Author

الهروب من الواقع

|

قد يكون الواقع الذي يعيشه البعض صعبا أيا كان سبب تلك الصعوبة، فقد تكون ظروف الحياة هي السبب مع ما يصحبها من ضغوط نفسية وعصبية، وقد يكون ذلك عائدا للبيئة المحيطة مع ما فيها من مضايقات أو ملل، وقد يكون السبب هو الحصار التكنولوجي الذي أصبح يحيط بالناس إحاطة السوار بالمعصم، وقد ينتج ذلك عن صدمة عصبية مفاجئة نتيجة فشل دراسي أو تجاري أو فقد عزيز وغير ذلك من المسببات التي تدعو الإنسان إلى الهروب من واقعه. الهروب من الواقع ليس سيئا في حد ذاته إذا ما تم اختيار الوقت الملائم والطريقة المثلى لذلك. ويقصد بالطريقة المثلى تلك الطريقة التي لا يعقبها حسرة أو ندامة كمن يهرب من واقعه بصحبة رفقاء السوء، أو بتعاطي المسكرات، أو المخدرات ونحو ذلك. الحياة ليست طريقا مفروشا بالورد. فالحق -سبحانه وتعالى- يقرر "لقد خلقنا الإنسان في كبد". علماء الدراسات الاجتماعية وعلماء النفس يرون أن الهروب من الواقع هو إحدى الطرق المشروعة، على أن يسبق ذلك تأمل الإنسان في طبيعة مشكلاته التي يعانيها وهل يمكنه التحكم فيها وحلها دون اللجوء للهروب؟ طرق الهروب من الواقع كثيرة ومتباينة ولكل شخص أسلوبه الخاص فمن الناس من يهرب إلى النوم ليجد نفسه بعد الاستيقاظ وقد تبخرت همومه، ومنهم من يلجأ للسفر فتجده يحزم حقائبه في الشهر عدة مرات وليس المهم من وجهة نظره إلى أين؟ إنما المهم أن يسافر، فنجد البعض يهرب للبراري والقفار والبعض خارج المملكة وهناك من تكون الإنترنت أو الألعاب الإلكترونية وسيلته المفضلة للهروب من واقعه. وأيا كانت الطريقة، فإن الخطر يكمن في أن يصبح الهروب من الواقع عادة وليس أمرا طارئا. على حين أنه كان من المفترض قبل اللجوء للهروب أن تتم مواجهة النفس والنظر والتأمل بفكر هادئ وعقل منطقي في طبيعة المشكلات والاستعانة بمن يوثق في رأيه وحكمته للتخلص منها بأفضل الطرق. إن البشر بطبيعتهم معرضون للعثرات والمعوقات ما داموا على قيد الحياة، وهنا تظهر قوة الإرادة والشخصية الناجحة التي تستطيع أن ترصد هذه المشكلات ولا تستسلم لها. من المعلوم أن من خاف من شيء هرب منه، إلا الله سبحانه وتعالى فإنه من خاف منه هرب إليه "ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين".

إنشرها