Author

الحد من وصول التبرعات إلى غير مستحقيها

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

شهر رمضان هو شهر الجود والإنفاق في أوجه الخير الذي اعتاد كثير من أبناء المجتمع في كل عام على مضاعفة صدقاتهم وتبرعاتهم وإنفاقهم في سبل الخير في هذا الشهر بين تبرعات نقدية أو كسوة للأسر المحتاجة أو إطعام المحتاجين، وهذا أمر ظاهر في حجم التبرعات التي تقدم في كل شهر من خلال منصات التبرع الرسمية، إضافة إلى الجهود الحثيثة من المؤسسات الخيرية للاستفادة من الإقبال الكبير من قبل الأفراد للتبرع في أوجه الخير التي يعملون عليها، كما نلاحظ أن كثيرا من الأفراد يخصصون إخراج زكاة أموالهم في هذا الشهر الفضيل الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم وهو أجود الناس - أجود ما يكون في رمضان لما فيه من الأجر العظيم ومضاعفة للأجر والثواب، ولذلك نجد أن التسول يكون في أعلى نشاطه خلال هذا الشهر الفضيل ويستغرب من الطرق المختلفة التي يقوم بها المتسولون سواء المستحقون وهم ندرة أو الأشخاص الذين يستزيدون من التسول بغير وجه أو دون احتياج أو العصابات المنظمة التي تنشط بصورة كبيرة خلال هذا الشهر وهؤلاء خطرهم عظيم حيث يجندون ويستغلون الضعفاء من النساء والأطفال بصورة غير مشروعة للتسول والحصول على الأموال بوجه غير مشروع، ومع الأسف نجد أن هؤلاء يجنون كثيرا من الأموال كما هو مشاهد من حالات القبض التي تتم من بين حين وآخر للمتسولين الذين يملكون أموالا طائلة دون وجه حق ويستغلون طيبة البعض من خلال التظاهر بالحاجة أو العجز وهذه إشكالية تواجه المجتمع، كما أنها تحرم المستحقين الانتفاع من هذه الأموال التي يفترض أن تصل إليهم.
والسؤال هنا: لماذا تصل بعض هذه الأموال إلى هؤلاء المتسولين رغم الجهود الكبيرة من قبل المؤسسات الرسمية للحد من هذه الظاهرة؟ كما أنه لا توجد لدي معلومة بحجم البلاغات عن تلك الحالات التي تمارس التسول بشكل غير مشروع ومن غير استحقاق لهذه التبرعات، لكن فيما يظهر أنها نادرة باعتبار أنك تجد بعضهم يوجد في مواقع بصورة متكررة ويمارس التسول بطرق إما بالبيع المتنقل بشكل غير نظامي وإما بطلب المال بصورة مباشرة، ولذلك فإن هناك مجالات للمعالجة تبدأ بنشر الوعي الذي يتحقق معه التأكيد لدى المواطن والمقيم بأن التسول جريمة إذا كانت بغير حق من غير المستحق لأنه حصول على المال بصورة غير مشروعة.
في الجانب الآخر من المهم أن يكون هناك عمل على تنويع طرق الوصول إلى الأفراد، فمنصة إحسان لا شك أنها قدمت مشروعا فريدا شاملا كما أنها يمكن أن تكون منصة أكثر من وسيط بحيث تقيم أداء المؤسسات في الوصول إلى الأهداف المرجوة من عملها وتدعم من خلال رصيدها من المعلومات بمجالات الخير الأكثر حاجة وأثرا في المجتمع والأكثر أهمية بالنسبة إلى المتبرعين والمانحين، كما أنها تتميز أيضا بذكر تفاصيل تكون محل اهتمام للمتبرع بحالة الشخص الذي يريد التبرع له، وتسهيل عملية التبرع من خلال أدوات متنوعة مثل التبرع من خلال البطاقات الائتمانية المتنوعة ووسائل الدفع المختلفة مثل البطاقات الائتمانية ووسائل الدفع Apple pay، إضافة إلى وجود تطبيق خاص بالمنصة.
هناك مسألة مهمة ينبغي الاهتمام بها فيما يتعلق بالمنصة نفسها وهي جانب التسويق ومن المقترح أن تكون هناك نقاط تبرع على غرار أجهزة أبشر وأجهزة الصرف الآلي بغرض التسويق لمشاريعهم، وكما هو موجود هذا الخيار في بعض منصات المتاجر الإلكترونية يمكن أن يكون لها مواقع داخل المولات، كما يمكن أن يكون للمنصة حملات توعوية خلال فترات الشهر الكريم لتوعية المجتمع بهذه المنصة، وأن تكون متنوعة ومستمرة لترسيخ أن هذه المنصة هي المكان الموثوق للتبرعات والأنشطة الخيرية في المجتمع، كما يمكن الاستعانة بمجموعة من المتطوعين للوصول إلى المدارس والأماكن العامة لتوعية الناس بالمنصة والنتائج الباهرة التي حققتها وأثرها الفعلي في المجتمع فيما يتعلق بتغطية احتياج أعداد هائلة من المحتاجين والمساهمة في تخفيف معاناة المدينين من خلال منصة "فرجت".
فالخلاصة أن منظومة العمل الخيري والاجتماعي تطورت بشكل كبير وكلما كان التعامل معها أكبر وأكثر انتشارا في المجتمع أدى ذلك إلى محاربة التسول والجرائم الناتجة عنه بصورة كبيرة في المجتمع، ومنصة إحسان وغيرها من الجهات الموثوقة حققت إنجازا كبيرا في هذا الشأن وتحتاج إلى أن تستمر في مسألة التسويق والوصول إلى مختلف شرائح المجتمع لترسيخ أنها الجهات الموثوقة لتسلم تبرعاتهم وإيصالها إلى مستحقيها، وتحقيق أعلى درجات الكفاءة في تغطية احتياج المستحقين أيا كانت حاجتهم.

إنشرها