيجة نفسها وهم يميزون الآن بين شركات التكنولوجيا التي تولد تدفقات نقدية قوية وأرباحا، مثل "أبل" و"مايكروسوفت" و"ألفابت"، والاستثمارات التي يغلب عليها طابع المضاربة، مثل "نتفليكس"، "بيلتون"، و"زووم:. ربما نمت هذه بسرعة غير عادية خلال جائحة كوفيد – 19، لكنها لا تزال تعاني الخسائر.
مثلما تحول مستثمرو السوق العامة من أسهم النمو التي تستهلك كميات كبيرة من السيولة إلى الشركات المولدة للقيمة، فإن مستثمري السوق الخاصة يحذون حذوهم، كما يقول ألبرت وينجر، الشريك الإداري في يونيون سكوير فينتشرز، وهي شركة رأس مال مغامر تتخذ من نيويورك مقرا لها. "أعتقد أن هذا أمر صحي. يتعين على الشركات بناء منتجات حقيقية وتقديم قيمة للعملاء تترجم إلى أرباح" حتى لو كان هذا التحول "مؤلما للغاية لعدد من الشركات".
أصبحت الحياة بالفعل غير مريحة للشركات الناشئة التي لديها موارد مالية تعتمد عليها. من الصعب الآن الوصول إلى الأسواق العامة. وفقا لـ"آي واي"، انخفضت قيمة جميع الاكتتابات الأولية العالمية في الربع الأول من 2022 بنسبة 51 في المائة على أساس سنوي. السوق المهووسة بشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، التي مكنت شركات التكنولوجيا عالية المضاربة من الإدراج من خلال الباب الخلفي، الآن تجمدت بالكامل. انخفضت الآن تقييمات جولات التمويل المتأخرة في الولايات المتحدة، وتبعها بقية العالم.
على الرغم من ذلك، لا تزال صناعة رأس المال المغامر مليئة بالمال ومستميتة من أجل الاستثمار. وفقا لـ" كيه بي إم جي"، جمع نحو 1400 من صناديق رأس المال المغامر في جميع أنحاء العالم ما مجموعه 207 مليارات دولار العام الماضي.
على الرغم من أن النقد سيكون له تأثير كبير، إلا أن قدرة الشركات الناشئة على استغلال الفرص باستخدام أدوات رخيصة وقوية مثل البرامج مفتوحة المصدر والحوسبة السحابية وتطبيقات التعلم الآلي تظل غير متأثرة. قد يؤدي التباطؤ في خطط التوظيف الشرهة لشركات التكنولوجيا الكبرى إلى إقناع مزيد من رواد الأعمال الناشئين بتجربتها. يقول وينجر، "ما زلنا بحاجة إلى مزيد من التسديدات تجاه المرمى من منظور استثماري ومجتمعي". لا يزال هناك طلب صارخ على الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ لابتكار طرق أكثر ذكاء لتقليل استهلاك الطاقة، مثلا.
ربما تكون الشركات المدعومة برأس المال المغامر قد اجتازت للتو أكثر الأسواق الصاعدة غرابة وتوليدا للثروة في التاريخ. لن تحدث مثل هذه الظروف الخارقة للطبيعة مرة أخرى. من المرجح أن يكون ما يلي تطهيرا أكثر من كونه أزمة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES