Author

أنديتنا الرياضية تستعد للخصخصة والاستثمار

|
في البدايات الأولى لتأسيس الأندية الرياضية كان تأثير الأندية في الدول هامشيا، لكن مع مرور الزمن تمكنت الأندية من ترسيخ علاقاتها الرياضية مع الدول الأخرى، وكذلك مع المنظمات الرياضية حتى أصبح هناك ما يعرف علميا باسم "علم العلاقات الرياضية الدولية" وبالنسبة إلى المملكة فقد بدأت العلاقة بين الحكومة والأندية الرياضية السعودية في 1373هـ/ 1953، وذلك من خلال قيام وزارة الداخلية بتأسيس أول جهاز رياضي حكومي باسم "الإدارة العامة للرياضة البدينة والكشافة"، لتنظيم الرياضة الأهلية وتأسيس المسابقات، ووضع خطط تطوير الأندية والإشراف على نشاطاتها.
وباشرت الحكومة هذه المهام بوضع أول نظام في تاريخ الأندية أسمته "نظام الرياضة العامة للتربية البدنية والكشافة".
ولقد سجلت الرياضة السعودية أول مشاركة خارجية لها في مسابقات كرة القدم في 1377هـ/ 1957 في الدورة العربية الثانية "أولمبياد العرب" التي أقيمت في بيروت في لبنان.
وفور عودة المنتخب السعودي من لبنان بدأت الإدارة العامة في 1377هـ/ 1957 تنفيذ المسابقات الرياضية المحلية، وهي، مسابقة كأس الملك، مسابقة كأس ولي العهد للوطنيين، ومسابقة كأس وزارة الداخلية لأندية الدرجة الثانية.
ثم اتسعت المشاركات لتشمل كثيرا من المسابقات العربية، والمسابقات الخليجية التي بدأت بمسابقة كأس الخليج لكرة القدم في 1970.
ثم اتسعت دوائر المشاركات الخارجية لتشمل الدورات الآسيوية التي بدأت بأولمبياد بانكوك في 1978، ثم كأس أمم آسيا في 1984، و1988 و1996 وكسب المنتخب السعودي بطولاتها الثلاث.
ثم اتسعت دوائر المشاركات السعودية في الأولمبياد وبطولات كرة القدم العالمية، وذلك بالاشتراك في الدورات الأولمبية التي كانت أولها المشاركة بلاعبين رياضيين في دورة ميونيخ 1972، ثم استمرت مشاركاتها في الدورات الأولمبية الصيفية بشكل منتظم.
ولقد راهنت المملكة على تنظيم المسابقات الرياضية العالمية مثل كأس العالم للشباب التي نظمت بطولتها الخامسة في العاصمة الرياض في 1989 وكأس العالم للقارات الذي بدأت تنظيمه في 1992.
ثم صعدت إلى مونديال كأس العالم لأول مرة في 1994 في الولايات المتحدة، وظلت تحجز مكانها الوثير في مونديالات كأس العالم لست مرات، وكان آخرها مونديال قطر في 2022.
وبعد النجاحات التي حققتها الأندية السعودية بدأت الأندية تكشف عن كثير من إمكاناتها الاقتصادية والاستثمارية، وبدأت وزارة الرياضة تتجه نحو البحث عن المزايا الاقتصادية التي تتميز بها أنديتنا السعودية حتى أعلنت الحكومة مشروعها الاقتصادي الهادف إلى تخصيص الأندية السعودية.
ولقد تأكد لوزارة الرياضة أن الأندية الرياضية أضحت موردا اقتصاديا مغريا، من الموارد التي تحتاج إلى التسويق الرياضي، والاستثمار الرياضي، كي تلعب دورا مؤثرا في تنمية السياحة الوطنية.
وقبل تنفيذ مشروع تخصيص الأندية باشرت الحكومة في 2020 دعم الأندية ماليا بما يصل إلى مبلغ 100 مليون ريال في العام الواحد لكل ناد، واشترطت وزارة الرياضة على كل ناد الحصول على شهادة الكفاءة المالية، التي تمنح للنادي مرتين في العام قبل فترتي تسجيل اللاعبين "الفترة الصيفية والفترة الشتوية"، بشرط أن تكون إيرادات النادي متوازنة مع مصروفاته، وملتزما بالوفاء بالتزاماته التعاقدية مع جميع الجهات.
ولقد حقق مشروع الدعم المالي للأندية نتائج إيجابية على مستوى الكرة السعودية، حيث استطاعت الأندية التعاقد مع مجموعة من كوكبة كرة القدم في العالم، كذلك اتجهت الأندية إلى التعاقد مع مديري مدارس كرة القدم في العالم، وأسفرت هذه السياسة عن تطور كبير في المستوى إلى درجة أن كبار المعلقين الرياضيين في العالم العربي منحوا دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين MBS لقب أقوى دوري في العالم العربي وفي القارة الآسيوية.
ولا شك أن بلوغ دوري MBS هذا المستوى في العالم العربي وفي القارة الآسيوية أعطاه زخما رياضيا وماليا واقتصاديا كبيرا، حيث زادت القيمة السوقية للدوري السعودي في صيف 2021 لتصل إلى 370،95 مليون يورو "نحو 435 مليون دولار"، وتعد هذه القيمة الأعلى في تاريخه، بارتفاع وصل إلى 23،6 في المائة مقارنة بالموسم الماضي، حيث كانت قيمة الدوري يومذاك 298 مليون يورو "نحو 349 مليون دولار".
وفي ضوء ذلك أصبح للدوري السعودي متابعون وجماهير غفيرة في كل أنحاء عالمنا العربي والآسيوي، وهناك أعداد كبيرة تتابع الدوري السعودي، وتتمتع بمشاهدة مبارياته وتتابع أخباره ونتائج مبارياته وسجالاته.
ولا شك فإن بلوغ الكرة السعودية هذا المستوى الرفيع جعلها تتقدم خطوات مهمة نحو زيادة المتابعين وزيادة ملحوظة في قيمته المالية والاقتصادية مقارنة بكل الأندية في العالم العربي وفي القارة السمراء.
ولهذا نستطيع القول، إن الاستثمار الآن في الأندية الرياضية السعودية أصبح مطمحا للمستثمرين سواء من عشاق الرياضة في منطقة الخليج أو عشاق الرياضة في قارة آسيا، وإن الأندية الرياضية في المملكة أصبحت مهيأة لتطبيق التخصيص الرياضي، وهي مرحلة اقتصادية تنتظر جميع الأندية السعودية.
ولا تفوتنا الإشارة إلى أن هناك دورا منتظرا سيقوم به صندوق الاستثمارات الذي باشر مشاريعه الاستثمارية في الأندية الرياضية بشراء نادي نيوكاسل البريطاني، وها هو النادي يأخذ مكانه في سباق الدوري الإنجليزي.
الخلاصة، إن الأندية الرياضية في المملكة لم تعد نشاطا رياضيا فحسب، بل هي نشاط رياضي تطوره وترسخه مجموعة مواد علمية مثل علم العلاقات العامة الرياضية الدولية، وعلم التسويق الرياضي، وعلم الاستثمار الرياضي، وعلم الاقتصاد الرياضي، ونؤكد أن هذه المواد العلمية كفيلة بدفع الرياضة في المملكة نحو مستقبل واعد وكبير.
إنشرها