Author

توازن العقل والجسد

|
من المعلوم أن الإنسان يحكمه ثلاثة أمور هي العقل والجسد والروح، ولكل منها جوانبه التي يختص بها والطرق التي تنميه وتفيده، كما أنها تتأثر ببعضها تأثرا كبيرا، ولا بد للإنسان أن يوازن بينها ولا يركز على جانب منها دون الآخر، فلو نظرنا مثلا لعقل الإنسان لوجدنا أن له قدرة على التأثير في الجسم، وقد أدرك العلماء ذلك، ففي عالم الصيدلة والطب على سبيل المثال هناك ما يعرف بالدواء الوهمي placebo وهو مستحضر وهمي يشبه في ظاهره الدواء الحقيقي تماما على حين أنه لا يحوي أي مادة فعالة يعطى لبعض المرضى لإيهامهم أن هذا العلاج هو الدواء المناسب لهم، كما يستخدم في اختبارات الأدوية الجديدة وفي الأبحاث الطبية للنظر في تأثير الدواء الفعلي مقارنة بهذا الدواء الوهمي، أثبتت الدراسات العلمية أن الإنسان الذي يعتريه القلق والخوف من المرض يصبح بأمر الله عرضة للمرض أربع مرات أكثر من الإنسان السوي المتفائل، ومن الملاحظ أن هناك بعضا ممن يكثرون الشكوى والتمارض وقد يتعاطف معهم الآخرون أول الأمر حتى إذا اتضح أنهم مرضى بالوهم نفروا منهم، يرى علماء النفس أن التمارض العقلي يكون أحيانا مرتبطا بالحنان الزائد من الوالدين في فترة الطفولة ومن ثم تظل هذه الخاصية تنتاب صاحبها بين الحين والآخر، إن تعزيز الجانب العقلي يؤدي إلى تأصيل مفهوم الصحة فالارتباط العقلي الجسدي قوي جدا فكل منهما يؤثر في الآخر ولا يمكن لأحدهما الانفصال، المقولة الشهيرة من أن العقل السليم في الجسم السليم وتظهر أن للجسد قوة ديناميكية حيوية لها تأثير في العقل تعد صحيحة إلا أن الأبحاث العلمية أثبتت أن للعقل قوة أشد في التحكم بالجسد، الطبيب ابن سينا أشار إلى ذلك بقوله "مرض الإنسان وشفاؤه معقود بعقله"، وتشير الدراسات إلى أن نمط التفكير العقلي له انعكاس مباشر على كل من النفس والجسد، وقد اتضح أن كثيرا من المعمرين كانوا يحملون عقولا تنظر للخير قبل الشر وللسعادة قبل الشقاء، من الواجب نبذ الأفكار السلبية أيا كانت وإبدالها بأفكار إيجابية بناءة ينساب تأثيرها إلى الجسد فيعيش الإنسان حياة سعيدة ملؤها الأنس والبهجة والرضا، إن الاهتمام بالجسد أمر مطلوب شريطة ألا يكون ذلك على حساب العقل وإلا ستختل الموازين ولا تستقيم الحياة.
إنشرها