المضاربات على صعود النفط تعود إلى السيطرة .. الأسعار راسخة فوق 100 دولار

المضاربات على صعود النفط تعود إلى السيطرة .. الأسعار راسخة فوق 100 دولار

تباينت أسعار النفط الخام خلال تعاملات أمس، مع ارتفاع الدولار وفقا للعلاقة العكسية بينهما، في وقت يتلقى فيه القطاع دعما من انخفاض إصابات كورونا في الصين، ما يعزز التفاؤل بإنهاء الإغلاق وعودة تعافي الطلب على النفط والوقود في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
ويستمر ملف العقوبات الأوروبية على النفط الروسي هو الأكثر سخونة وتأثيرا في السوق، حيث خفف الاتحاد الأوروبي عقوباته المقترحة على صادرات الخام الروسية ويتجه إلى إلغاء الحظر المقترح على السفن الأوروبية التي تنقل النفط الروسي عقب اعتراض أعضاء من بينهم اليونان، بينما تتواصل المحادثات حول الحزمة السادسة من العقوبات.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، "إن تراجعا ملموسا في أسعار النفط الخام حدث بعدما كشفت البيانات عن ارتفاع في المخزونات النفطية الأمريكية بمقدار 8.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي، بينما كانت التقديرات السابقة تشير إلى زيادة بمستوى أقل وبالتالي أسهم ذلك في هدوء وتيرة صعود الأسعار".
وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل ام اف" النمساوية للطاقة، "إن ارتفاع أسعار الديزل أدى إلى زيادة الضغط في الولايات المتحدة، حيث إن الشاحنات التي تعمل بالديزل هي التي تنقل معظم البضائع المبيعة في جميع أنحاء الولايات".
وأشار إلى اتساع حالة عدم التوازن في سوق المنتجات المكررة مع رغبة السوق في تحفيز المصافي لزيادة الإنتاج، لكن يبدو أن الأمر يستغرق وقتا، مرجحا أن تظل الأسعار مرتفعة لفترة من الوقت خاصة مع بدء موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة وتنامي الطلب على البنزين.
من ناحيته، يرى فرانس أجرير مدير وكالة الطاقة النمساوية أن الحظر الأوروبي لشراء النفط الروسي تسبب في حدوث موجات صدمات إضافية في سوق النفط المتوترة بالفعل، حيث من المرجح أن يزداد الاختلال بين العرض والطلب مع تقلب أسواق النفط الخام بشكل جامح، مشيرا إلى معاناة السوق المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني والطلب على النفط وتشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي والتضخم، خاصة مع توقع عديد من المنتجين تخفيضات الإنتاج خلال الربع الثاني.
وذكر أن المضاربين على الصعود عادوا إلى السيطرة الأربعاء بفضل المخاوف المتزايدة من حظر نفطي روسي من قبل الاتحاد الأوروبي إضافة إلى التحفيز الاقتصادي الصيني، حيث ستطرح بكين مجموعة من السياسات التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد الصيني هذا العام بما في ذلك حزمة تحفيز لخفض الضرائب.
من جانبه، أوضح أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات أن بعض خبراء السوق يحذرون من أن أسواق النفط لم تخرج من المأزق بعد، لافتا إلى أن مخاوف الركود قد تحد من استمرار مكاسب أسعار النفط وسط توقعات "ستاندرد تشارترد" التي ترى أن النفط قد يستقر فوق مائة دولار للبرميل حتى في مواجهة المخاوف المتزايدة من الركود في الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك التباطؤ الحاد في الصين.
وأشار إلى أن أسواق النفط الخام أصبحت بالفعل أكثر حساسية عن ذي قبل لمعنويات الاقتصاد العالمي بشكل عام. وبحسب تقديرات "ستاندرد تشارترد" فإن الحرب في أوكرانيا أضافت إلى أسعار النفط الخام 20 دولارا لكل برميل، موضحا أن السوق في حالة ترقب للقرارت الغربية ومدى تمكنها من تعطيل تدفقات النفط الروسي خلال الأشهر القليلة المقبلة.
أما أندري جروس مدير شركة "ام ام ايه سي" الألمانية فيرى أن الافتقار الحالي إلى إجماع الاتحاد الأوروبي بشأن النفط الروسي يربك حسابات السوق ويجعل هناك تفاوتا في توقعات الانخفاض في الإنتاج الروسي على المدى الطويل وأيضا في تقديرات نمو الطلب خلال العام الجاري.
ولفت إلى استمرار حالة الحذر في السوق مع اتجاه منظمات الطاقة الرئيسة إلى خفض تقديرات نمو الطلب العالمي، موضحا أن هبوط مخزونات النفط الخام وفر بعض الدعم للأسعار، بينما يتطلع المستهلكون إلى مزيد من زيادات الإنتاج سواء من منتجي "أوبك +" أو المنتجين الأمريكيين.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتدت أسعار النفط أمس، وسجلت خسائر تتجاوز 2 في المائة، بعدما كانت قد سجلت مكاسب قوية أمس الأول، وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي بـ2.1 في المائة، إلى 105.34 دولار في التداولات في أوروبا.
كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ 2.2 في المائة، إلى 103.35 دولار.
يأتي هذا وسط تزايد المخاوف من تدهور التوترات الجيوسياسية واستمرار الإغلاقات المرتبطة بكورونا في الصين. كما أدى ارتفاع قوة الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى في عقدين إلى زيادة تكلفة السلع المقومة به على المستهلكين الذين يستخدمون عملات أخرى.
وارتفع الدولار بعدما أظهرت بيانات أن التضخم لا يزال مرتفعا في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل من المرجح أن يتمسك مسؤولو الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنصف نقطة خلال الاجتماعين أو الاجتماعات الثلاثة المقبلة لاحتواء التضخم.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 109.02 دولار للبرميل الأربعاء إلى مقابل 108.18 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك الخميس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب تراجعات سابقة، وإن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 110.83 دولار للبرميل".

الأكثر قراءة