Author

لصناعة راسخة للترفيه والدراما

|
استخدم كثير من الدول إنتاجاتها الدرامية كقوة مهمة تسوقها ثقافيا وسياسيا واقتصاديا وسياحيا، ما زال كثيرون يطرحون تساؤلات عريضة ومحقة عما إن كانت الدراما السعودية يمكنها أن تلعب هذا الدور، على الرغم من الإقرار بأنها في بعض إنتاجاتها، خاصة تلك التي تقودها تجارب شبابية اتخذت من اليوتيوب والأفلام طريقا للتعبير عن نفسها، نجحت في بعض الأحيان في نقل صورة السعودي للخارج، كما يليق بالحراك والتطور الذي تشهده المملكة في مختلف الجوانب.
ورأى البعض أن إمكانية إيجاد دراما سعودية كقوة ناعمة ذات مردود إيجابي على السعودية تبقى متاحة وواردة، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى من يسوق له مشاريعه الطموحة، ويسرد ملاحم رموزه، ويتم من خلاله تصوير السعودية للعالم بأكمله كحضارة أصيلة، مزهرة. كما اتجه معظم دول العالم اليوم إلى تسخير كثير من الأنشطة لتكون ذات عائد اقتصادي ومالي ثابت مثل الرياضة والمجالين الثقافي والسياحي والقطاعات التجارية الحيوية الأخرى لأن الاقتصاد أصبح هو العنصر الأساسي في حياة الناس والمسيطر الأول في تحقيق النمو والازدهار المستمر. كما تشارك هذه المنظومة في تحريك هذا النشاط بإيجاد الوظائف لكثير من الذين تخرجوا من كليات أكاديمية متخصصة في قطاع الدراما وبالتالي تسهم في حركة الوظائف حتى لو في نطاق محدود.
ويعد النشاط والعمل في مجال المسرح والمسلسلات التلفزيونية من الأنشطة الاقتصادية المهمة في عالم اليوم، ومصدر دخل مثل غيرها من القطاعات الحيوية التجارية الأخرى وتعد ذات عائد مادي واقتصادي حيث أصبح كثير من القنوات الإذاعية والتلفزيونية، أداة جذب مهمة للشركات المعلنة وأصبحت هذه الشركات تتنافس وتتسابق وراء العمل الدرامي الراقي من أجل الإعلان عن منتجاتها وفق حملات إعلانية مجدولة بشكل منظم نظرا لإقبال المشاهدين على متابعة مثل هذه الأعمال باعتباره إحدى الأدوات المهمة للترفيه للأسر كما تعد في الوقت نفسه مدخلا تسويقيا كبيرا لهذه الشركات لجذب العملاء والمتسوقين والمستهلكين حيث وصل الإعلان تزامنا مع هذه الأعمال الدرامية إلى مبالغ كبيرة تدر دخلا كبيرا للفضائيات التلفزيونية وأصبح هذا الأمر هو التوجه السائد اليوم للشركات المنتجة للإعلان عن منتجاتها الجديدة لتدخل بها الأسواق. ومن هذه الزاوية بالذات يمكن ربط الأعمال الدرامية بالنشاط الاقتصادي.
في ضوء النتائج الإيجابية التي حققتها الدراما السعودية هذا العام، فإن واجبنا أن نعطي الدراما السعودية حيزا أوسع، ونعطيها كثيرا من الدعم والتشجيع حتى تحقق الأهداف التجارية والاقتصادية المنشودة وهي مفتاح كبير من مفاتيح جذب السياح من خلال الطرح الثقافي من العمل الدرامي، ونفتح أمام المواهب السعودية مزيدا من المساحات حتى نتيح أمام القدرات الجديدة مزيدا من المساحة والإبداع والتألق والنجاح وتحقيق البعد الاقتصادي المهم ونجعلها من مصادر الإيرادات المالية لكثير من المؤسسات الثقافية وتدخل حيز المنافسة الإقليمية الخليجية والعربية ونحن كبعض دول المنطقة التي اقتحمت هذا المجال وحققت فيه مكاسب مالية إضافة إلى إثراء العمل المحلي وجعله ينطلق في اتجاه الساحة العربية وينافس كثيرا من الدول التي سبقتنا في هذا المجال.
ودخلت الدراما السعودية بنجاح كبير في سباق الدراما العربية في شهر رمضان المبارك 2022، وحققت الدراما السعودية قصب السبق ببعض الأعمال على الصعيد العربي، واستطاعت الدراما السعودية والدخول في دائرة المنافسة.
ومثالا وليس على سبيل الحصر يعد مسلسل "العاصوف" من أهم المسلسلات التي دخلت السباق وتربعت على المقدمة. وهنالك مسلسلات كثيرة حققت بعدا ثقافيا واقتصاديا ولعل الأعمال التي قدمت من خلال مسلسلات "طاش ما طاش" حققت بعدا شعبيا وأدبيا واقتصاديا للسعودية وانتشرت هذه الأعمال في كثير من الدول الخليجية والعربية وأصبح لها رواج ومشاهدون.
وكانت المرأة السعودية على قدر المسؤولية حيث إنها حققت كثيرا من النجاحات في شتى مناحي الحياة بدءا من المنحى الاجتماعي، ثم المنحى الفني، ثم المنحى الرياضي، حتى أصبحت شقيقة للرجل تشاركه كل وظائف التنمية الشاملة في جميع جوانب الحياة. والواقع أننا في أمس الحاجة إلى علاج قضايانا من خلال الدراما السعودية، ذلك لأن المجتمع السعودي ظل لفترة طويلة يبعد الدراما عن الدخول في معالجة أوضاعنا الاجتماعية والسياسية، مع أن الدراما من أهم أسلحة علاج مشكلات المجتمع بأسلوب مستنير.
ولذلك فإن بعض المسلسلات المحلية حققت مشاهدات مرتفعة مقارنة بغيرها من المسلسلات سواء المسلسلات المصرية أو السورية التي دخلت مع السعودية في حلبة التنافسية الفنية في الساحة العربية.
وإذا استعرضنا نتائج مسلسلات الدراما، فإننا نستطيع القول إن الدراما السعودية بدأت ترسخ أقدامها في قائمة برامج الترفيه الناجحة وتضع لها موضع قدم كبداية متواضعة، بل تعد الدراما السعودية حاليا واحدة من الموارد المهمة في قائمة برامج الترفيه السعودية، ولا سيما أن الدراما الوطنية بدأت تسهم في ترجيح كفتها أخيرا بأعمال على المستوى المحلي.
وفي مجال المفاضلة بين القنوات العربية، فإن المسلسلات الدرامية التي أذيعت على محطات سعودية أعطتها نوعا ما ميزة المنافسة والتفوق على شقيقاتها العربية الأخرى، وفي هذا العام لعبت منصة "شاهد" دورا كبيرا في تحقيق التفوق من خلال الأعمال العربية المنوعة والحصرية على شاشتها المتفردة.
وأخيرا ما نرجوه للدراما السعودية أن تعمل على تحقيق مزيد من الجودة في إنتاجها والتوسع أفضل من السابق، وتحقيق مزيد من الإتقان في إنتاج وإخراج المسلسلات الدرامية، وأن تدخل ميادين المنافسات مع غيرها من الشقيقات العربيات لتحقيق أكبر مشاهدة ممكنة، وبالتالي أعلى إيراد ممكن.. ومن ثم تحقيق المفهوم وأسلوب العائد الاقتصادي من الأعمال المسرحية والدرامية.
إنشرها