Author

أهمية التناغم مع الكون

|
أوجد الله سبحانه وتعالى الكون بما فيه من مخلوقات، كالإنس والجن والشجر والدواب والكواكب والجبال والبحار والأنهار، وغيرها. كل هذه المخلوقات منسجمة مع بعضها بعضا وبينها تناغم عجيب، وتشترك في أمور: منها أنها كلها تسجد لله. "ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب.. الآية". وأنها كلها تسبح لله. "وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم.. الآية). من هنا كان لزاما على الإنسان، وهو الذي استخلفه الله في الأرض، أن يكون حريصا كل الحرص على أن يحقق الانسجام والتناغم التام مع الكون الفسيح بكل مكوناته.
دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعر
أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
إنه من المسلم لنجاح أي علاقة بين طرفين، أن يكون هناك تناغم وتجانس ومحبة واحترام متبادل بينهما، وهذا الأمر ينطبق على علاقة الإنسان بالكون، فاحترام الإنسان لمكونات الكون المختلفة من حيوان وطير وبحار وغابات وغيرها مما يشكل البيئة الكونية برمتها، يعد أمرا لا غنى عنه إن أراد الإنسان أن يعيش بسلام وأمان في هذا الكون. وأي تقصير من جانب الإنسان في ذلك، مثل: تلويث البيئة أو الإضرار بها بأي شكل من الأشكال، يعد إخلالا بهذا التناغم الكوني وسينبني عليه تعريض البشرية بما فيها من كائنات حية لمخاطر كبيرة في مختلف المجالات. إن هذا الكون الفسيح الذي لا يمكن تخيل حدوده والذي وقف علماء الفلك حائرين أمام سعته وعظمته وانتهى تفكيرهم إلى أن لهذا الكون مدبرا واحدا يسير حركته بشكل دقيق ومتوازن لا يمكن للعقل البشري استيعاب قدرته سبحانه. وكل ما في الكون مرتبط بهذه الحركة، ومن ذلك الإنسان، سواء شعر بهذا الارتباط أم لم يشعر. يلحظ الإنسان مثلا، أن هذا النظام الكوني الدقيق تنتظم فيه الكواكب حول الشمس في مدارات محددة. والشمس نفسها تجري لمستقر لها لا تتخلف عنه يوما واحدا. والليل والنهار يتعاقبان بشكل منتظم دائم. "لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون"، إذن، الإنسان مطالب بعدم التمرد على هذا النظام، وإلا فإنه سيندم حين لا ينفع الندم.
إنشرها