الرعاية التلطيفية

الإنسان بحكم طبيعته البشرية معرض للأمراض التي قلما ينجو منها أي شخص. وقد حثت الشريعة على عدم التسخط أو الجزع من المرض، وإنما الصبر والاحتساب وطلب العلاج المشروع. ففي الحديث: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء". وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل على المريض قال، "لا بأس، طهور إن شاء الله". وكأنه بهذا يضع أساس ما يعرف حاليا بالرعاية التلطيفية، التي تعرفها منظمة الصحة العالمية WHO، بأنها مجموعة الجهود الطبية المقدمة من فريق متعدد الخبرات للمرضى الذين يواجهون أمراضا مزمنة، بهدف تحسين نوعية الحياة ورفع المعاناة عنهم وعن عائلاتهم، مع الأخذ في الحسبان الحاجات البدنية والنفسية والاجتماعية والروحانية. ولأهميتها فقد خصص لها يوم سمي بـ"اليوم العالمي للرعاية التلطيفية"، الذي يوافق التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام. فالرعاية التلطيفية تعد نوعا من أنواع الرعاية الصحية تهدف إلى تحسين جودة الحياة سواء للمرضى أنفسهم أو لأسرهم. ويقدم هذا النوع من المعالجة جنبا إلى جنب مع المعالجة الشافية أو غيرها من العلاجات التي يحتاج إليها المريض، ويتم توفيرها من قبل فريق صحي متكامل يشمل كلا من الأطباء والجهاز التمريضي وأخصائيي العلاج الطبيعي والوظيفي والتثقيف الصحي وأخصائيي الصيدلة السريرية والإخصائيين النفسيين. وتقدم الرعاية التلطيفية في العيادات الخارجية أو في الرعاية الصحية المنزلية أو في الوحدات المخصصة لها. ويؤكد المختصون أن هذا النوع من الرعاية لا يرتبط كما يتصور البعض بمرحلة نهاية الحياة أو بالأمراض المستعصية فقط، بل إنها تهتم بجودة الحياة والإسهام في ضمان نجاح العلاجات المستخدمة. تشير إحصائيات وزارة الصحة في المملكة إلى أن هناك 83 ألف مريض يحتاجون مثل هذه الرعاية سنويا، وتعد المملكة من أوائل الدول في الاهتمام بهذا النوع من الرعاية، إذ تضم خدمات وزارة الصحة 50 استشاريا متخصصا في الطب التلطيفي، و15 مركزا للسرطان تشتمل على أقسام الرعاية التلطيفية، إضافة إلى وجود 21 وحدة للرعاية التلطيفية في كل تجمع صحي. كما تم إنشاء جمعية خاصة سميت "جمعية الرعاية التلطيفية السعودية". كما استحدث برنامج معتمد للرعاية التلطيفية. إنه لمن المهم أن يتم ابتعاث وتدريب مزيد من المختصين في هذا المجال وأن يكون لخدماتها تغطية تأمينية وأن تطور التشريعات المتعلقة بدعمها لكونها أصبحت جزءا مهما من المنظومة الصحية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي